عن “مثلّث” إسرائيل وتركيا وكازاخستان…!
عماد الشدياق نقلاً عن “عربي21”
قبل أيام، كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن رصد آليات عسكرية مصفحة إسرائيلية الصنع في خدمة القوات الأوكرانية في منطقة خيرسون جنوبي أوكرانيا، ناقلة عن حساب على منصة “تويتر”، يُعنى بالأسلحة والمعدات المستخدمة في الحرب الأوكرانية، صورا لآليات من نوع “أمير” التي تنتجها شركة “غايا” الإسرائيلية الخاصة، وهي المرة الأولى التي يُرصد فيها الجيش الأوكراني مستخدما أسلحة إسرائيلية الصنع.
تزامنا مع ذلك، كان السفير الأوكراني في إسرائيل يفجين كورنيشوك، يقول إنّ وصول بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد فوزه في الانتخابات النيابية الأخيرة، سيكون تحولا استراتيجيا في علاقة تل أبيب بكييف. كما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن السفير نفسه، أنّ نتنياهو “سيفكر في تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا”، وأنّ التعاون العسكري بين إيران وروسيا، “قد يدفع إسرائيل إلى تعاون أوثق” مع كييف، وذلك ضد “عدو مشترك”، من دون أن يحدّد من يقصد بذاك العدو، فهل هو روسيا أو إيران؟
لا يخفى عن أحد أن أوكرانيا تحاول منذ بدء الحرب، إقناع إسرائيل بتزويدها بنظام “القبة الحديدية”، فيما حكومة يائير لبيد كانت تمتنع عن ذلك خوفا من إثارة غضب روسيا. لكن يبدو أنّ تل أبيب كانت تسلك طريقا مختصرا لتسليح الأوكرانيين، بأساليب خفية وعبر شركات خاصة.
فقد كشفت مواقع روسية عدّة مطلع هذا الشهر، النقاب عن مراسلات إلكترونية بين شركات إسرائيلية وأخرى تركية وكازاخستانية، نشرتها مجموعات مجهولة (أنونيموس) على أحد المواقع المخصصة لتسريب البيانات. هذه المراسلات تُظهر عمليات تنسيق واسعة من أجل شراء معدات تخصّ الآليات العسكرية للقوات المسلحة لأوكرانيا.. وهو أمر قد سبق أن مارسته كازاخستان وشاركت في إرسال أسلحة إلى كييف، وسبق أن كُشف عن هذه التفاصيل في وسائل إعلام مختلفة.
أمّا تركيا، فلم تخفِ هذا الأمر منذ بداية الحرب، حيث كانت مشاركتها واضحة عبر شركة “بايكار”، صانعة مسيرات “بيرقدار” الشهيرة، واستطاعت أنّ تستفيد من التناقضات للحفاظ على علاقة متوازنة مع الطرف الأوكراني والآخر الروسي، أقل إلى اليوم.
إسرائيل وكازاخستان
تكشف الرسائل بالتفاصيل والأسماء والتواريخ، أن شركة تكامل تكنولوجي إسرائيلية، تدعى “Tar Ideal” متخصصة بتطوير حلول للسلامة العامة ورصد التهديدات، تواصلت مع شركة NavyCo LLP، بعد توصية من شركة أخرى اسمها “Argun” تصنع محركات وقطع غيار خاصة بالمركبات المدرعة، وكلتاهما شركتان من كازاخستان.
الشركة الإسرائيلية طلبت من NavyCo LLP الكازاخستانية “بشكل عاجل”، نحو 270 قطعة متنوعة من مدافع ذاتية الدفع “هاوتزر” ومحركات لدبابات من نوع T-72 ومركبات هندسية وقطع تبديل وصيانة، وذلك لأحد العملاء (لم يتذكر اسمه)، داعية الجانب الكازاخستاني إلى تزويدها بالعرض الفني والمواصفات ومهلة التسليم.
ثم يأتي الردّ من الشركة الكازاخستانية، مع عرض ضمن ملف، يؤكد أنّ تحضير المعدات المطلوبة قد يستغرق بعض الوقت، فيردّ الجانب الإسرائيلي بأنّه سيعود إلى العميل ليردّ على الجانب الكازاخستاني بالجواب النهائي. الجانب الروسي يرجّح أنّ هذا “العميل” المحجوب اسمه في العرص هو أوكرانيا، عازية سبب ذلك إلى أنّ الجانب إسرائيلي لا يستخدم هذا النوع من المعدات، وإنمّإ له معداته الخاصة أو يستعين بمعدات عسكرية من صناعة دول حلف “الناتو”، خصوصا لناحية المحركات المطلوبة لكونها عديمة الفائدة بالنسبة لإسرائيل، لكنّها في المقابل قد تكون “مفيدة جدا” للجانب الأوكراني، من أجل صيانة مركباته القتالية.
تركيا وكازاخستان
لا تتوقف المراسلات عند هذا الحدّ، فخلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر، كتب ممثل شركة الاستشارات التركية “FleksNET”إلى الشركة الكازاخستانية Argun، يتحدث عن “طلب حكومي” لدولة لم يذكرها، تريد 300 محرك ديزل من نوع UDT-20قابلة للتثبيت على مدرعات روسية من صنف BMP-1 القتالية بمواصفات محدّدة، متحدثا عن التزام مشروع من الحكومة ذات الصلة، وتطلب استبدال محرك BMP-1 بمحرك أكثر كفاءة، مؤكدا في الوقت نفسه أنّ المشروع “دولي قد يحتاج إلى السفر من أجل تنفيذه في بلد آخر”، عارضا على الشركة الكازاخستانية الدخول في شراكة في المشروع في حال تعذّر توفير المحركات الجديدة.
ورد ممثل شركة Argun الكازاخستانية، بأنّ هذا النوع من المحركات يمكن تأمينه بسهولة، لأنّ هذا النوع من المحركات “شائع جدا في مجالنا”، مؤكدة له أن شركته “ستكون قادرة على توفيرها الكمية المطلوبة، من أجل تقييم آفاق التعاون”.
هذه التسريبات تطرح العديد من الأسئلة، وتزيد في المشهد الأوكراني والعالمي تعقيدا. فهل هذه الشركات “الخاصة” تتصرف من بنات أفكارها؟ أو أنها واجهة لتنسيق بين الدول المذكورة على مساعدة الجيش الأوكراني بالسرّ عبر شركات خاصة؟ وما هو مستقبل العلاقات بين روسيا من جهة وتركيا وإسرائيل وكازاخستان التي كانت تصنف نفسها قبل وخلال وبعد الحرب الأوكرانية صديقة لموسكو؛ من جهة أخرى؟ قد تبدو الإجابة عن هذه الأسئلة صعبة.. لكن تعاقب الأحداث والوقت كفيلان بتقديم الإجابات الشافية.