رسالة سعودية بالغة الأهمية… وتحذيرٌ من الإقتتال الداخلي !
“ليبانون ديبايت” – محمد المدني
يُشكل انعقاد منتدى الطائف اليوم في قصر الأونيسكو، خطوةً سعودية جديدة تجاه لبنان الذي يعاني من أزمة نظام واضحة، حيث أن الحياة السياسية يُخيّم عليها الفراغ القاتل في الكثير من الأوقات. وتهدف السعودية من هذا المنتدى إلى وضع الأساس السياسي الذي ترضى به المملكة للتعامل مع لبنان وسلطته التنفيذية.
منذ اليوم الأول لتوقيع اتفاق الطائف عام 1989 وهو يتعرّض لمخاطر وتشوّهات بسبب سوء تطبيقه، ولا سيّما عندما تمّ تكليف الجانب السوري برعاية تنفيذ الطائف خلال فترة الوصاية، حيث تمّ تحوير الإتفاق مضموناً، لكن عمليًا روحه بقيت موجودة.
جرت محاولة جدية أولى بالعمق لتجويف الطائف عبر اتفاق الدوحة سنة 2008، الذي انعقد في أعقاب غزوات “حزب الله” في بيروت والجبل، وشكّلت التفاهمات التي عُرفت باتفاق الدوحة، إختراقاً للطائف ومحاولة لتغليب نصوصٍ غير دستورية على نصٍّ وُلد من صلب الدستور اللبناني، إضافة إلى أن “الدوحة” ساهم بترسيخ أعرافٍ جديدة أدت إلى تفريغ الطائف من مضمونه.
هناك أطراف لبنانية معروفة ومُعلن عداؤها للطائف، بعضها بشكلٍ سافر وبعضها الآخر عبر الممارسة السياسية. بالشكل السافر، يُعتبر “التيار الوطني الحر” الذي يقوده الرئيس السابق ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل، من أشدّ المعارضين للطائف، وعداء عون للطائف ليس سراً وقد حاول كثيرًا أن يسقطه لكنه لم ينجح. “حزب الله” هو الطرف الآخر الذي يهمّه قلب النظام والمعادلة والتوازن السياسي وتغيير وجه البلد بدءاً بالأعراف والممارسة وانتهاءً بالنصوص الدستورية. كما أن فكرة المؤتمر التأسيسي التي كان منبعها مصادر الحزب وأجواؤه في العامين الماضيين، تدلّ أن مشروع “حزب الله” لم يتغير، وهو تدمير الطائف.
إنطلاقاً من منتدى دعم الطائف اليوم، تشير مصادر مطلعة إلى أن للمملكة العربية السعودية دوراً مهماً جداً في حماية الطائف، لأن الطائف هو اتفاق لبناني عربي ودولي. صحيح أنه اتفاق لبناني، لكنه حصل بضمانات عربية ودولية وصولاً إلى غطاء الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول الغرب، حتى روسيا كانت جزءاً منه، بمعنى أنها أيّدت حصوله في مجلس الأمن الدولي.
وتشير المصادر، إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يُعقد منتدى بهذا الحجم في بيروت وبهذا الحضور الكثيف وبرعاية سفير المملكة وبحضور أبرز الشخصيات التي شاركت باتفاق الطائف.
هذا المنتدى وفق المصادر، سيعيد تثبيت أهمية اتفاق الطائف في المعادلة اللبنانية والتحذير من عدم الإخلال بالتوازنات التي أرساها، لان التلاعب فيه ينسف الصيغة اللبنانية بكلّ أركانها. كما أن المنتدى يردّ على طروحات البعض لإيجاد بديل عن اتفاق الطائف سواء كانت المثالثة التي طرحها “حزب الله” أو الفيدرالية أو الكونفدرالية أو التقسيم الذي أحياناً يدغدغ مشاعر البعض في الداخل اللبناني.
وأكدت المصادر نفسها، أن اتفاق الطائف سيبقى دستور لبنان وسيبقى حافظاً لصيغة العيش المشترك بين اللبنانيين. وأبرز ما في هذا المنتدى هو أنه ردّ حاسم على كلّ محاولات الدعوة لتغيير اتفاق الطائف، وهو رسالة للداخل، وتحديدًا ل”التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، ولبعض الدول التي تسعى لأن ترعى ندوات أو مؤتمرات كما كان هناك نيّة لعقد مؤتمر في سويسرا لبحث صيغة جديدة للبنان.
وتختم المصادر، أن اليوم سيكون مفصلياً في تاريخ لبنان، والحضور الكبير سيؤكد على أهمية اتفاق الطائف وعدم التلاعب فيه، وسيُحذّر من أن العودة إلى ما قبل الطائف هي عودة الى الإقتتال الداخلي والحرب الأهلية التي نعلم كيف تبدأ لكن لا نعلم كيف تنتهي.