تابعوا قناتنا على التلغرام
سياسة

عن الترسيم.. حزب الله وسر الوقوف !

في ضوء الضجيج الذي تثيره العودة المرتقبة والآمنة للمفاوض الامريكي (الاسرائيلي) آموس هوكشتاين والجلبة الاعلامية على ضفتي خط الترسيم التي تتناقل ما يمكن ان يحمله هوكشتاين من ردود هي أقرب الى رسائل مشفرة وموجهة بين طرفي النزاع اسرائيل (العدو) وحزب الله او الى جمهورهما في تعمية واضحة للحقائق والمعطيات وتقديم ما لا يشي بالحقيقة او يقاربها.
وفي الوقائع فإنني لست في معرض الحديث عن مسار التفاوض الذي بدأ منذ العام 2008 ووصل الى خواتيمه تحت وقع الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا وتداعياتها على النظام العالمي الجديد قيد التشكل وتباعا على النظام الاقليمي حيث يصاغ جزء اساسي منه على طاولة المفاوضات في فيينا.
لكن لا بد من تسجيل بعض الوقائع ربطا بالخطابات المتراكمة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى اربعينية الحزب وهو المنتشي بتداعيات الصراع في اوروبا الذي يراه انتصارا لمحور الممانعة وتأ ثيره تاليا على امساكه أكثر بمقاليد السياسة في لبنان يعد الانهيار الكبير لمؤسسات الدولة وهيكلها.
في خطابه الاخير اطلق جملة من المواقف ظاهرها ليونة شكلية في الاستعداد لبحث الاستراتيجية الدفاعية وهو يدرك سلفا انها استنزاف لوقت الاطراف وتهويم للبيئات الشعبية بحوارات لا طائل منها لم تنتج سابقا الا حيادا انتهكه ببساطة مرتين : الاولى في “لو كنت اعلم” التي ادت الى عدوان تموز 2006 والثانية في دخول الحزب الى سوريا دعما للنظام الاسدي فيها ، كما اشار الى استعداد الحزب لبحث تطوير النظام وتعديل الدستور في ظل موازين قوى تميل بقوة لصالحه محليا بما يعزز موقع حزبه والشيعية السياسية في بنية النظام اللبناني.
وفي الجانب الإقليمي أكد نصر الله على صوابية قراره وحرية هذا القرار بدعم النظام السوري وثبت خياراته بالتدخلات الإقليمية على وقع اللطمات العاشورائية انتصارا لثورة الحسين ضد الظلم في كل مكان وفي أي زمان ربطا بالتغلغل الإيراني في المنطقة وخارج سياسات الدولة اللبنانية او بقرارات مؤسساتها الدستورية والتزامات لبنان العربية والدولية.
وفي سياق الوقائع والخطب فان نصرالله سبق واعلن موقفين من ملف ترسيم الحدود البحرية أولهما: إعلانه وقوف الحزب خلف الدولة اللبنانية والسلطة التنفيذية بتحديد خط الترسيم الذي يحفظ حقوق لبنان البحرية متناسيا ان حليفه الرئيس نبيه بري تولى على مدى اكثر من عشر سنوات ملف التفاوض وهو الذي يمثل السلطة التشريعية لاغيا بذلك دور الحكومة ورئيس الجمهورية في ابرام المعاهدات الدولية علما ان الرئيس بري اعلن وبلسانه انه انجز اطار الاتفاق لا غير , ثم ان حليفه الآخر ميشال عون وبوجوده في سدة الرئاسة تجاوز كل التقارير والدراسات الصادرة عن المكتب الهيدروغرافي البريطاني التي استند اليها العقيد الركن البحري مازن بصبوص في العام 2013 والتي بينت حق لبنان بحدود 1430 كلم2 جنوب الخط 23 الذي انطلق من نقطة ابتعدت 28 كلم شمالي رأس الناقورة وتجاهل عن مسار التفاوض غير المباشر بين وفد الجيش اللبناني والوفد الإسرائيلي والذي طالب باعتماد لبنان الخط 29 كحد فاصل في الحدود اللبنانية .
خيضت معركة الترسيم بالسياسة لا بالأمن القومي وتخلى لبنان عن حقوقه الكاملة لغايات شخصية او فئوية لا بموازين القوى التي يتحدث عنها نصر الله, وبهذا التنازل وقف حزب الله خلف الدولة متجاهلا موقفه من ملف مزارع شيعا بعيدا عن الدولة ومؤسساتها وتمسكه بلبنانيتها بغض النظر عن اعتراف سوريا وعدم تزويد لبنان بالوثائق والخرائط التي تؤكد لبنانيتها.
موقفه الثاني جاء بعد إيداع هوكشتاين موقف لبنان الرسمي بخط التبادل بين حقلي كاريش وقانا حيث أعلن نصر الله وقوفه امام الدولة اللبنانية وكل مؤسساتها بما في ذلك القوى العسكرية المنوط بها الدفاع عن الحقوق والسيادة وانه اليوم لن يتنازل عن الخط 23 مستقيما غير متعرج أي حق لبنان في حقل قانا مقابل التنازل عن حقل كاريش , أرسل مسيرات غير مسلحة كرسالة الى العدو يقول فيها: تنازلنا بما يكفي ولا يمكننا التنازل أكثر.. وهو يدرك ان أطماع إسرائيل أكثر من كاريش لكنه بالقراءة السياسية لازمة الطاقة العالمية يعي ان من مصلحة
إسرائيل ان تقبل لسببين:
أولا: انها قادرة على استخراج الغاز خلال أسابيع قليلة من حقل كاريش ومن غيره وبالتالي فأنها تدخل نادي الدول المصدرة للنفط وباتفاقات إقليمية ودولية مع قبرص ومع الاتحاد الأوروبي الذي يوفر لها مظلة دولية في أي مواجهة, ناهيك عن ارتفاع أسعار النفط عالميا وانعكاس ذلك على الاقتصاد الإسرائيلي وأثر ذلك الجزئي أيضا على التنافس السياسي بين احزابها.
ثانيا: ان حقل قانا لا يزال حقلا وهميا اذ لم يتم أي مسح جيولوجي لهذا الحقل ولا يوجد ما يؤكد غاز فيه وبالتالي فان لبنان الذي يبحث عن مصدر للأمل بإنعاش اقتصاده لمواجهة الانهيار الكبير ليس بوارد الاستفادة من أي عائدات نفطية قبل 3 سنوات عللا الأقل وهو ما يكفي بالنسبة الى العدو بانهيار لبنان والحزب معه دون اية تكاليف.
براغماتية نصر الله ساعدته في التملص من التنازلات ودعاية سلاحه تقدم له نصر زائف فرضته الوقائع والظروف وتقلص عدوانية إسرائيل امام المتغيرات الدولية …
يمكن لنصر الله ان يقنع جماهيره بقوة المسيرات لكنه يدرك في أعماق نفسه ونحن ندرك معه انه في مسألة الترسيم عمد الى تطبيق عنوان كتاب لينين خطوة الى الامام.. خطوتان الى الوراء..
سر الوقوف: الى الخلف در بالتنازل والى الامام سر لنصر وهمي.. عل الحزب بذلك يسترد بعض الثبات في بيئته المتحركة قبل انفجارها بفعل الازمة المعيشية الطاحنة.
المصدر : بقلم مروان الأيوبي
Nour
Author: Nour

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى