هل ستتمكن المدارس من إنهاء العام في ظل التعثر
مع تَفاقُم الازمة المالية والنقدية بدأت المدارس تدق ناقوس الخطر، ولم يعد الامر يقتصر على المدارس الصغيرة، بل كبريات المدارس أيضاً، فمدرسة “سيدة” الجمهور التي تضم اكثر من 4700 تلميذ وجّهت رسالة الى القدامى تناشدهم الدعم خوفاً من الاسوأ نهاية العام الدراسي وما بعده. فأزمة السيولة معطوفة على الازمة السياسية وشل البلد منذ 17 تشرين أدت الى ارتفاع نسب البطالة او خفض الرواتب او العمل من دون راتب وبالتالي لم يعد بمقدور ذوي الطلاب تسديد اقساط المدارس ما زاد الاعباء على إدارات المدارس التي عليها تسديد رواتب المعلمين وكوادرها الادارية.
اذا لم تشكل حكومة انقاذ ولم يتم وضع أسس لحلول اقتصادية مالية، فالخوف في ايلول المقبل، الا تتمكن معظم المدارس من اعادة فتح ابوابها. رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكيّة المطران حنا رحمة رفع الصوت عبر “المركزية” قائلاً: “اذا لم يكن باستطاعة المواطنين سحب اموالهم من المصارف او ليس لديهم اموال بسبب صرفهم من العمل لدفع أقساط، بالاضافة الى المدارس النصف مجانية التي لم تتقاضَ مستحقاتها منذ العام 2014، سنكون امام مأزق جدي بعد افتتاح السنة الدراسية بعد عطلة الاعياد”، مستطرداً: “أما اذا أنقذونا بتشكيل حكومة وأعطوا نفحة من الثقة وحركة اقتصادية ولو خجولة، فباستطاعة المدارس المجاهدة إتمام العام الدراسي”.
وأضاف: “نصيحتي بكل تجرد ومحبة الى السياسيين والقيّمين على تشكيل هذه الحكومة، ان يتخلوا عن كل مكتسباتهم من اجل لبنان، وان يشكلوا حكومة لكل لبنان، فيشعر كل لبناني انها حكومته وتخصه وتعمل من اجله، حكومة ذات ثقة ومصداقية وليس حكومة تعمل لفئات واحزاب. اما اذا لم يلجأوا الى هذا الحل فنحن ذاهبون نحو الاسوأ”. منبّهاً “ان في حال اقفلت المدارس والجامعات ابوابها فالبديل سيكون نزول الطلاب الى الشارع، وعندها لن يبقى منهم “لا الاخضر ولا اليابس”، فلينتبهوا. هرّبوا اموالهم الى الخارج؟ ويريدون ان يلحقوا بها؟ هذا الحل الافضل. عندها يبدأ الشعب اللبناني بصدقه ونظافته ونقائه وتاريخه ويزرع ارضه ويأكل البطاطا لحين “إقلاع” دولته من جديد، كما فعل الالمان، عندما اكلوا البطاطا مدة خمس سنوات وبنوا دولة اصبحت تقدم اليوم المساعدات للعالم كله”.
وتابع رحمة: “اقول اليوم كلاماً قاسياً، لكن نحن امام مصير مخيف جدا. فإذا كانوا يتسلّون اليوم ويأخذون وقتهم لتشكيل الحكومة ويتناتشون الحصص والمكتسبات، فهم لا يعملون من اجل لبنان انما من اجل غايات خاصة، فلينتظرونا اواخر شهر كانون الثاني ليروا الناس تملأ الشوارع، اذا لم يكن بعد الاعياد. انا لا اعطي تحذيراً انما معلومات. التسونامي سينزل الى الشارع، يجب الا يسمحوا للثورة ان تصبح دموية، فليتركوها ناصعة ديمقراطية سلمية، وليتحملوا المسؤولية. انا اتحدث باسم 200 الف طالب في المدارس الكاثوليكية و50 الف طالب في الجامعات، هذا في القطاع الخاص الكاثوليكي، كما لدي اطلاع على كل المدارس الخاصة من خلال الاتحاد. فلا يظنن احد ان فوق رأسه خيمة وسيتمكن من تعليم اولاده اذا كان يملك حفنة من الدولارات”.
وحذر قائلاً: “اذا لم يتقاضَ الاستاذ راتبه، لن يقبل بالبقاء في عمله، مهما كان التعليم رسالة، سيزرع الارض ويعيل عائلته. اذا اقفلت المدارس التسونامي سيمضي، ولن يتمكن احد من الوقوف في وجهه، ولا احد يعلم الى اين ستؤدي، لذلك اقول لهم ان لديهم فرصة، فليتفضلوا من دون تضييع وقت ويشكلوا حكومة من اشخاص نزيهين وذوي الاختصاص لينقذوا لبنان”.
ولفت رحمة الى “أننا نقوم بكل ما في وسعنا لمساعدة المدارس المتعثرة”. لدينا مثلا مدرسة نصف مجانية في البقاع تضم 600 تلميذ لها في ذمة الدولة مليار و600 مليون، بغية انقاذها استعملنا اموال المطرانية وطلبنا مساعدات من الخيّرين واستدنا جزءا آخر لتأمين معاشات الاساتذة. ولكن ابتداء من السنة الجديدة لن اتمكن من تأمين الاموال، ولا اعرف ما سيكون مصير المدرسة”، وختم: “المدارس الكبرى المؤلفة من 4 آلاف تلميذ يمكنها ان تستمر حتى اواخر العام ولكن المدارس ما دون الالف تلميذ انتهت، ونحن ننتظر اما تشكيل الحكومة او الاتجاه نحو الاقفال. كنا نتكل على المتقاعدين لتسديد الاقساط، حاليا يتقاضون نصف المعاش بالكاد يكفيهم للطعام، حتى هم لا يستطيعون تسديد الاقساط”.