دراسة بالغة الأهمية… يحقّ للبنان طرد هذه الفئة من النازحين
لا يختلف اثنان على أن ملف النزوح السوري في لبنان، قد تحول إلى ملف سياسي بامتياز، في ضوء وجود 1،8 مليون نازح على الأراضي اللبنانية، وتمتزج فيه الإعتبارات السياسية الإقليمية والدولية مع الواقع اللبناني بكل تعقيداته، ما يجعل من أي مبادرة تهدف إلى إعادة النازح السوري إلى بلاده، مهمةً شبه مستحيلة، في ضوء الإنقسام السياسي على الساحة الداخلية. لكن مذكرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد سمحت، وبموجب القانون الدولي، للدول أي للبنان، “طرد الأشخاص الذين يتبيّن أنهم ليسوا بحاجة إلى حماية دولية، كما أنه على بلد الأصل، أي سوريا، أن يسترد مواطنيه، على أن تتم العودة، بطريقة إنسانية مع احترامٍ كامل لحقوق الإنسان وكرامته”.
وكان رئيس منظمة “جوستيسيا” الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص، بصفته إستشارياً مستقلاً ومتطوعاً، أعدّ دراسةً قانونية إلى السلطات اللبنانية الساعية إلى إعادة النازحين السوريين من لبنان، وهي تستند كما أوضح المحامي مرقص، إلى قانون تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه وإلى مذكرة التفاهم الموقعة بين لبنان والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمعاهدات والمواثيق الدولية التي يلتزم بها لبنان. وقد حصل “ليبانون ديبايت” على موجز من هذه الدراسة نعرضه في ما يلي:
– قانون تنظيم الدخول الى لبنان والاقامة فيه والخروج منه الصادر في 10 تموز 1962″ الذي نصّ في المادة /17/ منه على صلاحية المدير العام للأمن العام بإصدار قرارات بترحيل الأجانب في حالات استثنائية حيث يشكل الأجنبي خطراً على السلامة والأمن العام، والمادة /32/ من القانون عينه، التي نصّت على معاقبة الأجانب الذين يدخلون الأراضي اللبنانية بطرق غير قانونية بعقوبة الحبس من شهر إلى ثلاث سنوات والغرامة والإخراج من لبنان، فمن يدخل إلى لبنان بصفة غير قانونية سعياً للجوء من الاضطهاد أو بصفة غير قانونية للغرض ذاته ويبقى في البلاد لفترات أطول من المسموح بها في تأشيرات الدخول، تتم معاملتهم على أنهم مهاجرين غير شرعيين ويتعرضون للاعتقال والسجن والغرامات والإخراج (الترحيل).
– إن أي شكل من الدمج المحلي هو غير دستوري وبالتالي ليس خيارا ً متوفراً. فقد نصّت الفقرة “ط” من مقدمة الدستور على ما يلي: “أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين”.
– قرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر في 15 نيسان 2019 والذي قضى بترحيل المواطنين السوريين الداخلين إلى لبنان دون المرور بالمعابر الرسمية، ويستند هذا القرار على اعتبارات بأنه لم يعد هناك من سبب للجوء السوريين إلى لبنان وأن أسباب الخوف من قمع السلطات السورية لم تعد قائمة بشكل عام.
– اتفاقية اللاجئين العالمية في العام 1951، وأعقبها بروتوكول العام 1967 التابع لها؛ والتي لم يوقّع لبنان عليهما كما أنه ليس لديه قانون داخلي مطبق للاجئين، وبالتالي فإن لبنان متحرّر من أي التزامات لمعاملتهم كلاجئين إلا أنه يبقى ملتزم بضمان الحفاظ على حقوقهم الإنسانية.
– بتاريخ 9/9/2003 صدرت عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتعاون مع وزير الداخلية والبلديات والمدير العام للأمن العام اللبناني مذكرة تفاهم حول التعامل مع المتقدمين بطلبات اللجوء لدى مكتب المفوضية في لبنان حيث ورد فيها على أن ” عبارة “طالب لجوء” وحيثما وردت في هذه المذكرة، تعني طالب لجوء إلى بلد آخر غير لبنان”، مما يشير إلى أنه لا يمكن إعتبار السوريين في لبنان كلاجئين، كما تنصّ الفقرة الأولى من هذه المذكرة على أنه ” لا يجوز لأي شخص دخل لبنان بطريقة غير شرعية أن يتقدم بطلب لجوء لدى مكتب المفوضية بعد انقضاء شهرين على دخوله إلى لبنان”.
– وفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين “يحق للدول بموجب القانون الدولي طرد الأشخاص الذين يتبين أنهم ليسوا بحاجة إلى حماية دولية وأن من واجب بلدان الأصل أن تسترد مواطنيها، ينبغي أن تتم العودة بطريقة إنسانية مع احترام كامل لحقوق الإنسان و كرامة”.
– اللجنة الثلاثية المشتركة “لبنانية سورية أممية” التي يتم العمل عليها لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم بشكل آمن ومنظم.
يجب التنبه إلى ما يلي عند ترحيل النازحين السوريين:
– إن السلطات اللبنانية ملزمة قانوناً بمنح أي مواطن سوري موضوع قرار الترحيل الوقت الكافي لتقديم الدفاع عن نفسه والاعتراض على قرار ترحيله وتوضيح أسباب عدم رغبته بالعودة إلى سوريا ومراجعة القضاء أو البحث عن بلد آخر للانتقال اليه، ذلك لأنه متعلق بالقواعد الإنسانية العامة والمحمية بموجب القانون الدولي حيث تنصّ في الفقرة “ب” من مقدمة الدستور اللبناني على أن ” لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء”.
– نصّ المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1948 التي انضم إليها لبنان في العام 2000، والتي تنصّ :” 1- لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أى شخص أو تعيده (“ان ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. 2- تراعي السلطات المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية”.