تابعوا قناتنا على التلغرام
اقتصاد ومال

فضيحة دولارات صيرفة: إخفاء للأرقام وارتفاع للأسعار !

رفضت الحكومات التي واكبت الانهيار منذ تشرين الأول 2019، توجيه الدعم للأسر الفقيرة عوض دعم الاستيراد واستفادة التجّار منه. فكانت النتيجة تبديد الدولارات وإعلان وقف الدعم. أما ترك مَسرَبَ لتأمين الدولارات عبر منصّة صيرفة، فلم يحقّق مبتغاه. فالتجار يحصلون على الدولارت وفق المنصّة ويسعّرون وفق دولار السوق. فمن يستفيد من المنصّة وما الداعي لاستمرارها في حال فشلها؟

ولادة ميّتة

فشلت سياسة الدعم فأُطلِقَت منصة صيرفة في منتصف حزيران عام 2020، وجرى تعديل العمل عليها بعد نحو عام. وفي نهاية العام 2021 أعلن الصرافون “موت” المنصة.

وخلال عامين من إطلاق المنصة بكافة تعديلاتها، استمر ارتفاع الأسعار واعتماد التجّار على السوق لتأمين الدولارات، كما يقولون. حتّى أن المصارف توقّفت جزئياً عن تسيير الطلبات، ولم يتحرّك مصرف لبنان إلاّ بعد وصول الدولار إلى نحو 38 ألف ليرة. عندها ذكَّرَ بامكانية حصول المستوردين على دولارات صيرفة، وألزَمَ المصارف بفتح فروعها حتى الساعة السادسة لتلبية الطلبات. فتراجع دولار السوق إلى نحو 28 ألف ليرة، لكن أسعار السلع ما زالت تحتسب بما يفوق الـ35 ألف ليرة.

ولإخفاء الأسعار تعمد معظم المحال التجارية والسوبرماركت إلى عدم الإعلان عن أسعارها بشكل واضح كما ينص القانون، والذريعة هي التغيّر المستمر لسعر الصرف. ما يحرم المستهلكين من معرفة المعادلة الفعلية لتحرّك الأسعار.

تفجير الفضيحة

تحميل المسؤولية للتجّار وخصوصاً مستوردي المواد الغذائية، دَفَعَ نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي إلى الكشف عن عدم استفادة المستوردين من دولارات المنصة “بأكثر من 20 بالمئة” من قيمة المبلغ المطلوب.. مع التأخّر في تلبية الطلب “لنحو أسبوعين”، فيما المورّدون، حسب بحصلي “لا يقبلون التّسديد خلال هذه المدّة المتأخّرة”. وعدم حصول التجّار على الدولارات الكافية من المنصة، يعني توجّههم للسوق. وبرأي بحصلي، فإنه “إذا استفاد أحد التجّار بعمليّة واحدة من أصل 20، فإنّه لا يمكنه تسعير كامل بضائعه على سعر صيرفة”.

التجّار لا يحصلون على دولاراتهم، فيما دولار السوق انخفض، وأرقام التداول عبر المنصة ترتفع وصولاً إلى نحو 120 مليون دولار يومياً. وفي المقابل، شهد السوق تراجعاً لأسعار السلع بمعدّل بين 6 إلى 12 بالمئة فقط. فأين تذهب دولارات المنصة؟

رقابة غير فاعلة

لكشف السر، طلب مدير عام وزارة الاقتصاد محمود أبو حيدر، من مصرف لبنان “لائحة بأسماء المستوردين المستفيدين من صيرفة”، وقد وعد المركزي بتأمينها يوم الأربعاء المقبل. وعبر هذه اللائحة “ستتمكّن وزارة الاقتصاد من التأكّد من أسماء المستوردين والمبالغ التي حصلوا عليها، وبعدها ستطلب الوزارة من المستوردين لوائح الأسعار التي وزّعوا وفقها البضائع على السوبرماركت، للتأكد من مدى التزامهم بالتسعير وفق منصة صيرفة”، وفق ما تقوله مصادر في الوزارة خلال حديث لـ”المدن”.

تأخّرت الوزارة نحو عامين، لم تقدّم خلالهما طلباً للمركزي ولم تتأكّد من التزام التجّار. يعود السبب، حسب المصادر، إلى “انخفاض الدولار في الفترة السابقة إلى نحو 20 ألف ليرة، وبدء أسعار السلع بالانخفاض تدريجياً، وكانت الوزارة تسطّر محاضرَ ضبط للتجار والمحال المخالفة، إلى أن استجدّت الأزمة الروسية الأوكرانية التي أدّت إلى ارتفاع الأسعار عالمياً”. أما استعادة الجدل حول الاستفادة من دولارات المنصة، فأدّى بالوزارة إلى طلب لائحة من مصرف لبنان “وسنرى ما سنحصل عليه يوم الأربعاء”.
خطوة الوزارة أتت متأخرة جداً، لدرجة تجعلها عقيمة بعد عامين من تبديد الدولارات والتلاعب بالأسعار. كما أن اللائحة المطلوبة من المركزي لا تبيّن الأرقام المتداولة لأبعد من شهرين، وهو ما سيتم مقارنتها مع الأسعار الموزّعة على السوبرماركت خلال شهرين، فيما المطلوب هو لوائح تظهر هوية المستفيدين وحجم استفادتهم منذ انطلاق المنصة حتى اليوم.

اعتماد وزارة الاقتصاد على مراقبيها للتثبّت من عدم وجود خروقات، سيعني إجراء رقابة شكلية نظراً لعدم وجود عديد كافٍ من المراقبين، وهو ما تشكو منه الوزارة دائماً. والثغرات التي تعاني منها الوزارة، تتكامل مع تقصير مصرف لبنان في اجراء الرقابة، مع علمه أن الصرافين والمصارف لا يسجّلون كافة عمليات البيع والشراء التي تتم عبر المنصة، وهذا خرق جوهري لمفهوم المنصة وهدفها. وعليه، فإن حجم الأموال المدفوعة سيبقى مكتوماً. وعدم إجراء رقابة حقيقية “هو عملية مقصودة لإخفاء حقيقة الأموال، تماماً كما حصل خلال عملية دعم استيراد السلع”، على حد تعبير رئيس جمعية المستهلك زهير برّو، الذي يحمّل المسؤولية خلال حديث لـ”المدن”، للمسؤولين عن هذا الملف “من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والوزراء المعنيين. وكل ذلك يجري ضمن سياسة “تركيب طرابيش” يقودها حاكم مصرف لبنان”.

هدف ما يحصل بنظر برّو، هو “تهريب أكبر قدر ممكن من الدولارات للخارج، ليستفيد كبار التجار والسياسيين والمصارف”. أما عدم الإعلان عن أسماء المستفيدين من دولارات المنصة وحجم الاستفادة “هو نمط ضبابي مقصود لإخفاء الجريمة”. ويسخر برّو من إجراء الرقابة عبر الطلب من التجار إظهار الفواتير، إذ “يمكن للتجّار إعطاء أي فواتير وهمية. فشهادات المنشأ في الخارج يتم تزويرها، فكيف الأمر بالفواتير الداخلية؟”. أما الغاية النهائية من هذه الاجراءات، فهي الوصول إلى تسعير كافة السلع بالدولار.

المصدر: المدن

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى