عون: دعوت المتظاهرين للتحاور ولم اتلق جوابا… الاستشارات النيابية قد تحدد في اليومين المقبلين
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال لقاء تلفزيوني شامل، حيث حاوره الزميلان سامي كليب ونقولا ناصيف في قصر بعبدا “أن الحراك الشعبي بدأ بمطالب اقتصادية ضد الضرائب المفروضة على المجتمع اللبناني، ثم اتخذت منحى سياسيا”.
وقال:” أنا ارى أنه من الطبيعي ان يحصل هذا الامر عندما تكون الثقة مفقودة بين الشعب والحكومة وبالتأكيد سيطلب الشعب أيضا حصول تغيير حكومي، فتستمع الحكومة الجديدة لمطالبه وتنفذها. وطبعا هذه المطالب محقة، ولذلك لقد تجاوبت معها شخصيا ووجهت للمتظاهرين نداء وقلت لهم أننا سمعنا هذه المطالب وهي محقة وهي مطالبي الشخصية ودعوتهم ايضا الى التفاهم سويا واللقاء كي نتحاور حول الموضوع، ولكنني لم أتلق جوابا.”
واشار الرئيس عون ردا على سؤال الى وجود مجتمع سياسي متناقض، لافتا الى أنه من غير الممكن الانتقال من مجتمع متناقض الى تناقضات جديدة. “فنحن بحاجة الى مجتمع منسجم لوضع خطة معينة للتنفيذ. ومن ضمن هذه الخطة، هناك مطالب ايجابية للشعب يجب تلبيتها، وهناك امور سلبية كالفساد، يجب محاربتها.” ولفت الى مواقفه التي هي منسجمة مع مطالب الحراك، وقال: “مواقفي ترددت في التظاهرات ليس بالتعابير التي استعملت، بل بنفس المعنى وقلتها في خطابات رسمية وبحضور الحكومة وذلك عن فقدان الثقة وعن استعادة المال العام ومكافحة الفساد. وهذه المواضيع ليست بغريبة عني. واذا كان لا يوجد من يحاور المعتصمين والمتظاهرين فمع من سيتحاورون؟
وردا على سؤال قال الرئيس عون:” أنا لم أصل الى موقع الرئاسة إلا لأبني دولة، أنا لا ابحث الآن عن مستقبل، فمستقبلي بات ورائي ولا ابغي تحصيل أمور مادية. تاريخي النضالي كلفني 15 عاما خارج مجتمعي من أجل الحرية والسيادة والاستقلال. والمرحلة الآن هي مرحلة بناء الدولة والاقتصاد ولكن لم يكن هناك تجاوبا معي. والذي قلته بمناسبة انتخابي في خطابي في 31 تشرين الثاني كنت أرغب في توسيعه لولا الظروف التي طرأت والخلل الاجتماعي الذي حصل.”
وتابع رئيس الجمهورية:” دعوت المتظاهرين مرات ثلاث الى توحيد الساحات، والعمل سويا وبجهد كبير لتحقيق اصلاحات، كما دعوتهم الى البقاء في الساحات كي يساعدونني في هذا المجال، لأن الاصلاحات التي يريدونها هي صعبة المنال في مجتمع كالمجتمع اللبناني. ولم ألق أي تجاوب، فأي مرجعية يريدون ان يتحاوروا معها؟ وعلينا سوياً البدء بعمل ايجابي.
واضاف:”ما اقوله للشعب اليوم قلته سابقاً في 14 ايار 2019، خلال افطار شهر رمضان، بحضور رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب وغيرهم من المسؤولين والشخصيات، وقد تحدثت حينها منتقداً الفساد، وقلت ان الشعب فقد الثقة بكم، فماذا ستفعلون لإعادة كسب ثقته وردّ المواطنين الى الوطن، لأنهم سيتركون الوطن جراء هذا الاهمال. فأنا لدي الادراك ولكنني لا املك السلطة، فسلطتي تأتي من الشعب، ولكنني مكبّل بتناقضات الحكم والمجتمع والخلايا الفاسدة أيضا مطوقة من قبل قوى تابعة لهم. وقد نهض الشعب الآن وأصبح هناك مرتكزا لفرض الإصلاحات.”
وردا على سؤال حول عدم تجاوب الناس مع خطابات المسؤولين بسبب المعاناة من الفقر والفساد والضرائب، وماذا الذي يمكن ان يفعله رئيس الجمهورية ليطمئنهم كي يعودوا الى بيوتهم، اجاب انه ” علينا ان نكون اصحاب ثقة لدى الناس. فالثقة فقدت، وعلينا ان نستردها، وهذا الامر يستغرق وقتا، ليتأكد الناس ان هناك عملا يجري بحسب خريطة الطريق التي رسمناها. علينا ان نبدأ بمعرفة ما يمكننا عمله وما لا يمكننا تحقيقه. وتحديد المراحل يتم مع الشعب الذي يرفع مطالبه الآن، ويجب ان تأتي مواقف الحكومة التي سيتم تأليفها منسجمة مع هذه المطالب”.
واضاف:” لدينا الآن شعارات فقط، مثل “كلكن يعني كلكن”، وهذا خطأ استعمله الناس ويطال الجميع، مما يعني انه ليس هناك اشخاص شرفاء، لا نحن ولا غيرنا، وهذا غير صحيح. فاذا لم يكن هناك شرفاء، واشخاص لديهم وعي بالمشاكل التي تعترضنا، فكيف بامكاننا تحقيق الاصلاح؟ لدينا “اوادم” واشخاص كفؤون ولديهم كل الصفات كي يتمكنوا من النهوض بالمجتمع والوطن”.
وسئل عن الخطة التنفيذية التي لديه، فأوضح أن هناك ثلاث نقاط. الاولى هي محاربة الفساد، الثانية هي الوضع الاقتصادي، والثالثة هي العمل للوصول الى مجتمع مدني. وهذه النقاط تشكل برنامجا لبناء الدولة.
وعن الطريقة التي يمكن بها لرئيس الجمهورية ان يستثمر الوحدة غير المألوفة التي ظهرت عبر الحراك في الشارع، أكد ان ذلك يتم “بتأليف حكومة يكون له رأي فيها وتكون مناسبة، وتريد ان تحارب الفساد ولديها الجرأة للقيام بهذا العمل، وتعتمد خطة اقتصادية، وتحضر المجتمع المدني بشكل اوسع، وهذا يحتاج الى عمل دؤوب ومدة زمنية لا نعرف كم تستغرق، لأن الامر يحتاج الى تغيير تقاليد وعادات ودمج للمجتمع بعضه مع البعض الآخر مع القبول بهذا الدمج” .
وسئل: هل صحيح ان المشاورات النيابية قد تتم يوم غد الخميس او الجمعة؟ فقال: “هذا صحيح، ولكننا ما زلنا بحاجة الى تلقي بعض الاجوبة من المعنيين، واذا لم تأت هذه الاجابات قد يحتاج الامر الى بضعة ايام اخرى لتحديد المشاورات. ذللنا الكثير من الصعوبات ووصلنا الى النقاط الاخيرة، لأننا نريد الوصول الى حكومة منسجمة وليس الى حكومة متفرقة”.
وعن مصير ملفات الفساد السبعة عشرة التي تقدم بها الى القضاء، والتي خلقت تشكيكا لدى الناس بالقضاء، لفت الى ان التشكلية القضائية التي كانت قائمة كانت معتادة على نمط قديم في العمل بمساوئه وحسناته. وقال :” عمدنا اولاً الى تغيير في المراكز الاساسية واخترنا اشخاصا موثوقا بهم، ولاقت هذه الخطوة ترحيبا. وهم يتولون اليوم اجراء التشكيلات الجديدة وتغيير المراكز كي يصبح القضاء منسجما اكثر مع بعضه البعض. وهناك دراسات ايضا لتحسين النظام الداخلي للقضاء، وسير المحاكمات. هناك خطوات يمكن تحقيقها لاختصار الوقت بين الدعوى واصدار الحكم”.
وحول الضغوطات السياسية التاريخية والمستمرة التي ادت الى شل القضاء، اشار رئيس الجمهورية الى انه كلف احد المحامين رسميا لمتابعة مصير ملفات الفساد التي تقدم بها الى القضاء، “وهذا شيء مؤسف، فأنا لا يمكنني ان اعمل مخلص معاملات، وقد اضطررت الى فعل ذلك لاطلع شخصيا على وضع القضاء. فهناك مثلاً دعوى متعلقة بالمدير السابق لكازينو لبنان، الذي تحول الى المحكمة بعد التحقيق معه، وذلك منذ تسلمي مسؤولياتي قبل ثلاث سنوات وتعييني مديرا جديدا للكازينو. والى اليوم ما زلنا في مرحلة الدفوع” .
واضاف: “انا مدرك للتشكيك بجدية القضاء. عندما انتخبت رئيسا، اول امر حققناه هو تثبيت الامن والاستقرار، لأنه بدونهما لا يمكننا بناء اي شيء في البلد. وبدأنا بالبناء على هذه الركيزة، ان كان عبر اجراء تشكيلات في المؤسسات التي كانت مخلعة او اقرار قانون انتخاب جديد، وغير ذلك. اليوم نريد تحسين الموجود. استدعيت المجلس الاعلى للقضاء، وسألتهم لماذا لم تنجز التشكيلات، فقيل لي ان هناك مسؤولين كبيرين في الدولة على خلاف مع بعضهما حول الموضوع، مما حال دون اتمامها. فقلت لهم انتم لستم سياسيين لتحلوا المشاكل مع السياسيين، انتم قضاة، وعليكم اجراء التشكيلات بحسب الكفاءة والاخلاق، ورفعها الى وزير العدل، الذي عليه هو حل المشكلة السياسية في حال وجودها وليس انتم. ليس المطلوب منكم ان تذهبوا الى اي مسؤول كان، وانا سقفكم الفولاذي، وفي حال لم يتمكن احدكم من تحمل الضغط الذي يمارس عليه، فلينقل المشكلة إليَّ، وهذا ما تعمم على جميع القضاة. ولكن هناك اهتراء معين غير قابل للاصلاح، واليوم سنصلحه بعدما اكتشفاه، وهذا عمل دائم ومتواصل”.
وردا على سؤال حول ما اذا كان هناك سقف ادنى من سقف رئيس الجمهورية تمثله الحمايات والمحميات السياسية او المرجعيات الاخرى يمنع القضاة من “التنظيف” والاحتكام الى رئيس الجمهورية، اجاب الرئيس عون: “بالتأكيد، فالسبب الاول في فساد القضاء هو التدخل السياسي، لا بل كان القضاة احيانا يكافأون على هذا الفساد الذي كانوا يخدمون من خلاله السياسيين”. وقال “لقد ضمنت برنامجي الانتخابي في العام 2009 هذه الموضوعات في صفحة واحدة ووصفت الوضع كما الحل له “.
وردا على سؤال حول ما اذا كنا الان بصدد تشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة تكنوقراط او حكومة تكنوسياسية، اجاب رئيس الجمهورية: “انا من الذين سيكافحون من اجل للعودة الى النظام الاكثري في التشريع، على ان تحفظ الميثاقية في ما هو عائد لحقوق الطوائف حسب نظامنا الدستوري ووفق ما ينص عليه الدستور. وهذا امر اساسي نتمناه من اجل الانتظام في العمل السياسي، حيث يكون هناك من يشرع ويراقب وقضاء يحاسب. ويتم الحفاظ على استقلالية القضاء وحرية المجلس النيابي، هذه هي الاصول وهذا ما يجب ان يطبق.”
وسئل عما اذا سيعود الى الحكومة العتيدة من كان في الحكومة السابقة وفي مقدمهم وزير الخارجية جبران باسيل، اجاب الرئيس عون: “لماذا سألت بشكل محدد عن الوزير جبران باسيل؟ هو من يقرر اذا ما اراد ان يكون في الحكومة ام لا. بالاساس وفي الحكومة المستقيلة، لم تكن لديه رغبة في ان يكون فيها، كي ينصرف الى عمله السياسي ويبقى على حدة. لكن الظروف التي طرأت اجبرته على ان يكون وزيرا للخارجية. وهو الان يقدر ظروفه اذا ما اراد الدخول الى الحكومة ام لا. ولا يمكن لاحد منعه من هذا الحق، او ان يضع فيتو على رئيس اكبر كتلة نيابية في نظام ديموقراطي.”
وردا على سؤال حول اي صدمة يمكن ان تحدثها الحكومة المقبلة لكي يقتنع الناس بأن امرا جديدا حصل في البلد، اجاب الرئيس عون: “لا نقدر ان نشكّل حكومة صدمة. هناك مجلس نيابي من جهة، ومن سيقوم بالعمل السياسي من جهة ثانية؟ ان حكومة تكنوقراط صرف لا يمكنها ان تحدد سياسة البلد، بل الافضل ان تكون مناصفة.”
وردا على سؤال حوال عدم خروج الناس من الشارع اذا ما عدنا الى حكومة على شكل تلك التي كانت قائمةن اجاب: “لن نعيد حكومة كتلك التي كانت، ولا بنفس الشروط التي قامت على اساسها. اذا لم تكن الحكومة تكنوسياسية فلن تتمتع بغطاء ولا يمكنها ان تعطي البعد السياسي للبرلمان طالما انها لا تملك الصفة التمثيلية الشعبية ولا متابعة لكافة علاقاتنا بالعالم الخارجي. علينا ان نعود الى وزراء قد يكونوا في الحكومة السابقة وقد لا يكونوا فيها. ولكن انا لدي مبدأ يقوم على انني احب الا يكونوا من داخل البرلمان. ولكن لست انا من يقرر في النتيجة. هذه فقط رغبتي.”
وسئل رئيس الجمهورية عما اذا كان الرئيس سعد الحريري سيكون حكما هو الرئيس المقبل للحكومة ام هناك من خيارات اخرى، فاجاب: “قبل ان تحصل الاستشارات النيابية لا يمكنني ان اجيبك على هذا السؤال. قد يكون هو بتأييد نحو 100 صوت ربما، ويمكن الا يكون هو. انا لا يمكنني ان احدد اذا ما سيكون هو رئيس الحكومة المقبل ام لا.”
وسئل عما اذا كان الرئيس الحريري لا يزال يتمنع في ان يكون رئيسا للحكومة المقبلة، وهل يشعر بأن لديه اسبابا تجعله يتردد في ان يتحمل هذه المسؤولية، اجاب: “اكيد ان لديه اسبابا شخصية لأن ما من احد يتنكر له.”
وسئل عما اذا اذا كان الرئيس الحريري سيُعطى حق تسمية الشخصية التي تخلفه اذا ما اصر على الاحجام عن العودة الى السراي، اجاب: “اسمح لنا بذلك، عندما يحصل الامر نخبركم به.”
وسئل كذلك عما اذا كان الامر لم يحسم بعد في ان يكون الرئيس المقبل للحكومة هو الرئيس الحريري، اجاب: “حتى الان، الامر هو كذلك.”
وردا على مطالبة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في ان يكون الوزراء في الحكومة العتيدة فقط من التكنوقراط المستقلين، اجاب الرئيس عون: “من اين سيبحث عنهم؟ هل في القمر؟ هل هناك من لبناني لا ينتخب، او ليس لديه انتماء سياسي؟ فكيف يكونوا مستقلين تماما؟”
وسئل الرئيس عون لماذا تأخرت الاستشارات النيابية، وما صحة القول ان رئيس الجمهورية مهتم بالتأليف قبل التكليف بينما الآلية الدستورية هي في ان نذهب الى التكليف ثم التأليف، وهل السبب هو ممارسة الرئيس المكلف لنوع من الابتزاز على رئيس الجمهورية والقوى السياسية ربما، وهل المطلوب الاتفاق على التأليف ومن ثم التكليف، فاجاب: “انت قلت الامر مع الاسباب العائدة له. إن القضية تفلت من ايدينا، وقد حصل ذلك في السابق. واساسا هناك حد ادنى من النقاط يجب بحثها مع رئيس الحكومة المكلف كي لا نخرج بعقدة لا تُحل بعدها. والامر ليس بالسهولة التي يتصورها الناس: روحي حكومة وتعي حكومة!”
وردا على سؤال عما اذا كانت هناك من اسباب خارجية تدفع رئيس الحكومة الى التردد، كما دفعت البعض الى القول ان ما يحصل في لبنان ربما وراءه اسباب خارجية، اجاب: “الاسباب الخارجية يعرفها اصحاب العلاقة، اذا ما كانوا عرضة لضغوط معينة ام للتشجيع. انا لا اعرف ماذا هناك في ضميرهم، انما استشف احيانا ما هو الموقف، ولكن لا يحق لي ان اقوله لأن هذا هو تقديري.”
واوضح انه التقى الرئيس الحريري وجلس واياه ووجده مترددا بين “النعم” و”اللا”. بعد ذلك لا اعرف عما اذا كان الآن يتردد ام انه لم يعط بعد اي جواب.”
واكد الرئيس عون ردا على سؤال، انه موافق على كل مطالب الحراك المعيشية والحياتية والاقتصادية والعناوين المناهضة للفساد.
وعن الجوانب السياسية المرتبطة بالحراك واذا ما كان هناك من حاول الانقلاب على العهد، اجاب الرئيس عون: “لا، هناك دائما متطرفون ولكن اذا انقلبوا على العهد فـ”لعوض بسلامتكم” فمن سيعود ويجمع البلد فيما بعد”؟ مؤكدا ثقته باهل الحراك “فهم مواطنون تعذبوا ولطالما كنت افتش عنهم وسيكتشفون ذلك اذا ما قرأوا الامور جيدا”.
وعن الدعم الخارجي الذي يحظى به الافرقاء اللبنانيون وسبل اعادة ثقة المواطنين، اوضح الرئيس عون “اني وامام كل اللبنانيين والعالم كله اؤكد اني لست مديونا لاحد الا لمن دعمني من اللبنانيين”، مذكرا “لقد استغرق انتخابي رئيسا للجمهورية سنتين ونصف، لانني لم انتسب لاحد، واللبنانيون هم من انتخبني ولم يتم الامر بدعم دولي مطلقا. لقد انتخبت وقبلوا بي لانهم قدروا انه بامكاني جمع اللبنانيين وقد عشتم تلك المرحلة جميعا حيث كانت هناك خصومات وانقسام سياسي في البلاد.فوحدت اللبنانيين في حكومة واحدة تميزت بالتعاون رغم وجود الخلل. وكان هدفي جمع الشعب اللبناني لا بل ان مشهد الحراك اليوم يدل على انه صارت هناك وحدة وطنية”.
واضاف رئيس الجمهورية: “لربما سببت لي استقلاليتي مشاكل مختلفة، ففي الجامعة العربية والامم المتحدة كنت مستقلا وشجعت في كل مواقفي على ان يكون لبنان موجودا في العالم بشخصه، وقد كان هناك اختلاف بين موقفي ومواقف بعض الوزراء واعتقد ان هذا ما اوصل الى ما نحن عليه”.
وردا على سؤال اذا ما كان يلقي المسؤولية على الطرف الاخر، وعن تفسيره لرفع شعار بعض الحراك ضده، اجاب الرئيس عون: “اني لا ابرىء نفسي من المسؤولية طالما انا رئيس للجمهورية، كما ان لدي عجزا ولست قادرا على فرض الامور نسبة لصلاحياتي، فنظامنا التوافقي في مجلس الوزراء يشل الحركة لانه لا يعطي هامشا كبيرا للعمل”.
وعما اذا كان يجب تغيير النطام، اجاب الرئيس عون:” لا بل تعديله ذلك انه بالاصل يتخذ القرار بالاكثرية الا انه دخل عليه تقليد اضافي بعدم اللجوء الى التصويت واتخاذ القرارات بالتوافق. وهذا ما يجب ان يزول بداية في مجلس الوزراء فالتوافق يتم على الامور الميثاقية وحقوق الطوائف المنصوص عنها في الدستور، وخلاف ذلك يجب ان تتخذ القرارات بشأنه بالاكثرية، ويجب ان تكون هناك معارضة في الحكم والمجلس واناس يعملون كي تكون هناك رقابة. لكن عندما يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية يمتنع عندها احد عن انتقاد الاخر ويلجأ الجميع الى الدفاع عن نفسه. من هنا كان هناك عجز عن التنفيذ لانتفاء القدرة على ذلك”.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ردا على سؤال أن “حزب الله” ملتزم بتطبيق القرار 1701 ولم يطلق رصاصة واحدة ضد اسرائيل، وهو لا يتدخل في المواضيع الداخلية، وما فرض على حزب الله عبر الحصار المالي فرض على كل اللبنانيين.
وشدد الرئيس عون على ان في عهده لن يحصل اي اصطدام داخلي بين اللبنانيين ولن تقع حرب أهلية. وقد انتخب رئيسا للجمهورية نتيجة اتفاق فريقين مختلفين في السياسة على وحدة لبنان وعلى التعاون”.
وقال:” إذا كان المقصود حصول صدام بين اللبنانيين، فأنا لن اسمح بذلك. أما إذا كان القصد ان يبقى الوضع على الحدود ثابتا، كما في الداخل ايضا، فأنا لا اقبل بأكثر او أقل من ذلك”.
وردا على سؤال عن البيان الوزاري للحكومة الجديدة، اشار الرئيس عون الى أن لدينا أوراقا نبحثها أفضل من التي قدمها الرئيس الحريري في مهلة الـ72 ساعة، لافتا في الوقت ذاته الى وجود نقاط مشتركة.
وعن موقف المجتمع الدولي من تمثيل حزب الله في الحكومة، اشار رئيس الجمهورية الى “أن حزب الله يدافع عن نفسه لأنه موجود. ولا يمكن أن يفرض أحد علينا استبعاد حزب يشكل على الاقل ثلث الشعب اللبناني. وأنا اقول لا تعتدوا علينا ونحن بالتالي لا نعتدي على أحد.”
وفي ما خص ما طرحه امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، اي الذهاب الى معادلات اخرى، لمواجهة الحصار المالي كالتعاون مع الصين وروسيا، رأى الرئيس عون ان هذا الطرح هو “اقتراح وليس خيار بالنسبة الينا بعد”.
وردا على سؤال عن الاستراتيجية الدفاعية، سأل الرئيس عون “ضد من يجب أن أحدد استراتيجية الدفاع، فروسيا واميركا والصين واسرائيل جميعهم هنا. فمن هو حليفي وأنا بلد صغير؟ “
ولفت الى ان “ما يطلب من لبنان امور لا يمكنه القيام بها، وتعجيزية وغير مقبولة.”
وأوضح رئيس الجمهورية أن لبنان يتعرض لحرب من نوع جديدة. مشيرا الى “أن اساليب الحرب تغيرت، فأصبح هناك حروب حديثة وتصنيف جديد للحروب. فكانوا قديما يحاربون بسواعدهم والسيف والترس ثم تطورت الاسلحة. وعندما وجدوا ان هذه الوسائل اصبحت متعبة انسانيا وماديا تحولت الحروب في الجيل الرابع الى الاعلام والاخبار والرأي العام وشاشات التلفزة التي تنقل الاحداث بشكل متواصل من الشارع”.
وقال الرئيس عون: “إن وسائل الاعلام ومنذ ثلاث سنوات تتحدث عن انهيار الدولة ماليا وعن غير ذلك، ما ادى الى تخويف الناس الذين بدأوا بتهريب اموالهم. فهذه حرب اقتصادية. وأنا أطمئن اللبنانيين وأطلب منهم الا يتهافتوا الى المصارف ويفاقموا المشكلة، “فأموالكم مضمونة وستعود اليكم كاملة ونحن سنعالج هذه الأزمة” مستذكرا ما تعرض اليه بنك انترا في السابق. اضاف:” كأنهم يطلقون على الشعب رصاصة الرحمة سواء عبر الشارع او عبر الوضع المالي.”
وجدد الرئيس عون موقفه من مطالب الحراك، وقال:” إن المطالب وصلت ونحن مقتنعون بها، ولكن في حال استكملت الامور في الطريقة ذاتها التي تُعتمد اليوم، فذلك يعني أن القضية تتعثر، لاسيما في ظل اقفال الطرقات، والاضرابات، وتطويق مراكز رسمية ومرافق عامة ومدارس. فبهذه الطريقة يقضون على لبنان.”
وتابع رئيس الجمهورية مخاطبا المتظاهرين:” لقد فهمنا مشاكلكم ، ومطالبكم، ولدينا استعداد لتصحيح كل خطأ، ولكن لا تدمروا لبنان بسلوككم. وأنا ادعوكم لتبقوا على جهوزية لتساعدوني.”
ولفت رئيس الجمهورية الى أن لبنان اصبح الآن مريضا، فهل نزيد من مرضه؟ وقال:” لم أر ابدا عبر التاريخ، كالذي يحصل اليوم، حيث يوجد خلاف من دون حوار. فهل توجد اي ثورة من دون قائد؟. وتوجه الى “الحراك الشعبي” قائلاً: “اذا لم يكن هناك “اوادم” بينهم في هذه الدولة يروحوا يهاجروا وما رح يوصلوا للسلطة”، فليراجعوا تاريخي وليبقوا معي إذا اعجبهم، وإذا لا سأرحل أنا وليأتوا ببديل عني”.
واشار الى أن الوعود لا يمكن ان تبقى طويلاً من دون تنفيذ. ونحن بحاجة الى ادوات للتنفيذ، ولا يمكن البدء بذلك قبل وجود حكومة” لافتا الى “أن هناك خلافات يجب معالجتها، فهل نكلف احداً تشكيل الحكومة ومن ثم تبدأ الخلافات بعد التكليف.”
وعن مواقفه في نيويورك وما تبعها من ازمات قال الرئيس عون بترابط بينها وما اذا كان هناك من يحاول تغطية مسألة النازحين بافتعال ازمة في لبنان وتدهور استقراره الامني والنقدي والسياسي، اجاب الرئيس عون “لقد تأكدت من ذلك من خلال مجموعة امور،ـ اولا من خلال ما اشيع عن عدد الوفد الذي رافقني الى نيويورك في وقت كان لربما الاصغر بين الوفود التي رافقت الرؤساء من قبلي، بالاضافة الى ما اشيع عن العشاء بـ29 الف دولار، فثمة من افترض ان الاعتماد الذي خصص للرحلة المذكورة ساصرفه كله رغم انه عادة ما يأخذ المرء ما هو اضافي على ان يبقى في الحساب ما لا حاجة له، كما اني هوجمت حول امور عدة لم اكن اعرف سبب ذلك. من هنا فهمت ان ثمة ما يحاك ضدنا. طبعا كان خطابي في نيويورك قاسيا لا سيما لجهة ما قلته بان النازحين باتوا رهينة لفرض حلول معينة بسبب ربط عودتهم بالحل السياسي. ثم اننا اكدنا انه لن تكون حلول في العالم بسبب الانحراف في ميثاق الامم المتحدة بحيث بات القوي يقول انه على حق”.
وعن حديثه عن الضغوط لابقاء النازحين في لبنان بغية استعمالهم ورقة ضغط عند فرض التسويات وعما اذا هناك من ضغط لتوطين جزء من هؤلاء في لبنان، اجاب الرئيس عون: “بالتأكيد وبالامس كان هناك في اوروبا حديث في كيفية دمج النازحين في المجتمع اللبناني، فعلام يدل ذلك. انه كلام واضح. نحن لسنا بعداوة مع سوريا او الشعب السوري.
واكد رئيس الجمهورية ردا على سؤال، ان لا تواصل مباشر بينه وبين الرئيس السوري بشار الاسد، وعما اذا كان هناك من اتصالات هاتفية بينهما، قال (ممازحا) “هذه الامور تدخل في الخصوصيات، عليكم ان تسألوا الرئيس الاسد”. وقال: “فيما اطالب بعودة النازحين السوريين الى بلادهم بماذا يرد علي المجتمع الدولي؟ بالقول اننا نشكركم ونقدركم على استقبالكم وما الى هنالك من عبارات ليصلوا في الختام الى التأكيد على ان لا حل راهنا لهذه الازمة الا بوجود الحل السياسي، مع العلم ان هؤلاء هم نازحون امنيون وليسوا بلاجئين سياسيين كي ينتظروا الحل السياسي. هذا هو منطقنا وهو المنطق الصحيح ثم اننا نؤكد لهم عدم قدرتنا على تحمل المزيد من العبء الاقتصادي الذي يلقون بحمله علينا، وهم بدلا من مساعدتنا يقومون بشد الحصار علينا. هذه ليست سياسة فهي لا تحترم شرعة الامم المتحدة ولا اي شرعة اخرى في العالم”.
وعما اذا كان يشعر بأن عهده مطوق سياسيا وجهد خارجي لانهائه، اجاب الرئيس عون: “لست خائفا على العهد بل خائف على لبنان فلطالما كنت اضحي بحياتي واتخذت قرارات صعبة كان يمكن ان تنهيها. اني خائف على لبنان اذا ما واصل كل من الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي بالضغط علينا وعدم تقديم المساعدة باي شيء”. عما اذا كان السبب هو التحالف مع حزب الله، قال الرئيس عون:” اي تحالف؟ اني متحالف مع كل اللبنانيين، فهل اعتدى احدهم علينا في الشمال ولم نقف في وجهه؟. هؤلاء مواطنون. لست احارب مع الحزب في سوريا او في اي مكان آخر.
وعما اذا يمكن ايجاد حل للنازحين بالحوار مع النظام الحالي في سوريا، قال رئيس الجمهورية:”عندما قلنا ذلك “اكلناها اكثر”. اضاف:” بلغ عدد من عاد الى سوريا 390 الفا ولم نبلغ من احد اي شكوى عن ممارسات النظام السوري. اما القول بان سوريا غير آمنة ليس صحيحا.
وعن طمأنته اللبنانيين على اموالهم ومدى اقتناعه بكلام حاكم مصرف لبنان بالامس، قال:” ان الحاكم كان يتحدث عن موجودات المصرف وانا لست قادرا على الاجابة عن مسؤوليته واذا كنا نريد ان نشكك بمسؤولية كل واحد فـ “لعوض بسلامتك”. تابع:” لقد اجتمعت مع جمعية المصارف وتناقشنا بالامور واتخذنا تدابير الا اننا نحتاج الى مساعدة من اللبنانيين لعدم التهافت على سحب مدخراتهم”.
وعن وجود سعرين للدولار في السوق واحد رسمي وآخر غير رسمي، قال الرئيس عون:” ان الدولارات موجودة تحت الوسادة، عندما تكون هناك حاجة باستطاعة اللبنانيين اخذ اموالهم، ان الدولار غير مفقود في لبنان الا انه يتم اخراجه من الودائع الى المنازل، وهذا ما يخرب الامور”، لافتا في هذا السياق الى ما تعرض له في السابق بنك انترا، متحدثا عن اوجه الشبه بين من تآمر على “انترا” في السابق ومن يتآمر على لبنان اليوم.
وتوجه الى اللبنانيين بالقول:” هل تريدون ان تكسورا مصرفكم وماليتكم وتخسروا كل شيء او تريدون انقاذ الوضع وتبذلون جهدا لذلك”، قائلا:” نحن كعسكر كنا نذهب الى معركة وكلنا ثقة ان بعضنا لن يعود”. وعن مسؤولية المصارف في هذا الاطار وما حكي عن تهريبها اموال الى خارج لبنان، سأل الرئيس عون من قال ذلك؟ اذا كان ذلك صحيحا سنحاسبها لان المصارف لا حصانه لها في تهريب الاموال.
اضاف: “اما اذا اردنا توصيف واقع الحال وقلنا ان الحكم فاسد والناس فاسدون وكلن يعني كلن، فكيف نحل المشكلة، فلنساعد المصارف على عدم تهريب الاموال بعدم التهافت عليها. وعن اوجه الشبه بين انترا والمصارف اليوم قال :” ان هذه المصارف اصغر وتحطيمها اسهل”.
وسئل الرئيس عون عن القلق الذي ينتاب اللبنانيين من الاوضاع القائمة، فاجاب: “وانا قلق ايضا”، واضاف ردا على سؤال عن الاجراءات الاقتصادية والمالية الاولى الواجب اتخاذها بعد تشكيل الحكومة لكي يطمئن الناس: “يجب على المواطنين العودة الى بيوتهم كي تعود عجلة الحياة الى الدوران طبيعيا في لبنان، وتتحمل الحكومة مسؤولياتها وتعمل بهدوء وليس في الظلمة. وفي الوقت عينه يعود الجميع الى اعمالهم. ولكن ان تقول لي اننا سنبقى في الشارع ونقفل الطرقات فلا يمكننا ان نوحي بالثقة الى احد ونفقد الثقة ببعضنا البعض ومع العالم ايضا.”
اضاف: “علينا ان نعود الى الحياة الطبيعية كي تثق الناس بنا. لقد اخذنا بالاعتبار ما يريده الناس وسننفذه. واذا لم يكونوا يريدون تصديقنا فإانهم يضربون الوطن بالخنجر، وهذا لا يحصل في العالم. بالثورة نحن لن نذهب.”
وسأل: “هل انا وحدي من سأعطيهم حقوقهم؟ ألست بحاجة الى حكومة تبدأ بأخذ اجراءات ويقوم المجلس النيابي بدوره؟ هذه هي الحياة البرلمانية عندنا. هل يريدون ان نغيّرها؟ هذا مشروع طويل يجب ان يحظى بموافقة الشعب اللبناني على الاصلاحات المنادى بها.”
وردا على سؤال عما اذا كانت هناك من مساعدات مالية ستأتي في حال تم تشكيل الحكومة، اجاب: “لا يمكنك ان تضعني ضامنا لكل ما سيحصل. هناك وعود ستنفذ. ونحن سنعمل كي ننقذ انفسنا بانفسنا. وشرط نجاح هذا الامر هو عودتنا الى العمل معاً واصلاحنا للامور معا. اما شعار: كوني فكانت، فليبحثوا عنه في عالم آخر.
وعن مواجهة الفساد، لفت الرئيس عون الى ان مواجهة الشعب له انتهت وبدأت مواجهتنا له، واطلب منهم الدعم في هذه المواجهة.
وعما اذا كانت الحكومة المقبلة ستكون قادرة على المواجهة وتحمل صفة حكومة العهد بعد استقالة الحكومة السابقة، اجاب: ” العهد غير متمثل بي فقط، فهناك مجلس نيابي ومجلس وزراء، واذا فقدنا التنسيق بين اعضاء الحكومة لن تكون منتجة، ومواجهتنا ستكون مع من لا يرغب في العمل”.
وردا على سؤال حول ثقته بالجيش وطريقة تعاطيه مع التظاهرات التي حصلت وحمايته للمتظاهرين، اكد الرئيس عون ان قطع الطرق على المواطنين فيه خروج عن العهد الدولي، “وهو ما ابلغته للسفراء اليوم، فهناك حقوق لاكثر من ثلاثة ملايين ونصف بحرية التنقل، وكان يمكننا استعمال القوة والعنف ولكننا اخترنا ان نعالج المسألة بهدوء، الا انه حصل صدام بين المواطنين ومن يقطع الطريق، وكادت الامور ان تتطور الى الاسوأ قبل ان يقتنع المتظاهرون بفتح الطرقات. وانا لدي ثقة بالمؤسسة العسكرية”.
وسئل عما اذا كان يثق بقائد الجيش، استغرب رئيس الجمهورية هذا السؤال وأجاب: هذا الامر غير مطروح بالنسبة اليّ.
وعن الوساطة الفرنسية المطروحة، اعلن الرئيس عون ان احداً لم يتحدث معه في هذه المسألة، والموفد الفرنسي طلب موعداً وحدد يوم غد. وسئل عن امكان ربط الوساطة بالافراج عن اموال مؤتمر “سيدر”، فأجاب: “يختلف الوضع ما اذا كانت رسالة ام تهديداً ام اطلاعا.”
وعما اذا كان لبنان امام خطر مواجهة او على مشارف حلول سياسية واقتصادية، توجه الرئيس عون الى اللبنانيين بالطلب اليهم عدم التصرف بشكل سلبي بصورة دائمة، وخصوصاً للذين يشاركون في الحراك “لان السلبية ستؤدي الى المثل وقد نصل الى صدام داخلي بين اللبنانيين، وهذا ما لا يجب ان يحصل. الجميع دعمكم في مطالبكم، ولكن اذا استمر الاسلوب نفسه في التعاطي، فستضربون لبنان ومصالحكم والجميع. وانا اضعكم امام هذا الخيار، ونعمل ليل نهار للخروج من هذا الوضع، فإذا استمريتم بهذا الاسلوب، سنصل الى نكبة، ولكن يمكننا تصحيح الامور اذا ما اوقفتم تحرككم في الشارع، وعدتم الى عملكم والحياة الطبيعية”.