تابعوا قناتنا على التلغرام
عربي ودولي

“لا سلام” في كاراباخ بلا روسيا وتركيا وإيران….!

عماد الشدياق نقلا “عربي 21”

النزاع بين أرمينيا وأذربيجان لا يتوقف، تهدأ حدّة القتال بين الطرفين، ثم تشتعل من دون أن تسفر عملية المفاوضات والوساطات عن سلام دائم، فيما يتبادل الطرفان التُّهم، ويستجدون الأطراف الخارجية بحثا عن التهدئة.

قبل أيام عادت المناوشات بين الطرفين، فأودت بحياة عسكريين أذريين لم يُحدد عددهم، ثم تجددت يوم السبت الفائت بلا خسائر بشرية، في أحدث تصعيد للعنف بين الدولتين. تزامنا مع ذلك، لمعت بارقة أمل حول قرب انتهاء الصراع بين الدولتين، واحتمال التوصل إلى “معاهدة سلام” تنهي نحو 100 عام من النزاع حول تبعية إقليم ناغورني كاراباخ الفقير بموارده الاقتصادية، الذي يعتمد على الزراعة وتربية المواشي وبعض الصناعات الغذائية من المحاصيل.

لكن الحلّ عاد وتعقّد في الأيام القليلة الفائتة، نتيجة دعوة أذربيجان إلى إلغاء جلسة محادثات كانت مقررة في بروكسل بدعوة من الاتحاد الأوروبي، وذلك نتيجة إصرار أرمينيا على مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يبدو طرفا غريبا عن المنطقة.

على مدى سنوات، كانت المعارك بين أرمينيا وأذربيجان تنتهي غالبا بـ”هدن هشة” واتفاقات غير مكتملة، ينقضها أحد الطرفين لتعود المعارك التي لم تُحسم ولا أيّ مرة لصالح طرف من الطرفين، وهو ما يجعلها على الدوام “منطقة ملتهبة”؛ نتيجة تداخل أطراف دولية ورغبة كل طرف في الضغط على الآخر عبر مناطق النفوذ.

بعد حرب 2020، قاد الاتحاد الأوروبي عملية تطبيع بين البلدين، شملت الانخراط في محادثات سلام وترسيم الحدود، وتخللتها لقاءات عدّة واتفاقات بين الجانبين للوصول إلى سلام، إلا أنّ هذه الخطوات لم تفضِ لسلام دائم؛ لأنّ الأزمة في الحقيقة تتخطى الجوار الجغرافي، وصولا إلى دول أخرى تتصارع حول إمكانية السيطرة على هذه المنطقة، أضيف إلى دول الجوار دول أخرى مؤخرا، هي:

1. الولايات المتحدة، التي تحاول توسيع جبهات الحرب ضد موسكو، إلى جانب الصراع في أوكرانيا.

2. بريطانيا، التي تعتبر كلّا من روسيا وأرمينيا وأذربيجان من الدول المهمة في السياق العام لسياسة “دول كومنولث”، وذلك في مجال الأمن والتنمية الاقتصادية.

3. الاتحاد الأوروبي نفسه صاحب مبادرة السلام اليوم، الذي زاد اهتمامه بتلك المنطقة في الأشهر الأخيرة نتيجة سعيه الحثيث إلى تحقيق مكاسب بمجال تنويع مصادر الطاقة وإنهاء الاعتماد على الغاز الروسي، وذلك عبر أذربيجان الغنية بالمواد الخام، والمطلة على بحر قزوين.

برغم كل هذه المحاولات، تبقى دول الجوار قادرة على فرض أي حلّ نتيجة مصالحها المشتركة وقربها من بؤرة النزاع. هي قادرة على تحدّد مصير هذا الصراع، إن كان بإنهاء الأزمة أو بتصعيدها. ودول الجوار هذه، هي روسيا وتركيا وإيران.

فبرغم هذه التدخلات، تعتبر كل من يريفان وباكو بالدور الروسي كدولة ضامنة لعملية السلام، على الرغم من عدم وجود تلميحات أو إشارات إلى إمكانية التوصل إلى حل وسط بشأن نزاع إقليم كاراباخ. وهو ما أعلنه الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف صراحة قبل أيام، يوم قال؛ إنّ بلاده تعوّل أكثر على الدور الروسي في تطبيع العلاقات مع أرمينيا، معربا عن امتنانه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدوره في تسوية النزاع. كما أن أرمينيا مرتبطة مع روسيا باتفاقية دفاع جوي مشترك منذ عام 2015.

إذا، الطرفان يعترفان بأنّ الكرملين يتمتع بمستوى عال من الثقة مع النخب السياسية الأرمنية والأذربيجانية على السواء، وهذه الثقة غير متوفرة تجاه الولايات المتحدة ولا حتى لدى الاتحاد الأوروبي، ومن هذا الباب يبدو الحلّ أقرب في حال أتى من البوابة الروسية وليس الغربية.

وبالإضافة إلى روسيا، هناك تركيا وإيران اللتان تمارسان نفوذا سياسيا على الساحة في إقليم ناغورني كاراباخ، وتعترف لهما روسيا بهذا النفوذ. ومن ثم فإنّ أيّ تسوية لهذه المواجهة العرقية- السياسية، قد تبدو مستحيلة من دون أخذ بالاعتبار مصالح هاتين الدولتين.

وفيما تدعم تركيا أذربيجان باستمرار، تحاول إيران أن تؤدي دور “الوسيط” الذي يسعى إلى رسم التوازنات بين يريفان وباكو. ومن هذا المنطلق، تجد موسكو أن أولوياتها السياسة لا تحيد عن السعي إلى ضمان السلام والاستقرار في المنطقة، من خلال الحفاظ على “التعاون متعدد الأطراف” مع كل من إيران وتركيا، ومن خلال تطوير العلاقات معهما ومع الدول المشاركة في الصراع نفسه.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى