التكليف سيبقى تكليفاً ! و “ميقاتي” مرتاح على وضعه !
يبدو أنّ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي سيبقى تكليفاً ولن يرقى إلى مستوى التشكيل، والبرهان كان في التشكيلة التي حملها بعد أقل من 24 ساعة على استمزاج آراء الكتل النيابية، حيث لم يتقيد بأي من هذه الآراء بل حمل ما كان أعدّه سابقاً وسلّمه إلى رئيس الجمهورية، هادفاً من ورائه إيهام الرأي العام بجديته أولاً، وناقلاً المرمى لتلقي الأهداف من السراي إلى قصر بعبدا.
ترجم الرئيس ميقاتي منذ اليوم الأول عدم جديته في موضوع التشكيل منذ اليوم الأول حيث حمل على عجلة من أمره تشكيلة منقحة لحكومة ما قبل الانتخابات النيابية، ووقع في جملة من الالتباسات:
-إن التشكيلة لم تترجم نتائج الانتخابات من حيث التمثيل المطلوب للكتل.
-لم يتعمّق في المناقشات مع الكتل النيابية ولم يحاول ابداً اقناع الكتل التمثّل في التشكيلة الجديدة كما يحصل عادة في استشارات التشكيل في اي دولة تعتمد النظام نفسه، وبالتالي اسقط فرضية نيل حكومته الثقة في حال تشكيلها لا سيما ان كُلف بـ54 صوتاً فكيف يحصل على ثقة اكثرية نيابية غير ممثلة بالحكومة؟.
-تلاعب ميقاتي بموازين الطائفية في توزيع الحقائب الاساسية المفترض أنه مقسمة بالتوازي بين المسيحيين بمختلف مسمياتهم والمسلمين بمختلف مسمياتهم، وكان الأحرى بميقاتي عندما قرر استبدال وزير الطاقة أن يستبدله بأسم “ارثوذكسي مراعاة للتوزيع الطائفي للحقائ او على الاقل طرح اسم ارثوذكسي لحقيبة الصحة بدل الطاقة.
وعلى الضفة الأخرى ردّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تشكيلة الرئيس ميقاتي بأبعاد ثلاثية غير منطقية عبر طرح ثلاث انواع حكومية:
-اعادة التشكيلة نفسها بدون اي تعديل للحكومة السابقة
-تبديل شامل للحقائب يشمل كافة الحقائب
-حكومة ثلاثينية مطعمة بست وزراء دولة ممثلين للاحزاب لطبع الحكومة بطابع سياسي والتي يطالب بهذا اللون تحديداً .
وتغمز مصادر سياسية من قناة عون ورغبته بحكومة سياسية، أنه “هذه الرغبة كانت مشتركة مع الرئيس مكلّف قبل الانتخابات وكان يسير بهذا الاتجاه قبل التكليف مباشرة”.
وتلفت المصادر هنا إلى أن “الرئيس عون ردّ على طرح ميقاتي نزع الطاقة من التيار الوطني الحر بالمطالبة بوزارة الداخلية ونزعها من السنة على قاعدة وحدة بوحدة”.
وتشير المصادر إلى أن “رئيس التيار النائب جبران باسيل يريد العودة الى الحكومة شخصياً ليتولى حقيبة الخارجية فيها ويريد ايضاً اسناد حقيبة الطاقة الى النائب ندى البستاني (التي كان لها شرف تولي وزارة الطاقة سابقاً )وكذلك يطالب بوزارة البيئة لإسنادها الى الوزير السابق ومستشار الرئيس عون الحالي القاضي سليم جريصاتي”.
لكن حساب الحقل لن يتواءم هذه المرة مع حساب البيدر، فلماذا يسارع ميقاتي لتشكيل حكومة فيما هو رئيس حكومة يقبع في السراي ولن يزاحمه أحد على ذلك؟ بمعنى أنه مرتاح لوضعيته هذه في ظل حكومة ووزراء تصريف أعمال يتناغم معهم بالمبدأ ولو كان هناك تباينات مع بعضهم، وهو بعد التكليف أصبح إرتياحه مضاعفاً بعد أن أسقط المنافسة التي كان يمكن لنواف سلام خوضها.
والرئيس ميقاتي يبدو اليوم أكثر تصلباً مع التيار فلن يقدم لباسيل الطامح إلى الحقائب المذكورة أي تنازلات فهو لم يتنازل له سابقاً ولن يتنازل له اليوم، وهواستطاع أن يجر باسيل من المطالبة بحكومة سياسية إلى الإكتفاء بعدم تغيير فياض فغيّر بذلك عناوين المعركة مع التيار، حتى دفع باسيل لإعتبار الإبقاء على فياض إنجازاً له.
وبالطبع سيشهد مطلع الأسبوع حراكاً جديداً لن يكون سوى جعجعة بدون طحين لا سيما مع المعلومات عن زيارة للرئيس ميقاتي إلى بعبدا.
إذاً أمام تشكيل الحكومة عقبات تبدأ من التباينات التي تًعسر الولادة وتمرّ بإرتياح ميقاتي على وضعيته الحالية، وتقف أمام طلبات الرئاسة الأولى، فتتظهر الصورة عن استحالة التشكيل على أعتاب الإستحقاق الرئاسي بعد أن داهم الوقت الجميع الذين هدروا فرص الوصول إلى حكومة جديدة قد لاتقدم جديداً إلّا أنها قد تتسلّم مهام الرئاسة الأولى “بثوب شرعي” وليس “عيرة” لأنّ “توب العيرة ما بدفي” على أبواب شتاء سيكون قاسياً بكل المقاييس