تابعوا قناتنا على التلغرام
عربي ودولي

هكذا عادت إدلب إلى إستراتيجية دمشق

إستغنى الجيش السوري على مدى السنوات السبع الماضية عن أوتوستراد دمشق – حلب، الذي كان مقطوعاً في عدة نقاط من حماة إلى إدلب وصولاً إلى حلب، مستبدلاً إياه بطريق صحراوي طويل نسبياً هو طريق أثريا – خناصر بالرغم من مخاطر التنقل عليه أيام الحرب وإمكانية إستهدافه أو قطعه بين فترة وأخرى، وهذا ما حصل مراراً حيث إستمرت العمليات في بعض الأحيان أسبوعين ليعاد فتح الطريق وإستعماله.

في عقول قادة الجيش السوري، ظلت فكرة إعادة فتح طريق دمشق – حلب واردة نظراً لإستراتيجيته، حتى العامين 2014 و2015. ففي السنة الأولى سقط معسكر وادي الضيف البالغ الإستراتيجية في محافظة إدلب، والذي كان من الممكن أن يكون مدخلاً ليس لإعادة فتح هذا الأوتوستراد فقط بل للسيطرة على المحافظة الشمالية في الكامل، وفي السنة الثانية سقطت مدينة إدلب ومدن أريحة وجسر الشغور كنتيجة ربما لسقوط المعسكر، فإنتهت فكرة تحرير المحافظة وفتح الطريق.

تحولت إدلب تدريجياً إلى منطقة منسية في إستراتيجية الجيش السوري، حيث باتت التسويات تتركز على نقل كل المسلحين في المحافظات المختلفة إليها، الأمر الذي أوحى بأن دمشق ليست مهتمة بنشوء إمارة إسلامية في المحافظة الشمالية، في مقابل ذلك بدأت إدلب إستثمارها بفائض المقاتلين الموجودين في إدلب والذين يفوقون قدرة وحاجة المحافظة عسكرياً، فكان هؤلاء العامود الفقري للقوات التركية التي تقدمت نحو ريف حلب الشمالي وسيطرت على مدينة الباب عام 2017، من ثم كانوا العنصر الأساسي في دخول منطقة عفرين التي شكلت إمتداداً لإدلب عام 2018، ولاحقاً سعت تركياً إلى الإستفادة من المقاتلين في إدلب للدخول إلى الشريط الحدودي من تل أبيض وصولاً لرأس العين في ريفي الرقة والحسكة الشمالي.

بعد معركة حلب عام 2017 حيدّت السعودية نفسها عن إدلب، حيث بقيت تركيا اللاعب الإقليمي الوحيد في هذه المحافظة، لكن بعد السيطرة السورية على كافة الأراضي السورية والإستقرار التنظيمي والعسكري واللوجستي الذي عاشه الجيش السوري بعد السيطرة على البوكمال ودير الزور، عاد الضغط الجدي على إدلب ومسلحيها، من دون الإنزلاق إلى معركة شاملة حادة، حفاظاً على التوازنات التركية – الروسية، وإبقاء المسار السياسي الذي ترعاه الدولتين إضافة إلى إيران متماسكاً.

لا ترغب تركيا بإنتهاء معركة إدلب بسيطرة الجيش السوري عليها، خصوصاً بعد التعثر السياسي والعسكري في محافظات الشمال حيث الوجود الكردي، إذ إن أنقرة تعتبر أن إستثمارها بالمعارضة المسلحة وتحملها وزرها المالي والعسكري يجب أن يأتي بمردود حقيقي في السياسة والنفوذ، في حين أن موسكو لديها هاجس حقيقي ببقاء المقاتلين الأجانب في أي نقطة من الأراضي السورية، وهنا يكمن الخلاف الحقيقي بين روسيا وتركيا حول أي عملية عسكرية في إدلب.

لكن ظهور الملعب الليبي، والرغبة التركية بأن تكون لاعبا أساسيا فيه فتح باباً للحل يقوم على نقل المسلحين الأجانب من إدلب إلى ليبيا، إضافة إلى جزء من المقاتلين السوريين الذين سيرفضون التسوية مع الدولة السورية، الأمر الذي سيمكن تركيا من الحفاظ على إستثمارها الإدلبي وتوظيفه في ليبيا إلى جانب قوات فايز السراج ضدّ قوات خليفة حفتر، وللمفارقة أن الأخير مدعوم روسياً.

حول هذه النقاط دارت الإجتماعات المتعددة التي عقدت في موسكو بين رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي المملوك ورئيس المخابرات التركية هاكان فيدان والتي تناولت تسهيل دمشق وموسكو لعملية إنتقال المقاتلين إلى ليبيا مقابل الوصول إلى تسوية كاملة ونهائية في إدلب، يليها تسوية أكثر سهولة في المناطق الكردية، وعلى هذا الأساس أعلن عن اللقاء الأخير بين الطرفين بعد التوصل إلى مدخل لبدء هذه التسوية، إذ إن تطبيق هذه التسوية على الأرض سيكون بمثابة مبادرة حسن نية تركية تقوم على دخول الجيش السوري إلى المناطق الشرقية من إدلب وفتح أوتوستراد دمشق – حلب، وهذا ما بدأ فعلاً قبل أيام حيث تقدمت القوات السورية بإتجاه مدينة معرة النعمان الإستراتجية وهي تقترب من السيطرة عليها، إذ إن المدينة تعتبر النقطة الأساسية في هذا الأوتوستراد من الجهة الجنوبية، في حين ستشكل أحياء الراشدين وخان العسل غرب مدينة حلب النقطة الأساسية شمال الأوتوستراد حيث بدأ الجيش السوري معركة أخرى في تلك المنطقة.

وفي حال سيطرت دمشق على خان العسل شمالاً في محافظة حلب، ومعرة النعمان جنوباً في إدلب، تصبح باقي النقاط الأساسية التي يمر بها هذا الطريق الإستراتيجي، وتحديداً سرقب (إدلب) والإيكاردا والعيس (حلب) بين فكي كماشة.

فتح هذا الأوتوستراد سيليه فتح أوتوستراد اللاذقية – حلب، والذي يمر بمدن إدلبية أساسية في الجنوب مثل أريحا وجسر الشغور ليلتقي بأوتستراد دمشق – حلب في مدينة سراقب…

بهذه العمليات تكون دمشق قد إستعادت ما بدأ يصطلح على تسميته إدلب المفيدة، (بإستثناء مدينة إدلب مركز المحافظة) لتبدأ بعدها عمليات المصالحة من جهة ونقل المقاتلين الأجانب إلى ليبيا بشكل فاعل ومؤثر، إضافة إلى نقل بعض العائلات إلى مناطق السيطرة التركية في عفرين وشمال الرقة.

لبنان24

Reporter
Author: Reporter

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى