الأزمة السياسية تضرب الإقتصاد بقوة…كم سيبلغ الدولار؟
“ليبانون ديبايت”
لا يقتصر تأثير الأزمة السياسية التي نتجت عن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء على الوضع السياسي حيث تطال بتداعياتها الجانب الإقتصادي الهش الذي يتأثر عمومًا بأي حدث أو أزمة عابرة.
ومن المتوقع في ظلّ تعطيل المؤسسات الدستورية والتأخير في إعتماد الاصلاحات وإقرار القوانين الاصلاحية أن يتأثر سعر صرف الدولار، لذلك يعتبر الصحافي السياسي والاقتصادي عماد الشدياق في حديث الى “ليبانون ديبايت” أنه طالما هذا التأخير موجود والدولة مأزومة وليس لديها دولارات كافية ستلجأ عبر مصرف لبنان الى شراء الدولار من السوق مما يرفع سعر الصرف تلقائياً.
ويلفت في هذا الإطار الى أنّ أي قرار لمصرف لبنان بعدم الدخول في لعبة الدولار بيعاً او شراءً فإن سعر الصرف سينخفض حتماً.
ولكن كيف يفسّر ما يقوله خبراء عن أن تدخل المصرف هو ما يؤثر في انخفاض الدولار؟ يقول:” أن هذا الكلام صحيح لكنه يشكل جزءاً من القصة، فالمصرف عندما يتدخل لبيع الدولار يكون قد قام بشراء هذا الدولار من السوق فارتفع ثمنه “مثل لعبة اليويو” رغم انه يخسر، مرجحاً ان يستمر الأمر على هذا المنوال حتى اقرار الاصلاحات وبدء العمل بها.
ويتحدث عن الازمة بعمقها المتعلق بالاقتصاد عموماً، فحجم الاقتصاد في البلد اي الناتج الاجمالي المحلي 54 مليار دولار كان قبل الازمة واليوم وفق تقديرات البنك الدولي هو بين 18 و20 مليار دولار.
ويلفت الى ان حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية هو بحدود 70 او72 تريليون ليرة اذا قسّمت على سعر صرف 41 الف ليرة تكون النتيجة 1,7 مليار دولار اي أن حجم ما لدى الدولة هو اقل من ملياري ليرة بظل افلاس المصارف وغياب التسليفات، فأين الفارق بين الناتج البالغ 20 مليار ووحجم الكتلة؟
ليُجيب على سؤاله بأنّ فائض الدولارات الموجود بالبلد هو بالفرش دولار أو “الدولار الكاش” والمتأتي أيضاً من الحركة الإقتصادية في القطاع الخاص، وهو ما تناوله البنك الدولي في تقريره حيث كشف أنّ حجم التحويلات الوافدة إلى لبنان في العام 2022 هي 6.8 مليارات دولار (6.6 مليارات دولار في العام 2021)، ولبنان يحلّ ثالثًا إقليميّاً مسبوقاً فقط من مصر (32.3 مليار) والمغرب (11.4 مليار) كما يتَبَوَّأَ المركز الأوّل في المنطقة والمرتبة الثانية عالميّاً من حيث مساهمة التحويلات في الناتج المحلّي الإجمالي (37.8% في العام 2022).
فهذا الفائض بالدولار الذي يتحرك الاقتصاد على اساسه، يدحض مقولة الشح بالدولار، وهذا الشح موجود فقط في مكانين أي عند الدولة او المصرف المركزي وعند المصارف.
وبالعودة الى الناتج المحلي، يوضح أنّه وفق المفاهيم الاقتصادية فإنه كلما ارتفع الناتج المحلي زادت نسبة النمو الاقتصادي، لكن الناتج في لبنان هذا العام والذي بلغ 20 مليار دولار كان عبارة عن 6،8 مليار دولار تحويلات و7 مليار دولار من موسم السياحة والباقي من عمل القطاع الخاص وحجم الكتلة النقدية، أي أنّ اقتصاد لبنان قائم فعلياً على”الشحادة ” من المغتربين وعلى الموسم السياحي والحركة الإقتصادية.
ولا يوافق على أنّ السياحة هي التي ساهمت بعدم خفض سعر صرف الدولار خلال الصيف، لأن مصرف لبنان هو من قام بذلك، عبر الطلب على الدولار بأسعار عالية ليستمر بشراء الدولار.
ويكشف كيف تجري لعبة المصرف المركزي في موضوع سعر الصرف، حيث يوحي مصرف لبنان أنّه لا يتدخل بالسوق بل يتعامل مع 3 شركات بشكل نظامي، لكنه فعليًا يتعامل مع كافة الصرّافين لأن “التعليمة” تصل الى الجميع ويبدأ الموضوع باتصال بشركة كبرى واحدة للصيرفة للشراء على سعر صرف يصل الى 40 ألف مثلاً لتقوم الشركة بالتعميم على الاصغر منها بشراء يقل بـ250 ليرة ويقوم هؤلاء بدورهم بشراء يقل 150 ليرة وبذلك يشتر المصرف على سعر 40 الف، ويرفع سعر الصرف كلما كان بحاجة لجمع دولارات من السوق ليحث البائعين على البيع