خطورة ربط مصير لبنان بسوريا.. وغياب الاهتمام بنفط البلدين
المؤشران الأبرزان مثّلهما حضور وزيري خارجية قطر والكويت، اللذين عقدا لقاءات عدة، سعيًا للوصول إلى تفاهم لبناني. وهذا ما أكده الوزيران في لقاءاتهما. وكان هدف لقاء وزير خارجية الكويت برئيس الجمهورية ميشال عون، البحث في كيفية تطبيق بنود المبادرة الكويتية، إضافة الى توجيه دعوة عون لزيارة الكويت.
يمكن للقاء التشاوري أن يحمل مؤشرات عدة، تظهر كيفية التعامل العربي مع لبنان في هذه المرحلة: يبدو أنه ليس على جدول الاهتمام، طالما أن أزماته السياسية والاقتصادية والمالية مستمرة بالتفاقم، من دون سعي جدي للعمل على حلّها. ويظهر أن الشطر الأهم من المشكلة، سياسي في إطار صراع المحاور. هنا لا تنفصل معضلة ترسيم الحدود عن التطورات الجارية.
شروط إسرائيل للترسيم
صحيح أن هناك من يرى أجواء إيجابية في لبنان حول الترسيم، ناسبًا للإسرائيليين موقفًا مبدئيًا بالموافقة على المقترح اللبناني. وهذا ما تبلغه المسؤولون اللبنانيون من السفيرة الأميركية دوروثي شيا، في جولتها عليهم ولقاءاتها معهم.
لكن المؤشرات والمعلومات تؤكد أن الأمر لا يزال في نقطة بدايته. ومن يعرف طريقة تفاوض الإسرائيلي يدرك ذلك جيدًا. فهو قال إنه مستعد للموافقة، ولكن بشروط. والشروط أعقد من الرفض، في ظل استحالة أن يلبيها لبنان. فإسرائيل تصر على الخط المتعرج، والحصول على مساحة موازية للمساحة التي يحصل عليها لبنان من حقل قانا. وقد تكون تلك المساحة من البلوك رقم 8. أما الشرط الآخر والأصعب، فهو مطالبتها بدفع لبنان مبالغ مالية لقاء تنازلها عن حصتها من حقل قانا. وهذا يعني عدم اعترافها بأن الحقل ملكية لبنانية، مقترحة بيعه أو بيع مخزونه للبنان.
نفط لبنان خارج الاهتمام
المسار التفاوضي اللبناني مستمر، ولكنه طويل الأمد ومعقد. والاهتمامات الدولية والإقليمية بالنفط في شرق البحر المتوسط، يبدو لبنان خارج حساباتها ودراساتها. فالتركيز في عمليات استخراج النفط والغاز، يغيب لبنان عنه، كما تغيب سوريا.
ويتركز الاهتمام على إسرائيل ومصر، لتأمين كميات من الغاز لأوروبا برعاية أميركية. وهذا ما تجلى أثناء تعزيز التعاون المصري- الإيطالي. فإيطاليا تلعب دورًا أساسيًا في ملف النفط والغاز في البحر المتوسط، بينما شركة توتال الفرنسية تواجه صعوبات في لبنان وفي غيره.
مصير لبناني- سوري مشترك
المصير اللبناني- السوري غاب عن الحضور الفاعل أو الفعلي في مجالات النفط والغاز. والغياب هذا يتكامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعيشها البلدان، على خلفية شطر من الكلام والمواقف العربية التي تشير إلى أن الطريق الوحيد لتعويم النظام السوري، هي خروجه من الحضن الإيراني. وهذا مستحيل.
وما ينطبق على النظام السوري ينطبق على لبنان، وإن لم يكن ذلك معلنًا. والشروط العربية واضحة حيال لبنان: تعويمه سياسيًا واقتصاديًا، مرتبط بمتغيرات سياسية واقتصادية في داخله، وحدها الأدنى استعادة نظامه السياسي توازنه. وهذا غير ظاهر حتى الآن، ولا مؤشرات لتوفيره، ما لم تتوفر ظروف إقليمية.
استمرار الاستنزاف.. والخطر
الظروف هذه لا تزال معقدة، لا سيما بعد عدم تحقيق نتائج إيجابية بين الإيرانيين والأميركيين في الدوحة، ما قد ينعكس سلبًا على الوضع في المنطقة، في حال قرر أحد الأطراف الذهاب نحو التصعيد. أما الأخطر فهو أن تكون هناك قناعة خارجية بأن لا حلّ في لبنان ومعه، إلا من بوابة ترسيم الحدود، التي قد تنطوي على شروط قاسية. وهذا يعني أن الاستنزاف مستمر طويلًا.
في الموازاة، برزت زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق، بعد لقاء إيراني- تركي، وعلى وقع انسداد التفاوض النووي. هذه الزيارة قد يكون هدفها ترقب احتمال تصعيد، أو زيادة الضربات الإسرائيلية على مواقع الإيرانيين وحزب الله.
زيارة عبد اللهيان، كانت قد سبقتها زيارة اسماعيل هنية بيروت. وحكي قبلها عن زيارة اسماعيل قاآني بيروت، للبحث في تطورات الوضع في المنطقة. وبما أن المرحلة هي مرحلة اهتمام بنفط شرق المتوسط، لأنه يمثل نفطًا عالميًا وأوروبيًا بالتحديد، يتزايد الخطر ويتفاقم في المنطقة وفي لبنان.
المصدر : المدن.