نشاطات وثقافة
بيروت في 18 / 1 / 2023 | ندوة “تاريخ بيروت ودورها الوطني “.. !
عقدت الجبهة الموحدة لرأس بيروت ندوة حوارية مفتوحة تحت عنوان ” تاريخ بيروت ودورها الوطني ” حضرها اكثر من مايتي شخصية سياسية وثقافية واجتماعية وتربوية ونقابية وممثلو جمعيات ومنظمات اهلية بيروتية من مختلف مناطق بيروت وذلك في فندق Serenada Golden Palace – الحمراء .
افتتحت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني . وتولى عضو الهيئة الادارية للجبهة الاستاذ محمد شهاب ادارة اعمال الندوة،
وقد افتتح اعمال الندوة رئيس الجبهة الاستاذ عبد اللطيف عيتاني بكلمة ترحيبة بالحضور مشددا على دور بيروت الوطني وعلى اهمية التمسك بالوحدة الوطنية والعيش الواحد متعهدا استمرار الجبهة بلعب دورها المؤتمنة عليه بالحفاظ على بيروت واحة الحرية والديمقراطية ومعالجة ومتابعة ازماتها على مختلف المستويات .
بعدها، القى مسؤول العلاقات العامة والاعلام في الجبهة الاستاذ محمد قاسم كلمة الجبهة مستعرضا مرحلة التأسيس عام 1975 والضرورات الوطنية والاجتماعية والثقافية انذاك في مواجهة الخطر الداهم على السلم الاهلي وحفاظا على النسيج والتنوع الاجتماعي والسياسي الذي كان يميز بيروت عموما ورأس بيروت خصوصا , وبهدف التصدي لكافة التجاوزات وتحصين وحماية المؤسسات الصحية والثقافية والتربوية المتنوعة التي تحتضنها رأس بيروت وللحفاظ على هذا النموذج الوحدوي الكفيل بتحصين وحدة الوطن وشعبه ومؤسساته . كما حذر من المخاطر التي تحدق بالعاصمة اليوم نتيجة التعقيدات السياسية المترافقة مع الازمات العامة التي باتت تهدد الروح الوطنية الجامعة ، يضاف اليها الازمات المعيشية والاقتصادية والانعدام الكامل للخدمات بحيث بات اللبناني عاجزا عن توفير الحد الادنى من مقومات العيش : لا كهرباء ولا مياه ولا مستشفيات ،وعجز عن تأمين الدواء وحليب الاطفال والمحروقات ، كما ان ودائعه محجوزة في المصارف مع انهيار مدمر لليرة اللبنانية ، عجزكامل للسلطة عن مواجهة تداعيات انفجار المرفا ،والبلاد اليوم بلا رئيس للجمهورية، وحكومة مشلولة عاجزة عن تصريف الاعمال وتوفير ابسط متطلبات اللبنانيين، ومجلس نيابي معطل ينتظر الفرج او التعليمات لانتخاب رئيس للجمهورية .
كما عرض للتوجهات المقبلة للجبهة لجهة اطلاق مبادرات هادفة للحفاظ على وحدة وتماسك اهل العاصمة والتنسيق مع الهيئات والجمعيات البيروتية والقوى النقابية والديمقراطية لتوحيد الجهود ،ولاطلاق سلسلة من التحركات بهدف رفع الغبن اللاحق باهلها ،ولوقف الاستباحة لمرافقها ومؤسساتها ،وتوفير الخدمات ، وتخفيف حدة الخطاب المتوتر والمتشنج الحاصل في البلاد، اضافة لتنظيم ندوات استنهاضية في مواجهة سياسة التهميش والاهمال وسياسة رفع اليد الرسمية كليا عن حقوق اللبنانيين ومتطلبات عيشهم بكرامة، كما التشبيك والتنسيق والتعاون بين القوى والهيئات الاهلية لتحقيق قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي يتوق اليها اللبنانيون، والعمل على رفع الروح المعنوية لاهل بيروت لتمينكهم من مواجهة التحديات التي تواجههم مع كامل الثقة ان اهلها على استعداد لهذا التحدي متى توفرت الارادة والادارة والخطة للنهوض بالعاصمة وإستعادة دورها الرائد.
بعدها استعرض المؤرخ الدكتور عصام شبارو بشكل تفصيلي للحقبات التاريخية التي عاشتها العاصمة بيروت انطلاقا من تاريخها الغارق بالفدم حيث كانت لبيروت ادوارا هامة اعتبارا من الالفية الرابعة قبل الميلاد وتطور تاريخها منذ نشاتها وحتى نهاية حكم الرومان وموقعها وتكوينها الجيولوجي وتسميتها واصل الشعوب التي سكنتها ، باعتبار بيروت من اول مدن العالم القديم .كما استعرض تاريخ بيروت وعلاقتها بمصرالفرعونية ، وركز على العصر الذهبي لاستقلال بيروت بين الاعوام 1200 و900 قبل الميلاد خلال حقبة الفينيقين ، لينتقل الى بيروت التي تحولت الى ممر للجيوش الغازية لما يقارب 600 سنة ، ثم استعرض دور بيروت خلال حكم اليونان والازدهار الذي غمرها وفي مقدمها تاسيس مدرسة الحقوق ،ومن بعدها الزلزال المدمر الذي قضى على كل ما وصلت اليه من ازدهار .
ثم انتقل لاستعراض بيروت في ظل الفتح العربي- الاسلامي في العصرين الاموي والعباسي، حين اصبحت مركزا للاسطول البحري الاسلامي ، وما رافق ذلك من ازدهارللحركة العلمية والادبية والدينية . تلا تلك الحقبة مرحلة خضوعها للاحتلال الغربي الصليبي وتحولها الى بارونة .ومن ثم تحررها بعد حصار صلاح الدين لها ودخولها صلحا وعودة سكانها الاصليين اليها بعد تهجيرهم منها . ثم عرض لبيروت في ظل دولة المماليك وازدهارها وانشاء البريد واعتماد بيروت الميناء الرئيسي لبلاد الشام. ثم تحدث الدكتور شبارو عن موقف بيروت من الحروب الاهلية وامتداد فتنة 1841 الى ساحل بيروت واعتماد خط بيروت – دمشق خطا فاصلا بين القائمقاميتين وما تلاها من فتنة اكبرعام 1860 وما نتج عنها من نزوح المسيحيين الى بيروت، ما ادى الى توسع بيروت وتمددها خارج ابوابها لتضم الضواحي التي باتت الاحياء الجديدة لها،وتحول بيروت الى مركز تجاري ( مرفأ، أسواق، خانات) وقيام المشاريع الانمائية والعمرانية (فنادق، طريق دولي، سرايا كبيرة، سرايا صغيرة..) وقيام المساجد والزوايا والكنائس والاديرة والمؤسسات التربوية ( الجامعة الاميركية، اليسوعية ، جمعية المقاصد…) ومن ثم انشاء ولاية بيروت ومركزها مدينة بيروت ،وما تلاها من مواجهة تداعيات الحربين العالميتين ومرحلة الانتداب الفرنسي والاستقلال. ومن بعدها ازمة العام 1958 والحرب الاهلية عام 1975 والاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982وصولا لاحتلال بيروت وقدرة الشعب اللبناني اطلاق المقاومة الوطنية وتحرير العاصمة وباقي المناطق المحتلة مع ما واجهته العاصمة من صعوبات كبيرة وتحديات هائلة ابان تلك المراحل ومن بينها انعكاسات عمليات التهجير والفرز الطائفي والدروس المستفادة من تجربة الجبهة الموجدة لرأس بيروت والهيئات المماثلة التي كان لها الدور الاكبر في الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي والتربوي والديني ومنع الفرزالمذهبي اوالطائفي في رأس بيروت وفي تامين الخدمات لاهلها .
ومع إنتفاضة 17 تشرين وتداعياتها ، وانهيار مؤسسات الدولة وتفاقم الازمات على كافة الصعد وتبخر اموال اللبنانيين وتهريبها الى الخارج واستشراء الفساد والمحاصصات وانعدام كامل للخدمات وعدم معاجة النتائج الكارثية لانفجار مرفأ بيروت وتدهور مدمر لمداخيل اللبنانيين وانهيار قيمة النقد الوطني , كل هذا يتطلب استعادة وتنشيط ادوار الجبهة الموحدة لراس بيروت والهيئات المثيلة لها ،واهمية توحيد جهودها لمنع ومواجهة سياسة تدمير بيروت وشرذمتها من الداخل واعادتها قرونا الى الوراء .
بعد ذلك فتح باب الاسئلة والنقاش مع الحضور ، حيث شارك العديد من المشاركين بمداخلات قيمة وبناءة ركزت على شؤون وشجون بيروت ومعاناة اهلها على الصعد كافة وعلى اهمية التمسك بوحدة العاصمة والتركيز على مواجهة سياسة افقارها لاخراجها من المعادلة وافقار اهلها واشغالهم عن مواجهة التحديات المحدقة بها وبهم ، كما ركزوا على اهمية توحيد الجهود والاهداف بين الهيئات والجمعيات ومنظمات المجتمع الاهلي ، مطالبين بمزيد من الحوارات والندوات بهدف التوعية وتوحيد المواقف والى تكثيف اللقاءات الموسعة لتدارس آليات التنسيق واشكال المواجهة لتحقيق تلك الاهداف .
المصدر : الجبهة الموحدة لرأس بيروت.