رقم “خيالي” لـ أرباح ما بعد ترسيم الحدود… وما بين الحرب والإتفاق “شعرة”!
بدأ فعليًا العد العكسي لاستحقاقات مصيرية سيشهدها لبنان، تبدأ بالكباش الحكومي ولا تنتهي بالانتخابات الرئاسية وما قد يسبقها من قرارات ختامية للعهد.
ولعل أبرز ما يتمنى رئيس الجمهورية ميشال عون انجازه قبل انتهاء فترته الرئاسية هو ملف ترسيم الحدود البحرية، الذي يقترب من خواتيمه بحسب غير جهة رسمية وأمنية، كان آخرها اللواء عباس ابراهيم. علمًا أن أجواء الخطابات “ملبّدة” بغيوم التهديد والوعيد، ليفصلنا عن الحرب والإتفاق شعرة.
ويشبه مشهد ملف الترسيم الحالي، “الميركاتو الصيفي” لأندية كرة القدم العالمية، حيث تبقى الصفقات غير منجزة رغم الضخ الإعلامي المهول، الى حين إعلان الطرفين بشكل رسمي عن ذلك. في هذا الإطار، يرى مدير “معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية” الدكتور سامي نادر أننا أمام روايتين في الداخل، طرف يقول أن الاتفاق شبه أُنجز، وآخر يُرسل مسيّرات الى كاريش.
واستغرب نادر، في حديث لـ”ليبانون ديبايت” التضارب و”الضياع” الحاصل، متسائلًا على ماذا استند كلام بعض المسؤولين بأن الاتفاق في خواتيمه، وعلى أي خط؟، وقال، “اذا الاتفاق سيتم على أساس الخط 23 لماذا تُرسل المسيّرات الى منطقة الخط 29؟
وأفاد بأن لفك شيفرة الاتفاق يجب معرفة تفاصيل آخر عرض قدّمه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للبنان، وامكانية تضمّنه بند تلزيم حقل قانا لشركة معيّنة تقوم بتوزيع الأرباح، علمًا أن ما يحمله “قانا” لم يٌكتشف بعد.
وشدّد نادر على أهميّة عامل الوقت، فإسرائيل اليوم وصلت الى مرحلة الاستخراج، أما لبنان فينسى أن على طاولة المفاوضات “في شي بدو يفوت عجيبتك وشي يطلع من جيبتك”، ويتلهى بعض الداخل بخطاب “الكرامات والعزة”، متجاهلًا أهمية الغاز اليوم في ظل التغيّر المناخي، اضافة الى تداعيات الحرب الأوكرانية، التي قفزت بسعر الغاز بعدما كان العالم متّجهًا نحو الطاقة المتجدّدة.
ولفت الى أن الفرصة اليوم لن تدوم، مستذكرًا آخر كلام لأمين عام الأمم المتحدة منذ أيام عن ضرورة الانتباه لمسألة المناخ، وعدم الاكمال بسياسة “اضرام النار في منازلنا”، مما يثمّن أكثر عامل الوقت.
أما اذا كان لبنان “رابحًا” اذا تم الاتفاق على أساس الخط 23، قال نادر، “بالتأكيد، لأن أساس المشكلة أن لبنان اتجه نحو التفاوض من دون التحضير المطلوب، وغيّر رأيه أكثر من مرة وهذا لا يخدمه على الطاولة، وكان من المفترض أن نثبت أولًا الخط 29 وثم نفاوض”.
ولا يستبعد نادر خيار الحرب بعنوان الحقوق البحرية، إذ قال أن خطر الإنزلاق نحو الحرب موجود اليوم بشكل أكبر مما كان عليه منذ سنة، فالاتفاق النووي متعثّر وايران تلعب كل أوراقها، مشيرًا الى أن الحرب اذا حصلت ستكون شبيهة بحرب تموز، مع فارق أن لبنان اليوم لا يملك “حق ربطة خبز” أي أنه فاقد لمقومات الصمود.
هل سيغتني لبنان ما بعد الغاز؟، في هذه المسألة يشير نادر الى أنه يجري تضخيم للآمال، وأن أهم ما يجب تأمينه ما بعد القرار هو ضمانات الاستقرار والابتعاد عن أي “فتّيشة” تُهرب الشركات.
وربط نسبة الأرباح وطريقة توزيعها بنوعية الاتفاق الذي سيقوم عليه الملف، إذ أنه لا يمكن التكهّن من الآن بالأرقام الدقيقة والأرباح السنوية.
وفي السياق، كشف نادر عن تقرير نٌشر مؤخرًا يزعم أن الثروة النفطية في المتوسط تٌقدّر بـ 600 مليار دولار ستوزع على لبنان وقبرص واسرائيل ومصر.
وقال، “هذا الرقم كبير، واذا صدق فنكون أمام فرصة مهمة علينا الاستفادة منها، فبالأرقام حتى 10 مليارات للبنان من الممكن أن تُخرجه من الأزمة، وأقله هذا الملف يحل أزمة الكهرباء، إلا أن ما يمكن تأكيده اليوم، أننا ما زلنا في مرحلة “غاز ببحر”، والنتائج مرهونة بالأفعال وسرعتها.