تابعوا قناتنا على التلغرام
عربي ودولي

حرب روسيا و اوكرانيا التي اشتعلت بالفعل!!

وفي الموعد المحدد بدقة ، ووفق الخطة المقررة بالتفصيل، بدأت الحرب التي طال ترقبها، وإشتعلت الجبهة بالقصف الصاروخي والمدفعي، وبدأ تساقط الضحايا، ولو بأعداد لا تثير الإنتباه، وسجلت خسائر مادية لا تستحق الذكر.. حتى الآن.

الحرب التي إندلعت بالفعل منذ خمسة أيام، لم تحظ حتى الآن بالكثير من الاهتمام، ربما لأنها ما زالت تخالف التكهنات الجنونية المتداولة منذ نحو شهرين أو أكثر، والتي تدور حول يوم الآخرة، وما تحفظه ذاكرة الحرب الباردة، عن صواريخ نووية عابرة للقارات، تصيب واشنطن ونيويورك، من جهة، وموسكو وسان بطرسبورغ من جهة أخرى، وتكون إيذاناً بزوال الدولتين العظميين وفناء شعبيهما.. ومعهما بعض الدول والشعوب القريبة.

هذا السيناريو المرعب، لم يحصل في الحرب الباردة القرن الماضي، ولن يحصل في القرن الحالي، لأن أميركا وروسيا ليستا دولتين إنتحاريتين، ولأن الاميركيين والروس ليسوا مستعدين للشهادة.. وهم لا يشعرون هذه الايام بالحد الادنى من الخوف الذي شعر  به أسلافهم في القرن الماضي، عندما كان “اليوم التالي للمواجهة النووية”، مكوناً أساسياً في الخطاب السياسي والنتاج الثقافي والفني في البلدين. حتى الاوكرانيين لا يعيشون اليوم هواجس مثل هذه الحرب، مع أنهم هدفها وعنوانها الرئيسي.

ما زال الاميركيون والروس في حالة تعبئة، من الدرجة المتدنية جدا. هم يدركون جيداً أن الحرب التي بدأت بالفعل منذ أيام في اقليم دونباس في الشرق الاوكراني، يمكن ان تبقى هناك، بل ربما لن يسمح لها بأن تتخطى تلك المنطقة الحدودية الى عمق أوكرانيا. موسكو ليست في وارد الغزو، وهي لا تحتاجه، بل يمكن أن تكتفي بالعراضات والمناورات العسكرية الضخمة التي تجريها حالياً ، لكي تحقق أهدافها وتنال مكاسبها. وواشنطن ليست في وارد إرسال قواتها للدفاع عن العاصمة الاوكرانية كييف، التي أسقطها الرئيس جو بايدن في يد الروس من دون أن يرف له جفن !

لكن الحرب التي إشتعلت فعلاً، هي ككل حرب، تحتمل الكثير من المفاجآت: المعارك الدائرة في اقليم دونباس، هي المرحلة الاولى من الخطة المقررة من قبل الكرملين، والتي تتضمن اللجوء الى الكثير من التكتيكات والادوات، المؤدية الى فتح مفاوضات ثنائية مباشرة بين الجانبين الاميركي والروسي، تضمن تفادي التفكير في مواجهة مباشرة بين جيشي البلدين. ولدى البلدين الكثير من الحلفاء والشركاء والمرتزقة المستعدين لخوض تلك الحرب الهادفة في نهاية المطاف الى تعديل موازين القوى الاوروبية، والعالمية، وتحديد مواقع ومصالح الاميركيين والروس بشكل أكثر دقة وأبعد مدى من تلك التي رسمت في أعقاب تفكك الاتحاد السوفياتي.

كما أن هذه الحرب التي تتصاعد أخبارها يومياً،  هي ككل حرب، تحتمل الكثير من الاخطاء، في التنفيذ والتقدير والمهل الزمنية.. ما يمكن أن يؤدي الى توسيع رقعة القتال، بحيث يشمل المزيد من الاراضي الاوكرانية، ويمتد الى جميع بقع الانتشار العسكري الروسي، والتمركز العسكري الاميركي والاطلسي، سواء في أوروبا أو في بقية أنحاء العالم، حيث يمكن أن تتعرض القوات والقواعد العسكرية للجانبين الى ضربات متبادلة تنفذها قوى وشبكات جاهزة للقيام بدور البدلاء للجنود الروس والاميركيين.

أصداء هذه الضربات، ستكون مسموعة في كل مكان، لا سيما في المشرق العربي، حيث تكاد تنعدم المسافات بين القوات الاميركية والروسية، وتكاد تزول المنافسات بينهما، منذ أن تلقى الروس أكثر من هدية من الاميركيين.. أهمها سوريا، التي تبدو هذه الايام بمثابة جبهة خلفية هادئة، لتلك الحرب التي تدور معاركها الآن على الاراضي الاوكرانية.

هي حرب باردة ثانية، تلك التي بدأت للتو، ويمكن أن تستمر لنصف قرن أيضاً.  العودة الى سجلات وذكريات الحرب الاولى، سيكون مفيداً، لكنه قد لا يكون كافياً.

المصدر :
المدن

Journalist
Author: Journalist

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى