تابعوا قناتنا على التلغرام
مقالات مختارة

خطّة 2030 الروسية: المُسيّرات “قِبلة” الحروب الحديثة

نبيل الجبيلي نقلاً عن “عربي 21”

دخلت الحرب الروسية – الأوكرانية مع بداية العام الجديد مرحلة أخرى على مستوى التسليح، وبالأخص في مجال صناعة المسيرات، حيث وضعت روسيا خطّة من أجل إنتاج أكثر من 32 ألف مسيرة سنويا بحلول عام 2030، باعتبار هذا السلاح “حصانا رابحا” في كل الحروب المستقبلية الحديثة حول العالم.

الغرب يتحسّس خطرَ المسيرات

فقد أعربت صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أيام، عن اعتقادها بأنّ الدبابات والمدرعات الغربية “باهظة الثمن”، تبدو ضعيفة ولا تُظهر فعالية بمواجهة المسيرات الروسية “رخيصة التكلفة”. كما كشفت الصحيفة الأمريكية الشهيرة في تقرير، أنّ المعارك باستخدام تلك المسيرات قد “غيّرت وجهَ الحرب” في شكلها الحديث، وذلك بعد أن بدأت تلك المسيرات بإنزال خسائر “مميتة” بواحدة من أبرز رموز القوة العسكرية الأمريكية، أي الدبابات.. وهو ما يهدّد بتغيير النهج المتبع في استخدام تلك الدبابات في أيّ حرب مستقبلية حول العالم!

أمّا المتخصص في الشؤون الدفاعية بمعهد هدسون الأمريكي للدراسات، كان كاسابوغلو، فاعتبر أنّ تدمير واحدة من أقوى الدبابات في العالم (Abrams) بواسطة تفجير مسيّرة بات أمرا ممكنا، بل أكثر سهولة مما كان يفترض بعض الخبراء العسكريين الأمريكيين. وهذا بدوره يشير، بحسب كاسابوغلو، إلى “حدوث تغيّر جوهريّ في طبيعة الحرب الحديثة”.

وفي السابق، غالبا ما كانت الألغام والعبوات الناسفة والصواريخ والقذائف الموجهة تستخدم ضد الدبابات، وذلك بنسبة 90 في المئة، ولكن الواقع الحالي يشير إلى أنّ المسيرات باتت أكثر دقة! ويمكن أن تكلف المسيّرة ما يصل إلى نحو ألف دولار أمريكي، وهو مبلغ بخس جدا مقارنة بثمن دبابة أمريكية من نوع “أبرامز” التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار.

خطّة 2030 الروسية

وبدأت الطائرات الروسية تثير اهتمام المراقبين الغربيينيأتي التوجه الروسي الجديد، ضمن استراتيجية ضمان السيطرة على مهمات الاستطلاع والتجسس والرصد والاستهداف، كما تخطط موسكو من خلال ذلك، ليحتلّ إنتاجها المحلي لتلك المسيّرات بنسبة 70 في المئة، وهو ما هذا يزيد عن حجم الإنتاج الحالي بنحو 3 أضعاف تقريبا، خصوصا مع إعلان روسيا عن خطة 2030 للتحوّل إلى المصدر الأول لهذا النوع من المسيرات في العالم.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، إنّ المسيرات الروسية “لانسيت”، قد أحدثت “ثورة” خلال الصراع في أوكرانيا، مؤكدا أنّ موسكو لم تسلم حتى الآن مثل هذه الطائرات المسيرة لأيّ أحد، بينما أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أنّه سيتم إنشاء مركزَ أبحاث وإنتاج للمسيرات والأنظمة الروبوتية الحديثة، يتّبع مباشرة لوزارة الدفاع الروسية.

وعشية هذا التصريح، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان قبل أيام، إنّ الوزير شويغو تفقد خطّ إنتاج المسيرات في منطقة موسكو العسكرية، وأنّ هذا المركز سيكون بمنزلة “رابط موحد” لمختلف المؤسسات والمختبرات ومكاتب التصميم المشاركة في تطوير وإنتاج المسيرات والأسلحة المتقدمة، كاشفة أنّ كل المسيرات التي عُرضت على شويغو خلال زيارته المركز، منتجة من مواد وقطع روسية محلية.. وهو ما سيسمح لموسكو بـ”الانتقال إلى الإنتاج التجاري لهذه المسيرات في أقصر وقت ممكن”.

ونوهت الشركة المنتجة التي زارها شويغو، باستعدادها لإنتاج أكثر من 30 قطعة من المسيرات المروحية شهريا، وكذلك مسيّرات أخرى تتراوح حمولتها بين 10 و200 كلغم من المتفجرات، وتتمتع بقدرة عالية في مجال مكافحة التشويش لقنوات التحكم ونقل البيانات.

استراتيجية السيطرة والتحكم

ويشمل المشروع الروسي تمويل إنتاج المسيرات بميزانية، يقدّرها الخبراء بنحو 8 مليارات دولار، بحلول العام 2030. وهذا ما يزيد من قدرة روسيا على مراقبة وحماية كل حدودها الشاسعة مع جيرانها، لا سيما دول حلف شمالي الأطلسي (الناتو)، التي يصل طولها إلى 2600 كيلومتر، من دون نفقات عسكرية ودوريات جوية واسعة.

بذلك، سوف يضمن الجيش الروسي الفوز بكل الجولات التي خاضها أو يستعد لها من أجل مواجهة الهجمات الغربية. أي أنّ الاهتمام الروسي سيكون في الفترة المقبلة منصبا على التصدي للمخاطر المقبلة في ظل وجود العديد من بؤر التوتر والعداء الواسع مع دول حلف “الناتو”، وحتى مع الدول التي كانت تنتهج الحياد في صراع موسكو والغرب مثل السويد وفنلندا.

روسيا: الأكثر استعدادا لريادة هذه الصناعة

أمّا أسباب لجوء روسيا إلى إنتاج هذا العدد الضخم من المسيرات فيعود إلى العوامل التالية:

  • اعتماد روسيا على المسيّرات الخفيفة، وحاملات الذخائر الجوالة لأنّها تمنح الجيش المزيد من الحرية والسهولة في الاستهداف، بتكلفة تراوح بين 20 و50 ألف دولار للمسيّرة الواحدة.
  • التوسع في “توطين” صناعة المسيرات، هو ردّ روسي منطقيّ وطبيعيّ على فرض الولايات المتحدة عقوبات على نحو 10 شركات روسية تمدّ القوات المسلحة الروسية بالمسيرات، وعلى 120 كيانا في كلّ الصين وتركيا ودول أخرى، بتهمة توريد مكونات تدخل في صناعة المسيّرات الروسية، وهو ما يحفز موسكو على الاعتماد على ذاتها في امتلاك زمام إنتاج هذا السلاح الرابح زهيد التكلفة، مقارنة بفعاليته.
  • القوة التي أظهرتها المسيرات الروسية، ودورها في التصدي للدبابات الغربية المتطورة، مثل “تشالنجر” و”ليوبارد” و”أبرامز”، جعلت تدمير كل الأسلحة الغربية التي يقاتل بها الجيش الأوكراني على خطوط المواجهة أمرا سهلا.
  • الطبيعة الجغرافية والجوية لدول الشمال في العالم (روسيا ضمنا)، حيث الشتاء قارس البرودة، تفرض أهمية المسيرات في ظل حالة الجمود على خطوط القتال بأوقات كثيرة، وذلك لصعوبة تحرك الآليات العسكرية الثقيلة، من دبابات ومجنزرات وناقلات جند.

إذا، على مدى ما يزيد على سنتين، استطاعت روسيا أن تحقق نجاحات كبيرة بفضل هذا السلاح الفتاك، الذي أصبح الجيش الروسي يستخدمه بشكل كثيف في العمليات القتالية في أوكرانيا، وذلك في سابقة جديدة حول العالم، خصوصا ضدّ الخنادق والتمركزات المخفية للجيش الأوكراني وأرتال الدبابات.. ما جعل سلاح المسيرات سلاحا واعدا قد ينقل روسيا إلى مصاف “الريادة” في صناعة وتصدير هذا السلاح، الذي سيزيد الطلب عليه في ظلّ عالم متعدّد النزاعات ومتفجّر.

Reporter2
Author: Reporter2

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى