دائرة الشؤون الاجتماعية في الشمال مهددة بالإقفال… وقد لا تكون المؤسسة العامة الوحيدة
تعيش دائرة الشؤون الاجتماعية في الشمال خطر إغلاق مركزها في طرابلس لتخلّفها عن دفع الإيجار منذ سنوات، وإلّا “سيضع المؤجر أغراض المركز في الشارع”. هذا ما يؤرق موظفي الدائرة الذين بدأوا منذ شهر “ضبضبة مكاتبهم وملفاتهم”، لأنّه “كان يجب تسليم المركز منذ شهر، إلّا أنّه وبسبب عدم تأمين الوزارة لمكان آخر بديل، تكرّم المالك عليهم وأمهلهم حتى نهاية شهر رمضان”. ويؤكد الموظفون في الدائرة أنّ “الإدارة المركزية والوزارة على علم بذلك، وهناك تأخير”، كما أنّ “إقفال الدائرة الحالية من دون وجود بديل سيدخلنا في المجهول بالنسبة لاستمرار الخدمات الاجتماعية في أقضية بشري، زغرتا، المنية الضنية، والبترون، لأنّ كافة الخدمات مرتبطة بهذه الدائرة”. وتعمل هذه الدائرة على تنسيق الأعمال في 4 مراكز ضمن طرابلس، 5 مراكز في زغرتا، 3 في البترون، 2 في بشري، و5 في المنية الضنية، ناهيك عن شبكة خدمات واسعة ترتبط بالرعاية الاجتماعية وذوي الاحتياجات الخاصة، مؤسسات المسنّين، دور الأيتام، وكذلك المهنيات والمدارس الداخلية، الأمر الذي سيعيق الخدمات في مناطق الأطراف والفئات الأكثر تهميشاً.
الإهمال مزمن
منذ 7 سنوات لا يتم دفع الإيجار إلى المالك، وهو ما يؤكّده رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية في الشمال ماجد عيد الذي تقاعد قبل عامين ولم يتمّ تعيين خلف أصيل له حتى الآن. ويشير عيد إلى أنّ “المشكلة الأساسية التي واجهت الدائرة كانت مع مالكي المبنى وتمثلت في تأخّر الوزارة في دفع مستحقات الإيجار”. ويشدّد على أهمية وجود هذه الدائرة واستمرار عملها، فهي الدائرة الإقليمية أي أنّ صلاحياتها ورقابتها تشمل جميع عقود الوزارة مع هيئات المجتمع المحلي والدولي حسب قانون إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية على مساحة الشمال، و”إقفالها سيشكل نكسة معنوية لوزارة الشؤون في محافظة الشمال”، و”هو بمثابة مشكلة إدارية لفقدان رأس إداري ضابط يشرف على سير عمل الوزارة في المحافظة”، “مع أنّ الوزراء المتعاقبين ربطوا الكثير من الصلاحيات بالإدارة المركزية في بيروت”.
الوزير يعد بالتحرّك
تواصلت “المفكرة القانونية” مع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار الذي ناشد صاحب المبنى في طرابلس بمنح مهلة للوزارة ريثما يتمّ تأمين مركز بديل “لأنّه لا يمكنها نصب كونتينر على الطريق من أجل القيام بأعمالها”. ويشير حجار إلى أنّه “لم يلتقِ بعد بالشباب في طرابلس، وطلبت منهم اجتماعاً لاستيضاح مختلف جوانب المشكلة”، مستدركاً أنّ “هناك مشكلة مع المستأجر وهي ناجمة عن أزمة إيجارات عامّة في لبنان، وانخفاض قيمة العملة، ولكن لا بد من إيجاد مكان بديل لاستمرار العمل”.
ويشدد على أنّ “مركز طرابلس مركز رئيسي، ولا يمكن أن يشطب، ولكن لا بد من إيجاد بديل عنه”، وهو سيقوم بالتنسيق مع البلدية والمحافظة ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لإيجاد مكان بديل، ويُقرّ في المقابل بوجود تعثّر بالخدمات لأنّ الحضور إلى المراكز لا يتجاوز 66% بسبب عدم القدرة على التنقل، والأجور الزهيدة، وعدم دفع المنح.
يتوقع حجار أن “نواجه المشكلة نفسها في جميع مراكزنا، والمراكز الحكومية بسبب قيمة الإيجارات”، ذلك أنّ “الدولة لم تصدر قراراً بشأن تعديل قيمة الإيجارات، وبالتالي لا يمكن لوزير الشؤون الاجتماعية أن يقرر تسديد إيجارات أعلى بصورة مستقلة لأنّها تحتاج إلى اعتمادات في الموازنة وصدور قرار بذلك”. وعن إمكانية اللجوء إلى الجهات المانحة لتأمين قيمة الإيجارات، يقول حجار “نحن نسعى ولكن لا يمكننا فرض ذلك، لأنّ هذه الجهات لا تدفع الإيجارات بل يتركّز عملها على دعم الفرق والبرامج”.
ليس ملف الإيجارات هو المشكلة الوحيدة التي يعاني منه المركز، إذ يشكو الموظفون والمتعاقدون من تأخير دفع أجورهم وبدلات خدماتهم، وهو ما يردّ عليه الوزير، “الإشكالية كانت بأنّ ديوان المحاسبة ربط بين عملية هيكلة المؤسسات ودفع الأجور”، وهذا ربط خاطئ برأي الوزير لأنّه لا ذنب للموظفين بأن تقطع معاشاتهم وربطها بالدمج”، ويضيف “قمت بنقاشات مستمرة مع الديوان، وصولاً إلى فصل الأجور عن الهيكلة والدمج وآلية تحقيقهما”، لافتاً إلى أنّ “الموضوع يتّجه نحو الحل لإنهاء معاناة الكادر البشري”.
نحو الهيكلة والدمج
يكشف وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور نجار أنّ هناك توجهاً لإعادة هيكلة مؤسسات الوزارة، وتجميعها، وخفضها من 240 إلى 140 مركزاً، “هذا القرار سيبدأ العمل به قريباً”. وعن المعيار المعتمد للهيكلة، يتحدث حجار عن دراسة تعتمد على عدد السكان، والتوزيع الديمغرافي، والجغرافي، وسهولة التحرّك، موضحاً أنّ “الوزارة أنهت الدراسة، وسلّمتها قبل أسبوع إلى ديوان المحاسبة الذي أبدى موافقته عليها”. ويضيف: “لا بدّ من لملمة الوضع لأنّ انتشار المراكز عشوائي”. وتهدف إعادة الهيكلة إلى تخفيض مجموع قيمة أجور الأبنية، وخفض كلفة المحروقات والطاقة، والاتصالات، مكرّراً “لن نتخلى عن أي موظف في وزارة الشؤون الاجتماعية”.
يعد هيكتور حجار باستمرار المشاريع والبرامج التي اعتمدتها الوزارة، ففيما يتعلق ببرنامج العائلات الأكثر فقراً الذي توقفت بعض تحويلاته، يوضح بأنّ “ما جرى هو تغيير موعد الدفع والتحويلات لعدم التسبب بزحمة أمام البنوك”، و”زاد العدد في البرنامج من 35 ألف إلى 75 ألف مستفيد يتقاضون بالدولار”. أما بالنسبة لبرنامج “أمان” بالتعاون مع الجهات الدولية لمدة عام، “بدأ تحويل 8 آلاف دفعة أسبوعياً وصولاً إلى 150 ألف أسرة مستفيدة”، “سيتم التوزيع على مراحل لأن الوزارة لا يمكنها توزيع مال على الطرقات، كما أننا نعيش مرحلة حساسة لعدم الاتهام بالمال السياسي”، في إشارة إلى اقتراب موعد الانتخابات. كما أنّ الوزارة وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية واليونيسيف، ستطلق مشروع منح مباشرة لذوي الإعاقة بقيمة 20 مليون دولار.
المصدر :
المفكرة القانونية.