تابعوا قناتنا على التلغرام
مقالات مختارة

فقمة الراهب في لبنان مهددة بالانقراض!

دخلت “فقمات الراهب” في لبنان مرحلة “الانقراض”، حيث لم يعد عددها يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وتزداد المخاطر التي تتهدد “الكائن الجبان”، بفعل التمدد العمراني، وأثار قرار الترخيص بإقامة “شاليه” قرب إحدى المغاور البحرية في منطقة عمشيت (شمال بيروت) حفيظة الناشطين البيئيين، حيث أطلقوا تحركاً للحفاظ على ما تبقى منها.

رخصة مشروطة

تبدأ القصة مع موافقة بلدية عمشيت على منح رخصة لإحدى السيدات لبناء شاليه على البحر، ويؤكد رئيس البلدية أنطوان عيسى أن السيدة تقدمت بطلب الترخيص لإقامة بناء داخل عقار خاص بها، مشيراً إلى أن البلدية اشترطت الحصول على موافقة من التنظيم المدني، ووزارة البيئة، وبعد أن قام الفريق القانوني التابع للسيدة بتقديم كامل المستندات المطلوبة، صدرت الرخصة. ويوضح رئيس البلدية أن “أعمال البناء لم تبدأ بعد في الشاليه المقرر أن يكون من طبقة واحدة، وضمن شروط هندسية دقيقة”، كما يلفت إلى تولي الفرق الهندسية للبلدية مراقبة الأعمال في الورشة الواقعة ضمن المنطقة E ضمن عمشيت التي لا تمنح البلدية رخصاً فيها إلا بعد موافقة التنظيم المدني، ويشير عيسى “نظراً لوقوعها على منطقة قريبة من الشاطىء، فرضنا استخدام آليات صغيرة، وأن تراعى المنظومة البيئية، لألا تحدث انهيارات في المغاور، وكي لا تتسبب الاهتزازات بمخاطر على الكائنات البحرية، مكرراً “أن البناء في ملك خاص، ولا يمكن السماح أو تشريع أي تعديات على الأملاك العامة البحرية”.

أدى صدور الترخيص لإقامة المنشأة السياحية إلى تصاعد الأصوات الداعية للحفاظ على “فقمة الراهب” التي تسكن مغاور عمشيت، ويتحدث الغواص جورج عساف عن مشاهدة الفقمة لمرات عدة في منطقة المغاور الممتدة على شاطىء عمشيت في جبل لبنان، التي تضم مغارتين، وستؤدي أعمال البناء في تلك المنطقة لتهجير ما تبقى من تلك الكائنات البحرية المهددة بالانقراض، وعلى الأثر، انطلقت حملة شعبية بيئية للحفاظ على “فقمة الراهب”، وطالبت بمنع أعمال البناء في المناطق التي تستوطن فيها داخل المياه اللبنانية.

دراسة الأثر البيئي

حمل الناشط البيئي بول أبي راشد الجهات الرسمية مسؤولية تعريض الفقمة لخطر الانقراض، متحدثاً عن “فضيحة” وتراخي وزارة البيئة وعدم فرضها على المستثمر تقديم دراسة أثر بيئي واستبدالها بـ managing plan، في ظل بلوغ لبنان “مرحلة الدائرة الحمراء أي المهددة بالمخاطر الكبيرة”. ويشير أبي راشد (جمعية الأرض لبنان) إلى أن “في 2015، بدأ جهد دولي للحفاظ على الفقمة”، منوهاً إلى وجود عشر فقمات في منطقة عمشيت خلال سبعينيات القرن الماضي بسبب تشكيل مغاور عمشيت ملجأ لها، ويعتقد أبي راشد أننا دخلنا مرحلة المفاضلة بين الحفاظ على الفقمة من الانقراض، أو السماح للمستثمرة السكن بهناء فوق المغارة.

في المقابل، ينفي وزير البيئة ناصر ياسين تلك الادعاءات، ويؤكد عبر “اندبندنت عربية” تقيد أصحاب المشروع بالدراسات البيئية، كما أنهم وضعوا خطة إدارة بيئية، مشدداً على أن “وزارة البيئة أوقفت المشروع إلى أن تعهد المستثمرون بتأمين كل سبل الحماية للمغارة”، كما أن “المشروع ليس فوق المغارة، بل على حدودها”.

يضيف ناصر ياسين “طالبت وزارة البيئة بوضع ضوابط بيئية مشددة، وحساسات Sensors، تؤكد عدم تأثر المغارة وعدم منع الناس بأي شكل من الأشكال من الوصول إلى الشاطىء”. ويلفت ياسين إلى تعهد أصحاب المشروع بإلغاء طابق، وعدم استعمال آليات ثقيلة.

كما تطرق ياسين إلى دعم الوزارة مطالب تحويل المنطقة إلى محمية طبيعية ، موصياً بالتعاون مع البلدية لإنجاز الاستملاكات للعقارات، قائلاً “الوزارة ستؤمن كل الدعم”.

حماية الفقمة

ويزداد المد العمراني على طول الشاطىء اللبناني، وتزداد معه المخاطر التي تواجه الكائنات والحياة البحرية، في المقابل، تصاعد منسوب الوعي البيئي لدى المواطنين، وبدأت الجهود لحماية الكائنات المهددة بالانقراض التي تأتي “فقمة الراهب” في مقدمها، وعلى رغم عدم وجود إحصائية رسمية لأعداد تلك الكائنات، إلا أن الروايات تتقاطع حول استمرار وجودها في بحر لبنان، ويتحدث الغواص يوسف الجندي (مسؤول في المركز اللبناني للغوص) عن استيطان “فقمة الراهب” في مناطق لبنانية عدة، وتمكن الغواصون من رؤية الفقمة في منطقة “الروشة” على شاطئ بيروت، ومنطقة عمشيت، إضافة إلى واحدة في ضبية، كما يكشف عن تمكن أعضاء المركز اللبناني للغوص من رؤية عائلة كاملة من الفقمات في المنطقة بين البياضة والناقورة (قرب الحدود الجنوبية)، مشدداً على “عدم تقديم إحداثيات دقيقة لمكان تواجدها حفاظاً على سلامتها”.

من جهة أخرى، يتطرق يوسف الجندي إلى أسلوب حياة الفقمة، فهي قادرة على مقاومة التلوث الناجم عن المجارير، مستدركاً أن “أكبر المخاطر التي تواجه الفقمة هي الصيد الجائر، الذي يدخل ضمنه استخدام الديناميت للصيد، إلى جانب الصيد بالشباك في مناطق تواجدها أو في المناطق المحمية”، “كما تشكل الزحافات والطرادات السريعة خطراً إضافياً على حياة الفقمة”، كما لا يمكن إغفال الأثر السلبي لـ “هجمة البشر والحجر على البيئة البحرية، ودفع الكائنات البحرية للهروب والهجرة”.

ويصف الجندي الفقمة بـ “الكائن الودود” الصديق للإنسان، ويقول إنه عاين الفقمة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وبدأ أعضاء المركز تجنب الغوص في منطقة استيطانها خوفاً على حياتها، ولعدم إخافتها، أو دفعها للهرب في حال ملاحقتها من أجل تصويرها، ويدعو الجندي إلى إنشاء “محمية تابعة للبلدية” من أجل الحفاظ على الحياة البحرية.

Reporter2
Author: Reporter2

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى