منظمات في لبنان تشكو “التضييق” على رصد مخالفات الانتخابات
مع اقتراب موعد الصمت الانتخابي للمرشحين بالانتخابات النيابية في لبنان، تصاعدت شكاوى جمعيات المجتمع المدني مما اعتبرته “تضييقاً على عملها القائم في مجال الرصد الإعلامي المكتبي وإجراء الدراسات لجملة المخالفات”.
مؤسسة “مهارات” انتقدت ما وصفته بـ”تعنت” هيئة الإشراف على الانتخابات، بسبب خطابين وجهتهما الهيئة للمؤسسة، اعتبرت فيهما الأولى مشاركة الثانية في رصد انتهاكات الانتخابات “غير قانونية”، ما عدته مؤسسة مهارات “مؤشراً مقلقاً للتضييق على جمعيات المجتمع المدني وعلى حرياتها في الوصول إلى المعلومات وتحليلها ونشرها، وضرب مصداقيتها”.
توضح رولا مخايل، المديرة التنفيذية لـ”مهارات”، مسار التباين في وجهات النظر، قائلة إن الهيئة الرسمية للإشراف على الانتخابات راسلت المؤسسة، وطلبت منها التقدم بطلب اعتماد لديها، وإلا ستعتبر نشاطها في الانتخابات غير قانوني. وتضيف “أوضحنا للهيئة أن عمل مؤسستنا مكتبي ولا يتطلب الحصول على اعتماد، إذ إن المادتين 19 و20 من قانون الانتخابات تتناولان تنظيم عمل المراقبين المحليين والدوليين الذين يحتاجون أذونات للتجول في يوم الانتخابات”.
وتابعت: “الهيئة لم توافق على تفسير مهارات لنصي المادتين، واعتبرت أن نشاط المؤسسة يحتاج إلى إذن، على الرغم من أن مهارات تقوم بالرصد الإعلامي منذ أعوام طويلة حول موضوعات عدة تتعلق بحقوق الإنسان والعمل الديمقراطي، والانتخابات، كما أن عملها في مجال البحث والنشر والرصد لا يخالف القانون، وإنما يعزز تداول المعلومات ونشرها ويعزز حرية التعبير”.
لذلك، تعتبر رولا مخايل، ما حصل مع المؤسسة “تضييقاً، في وقت مهم من تاريخ لبنان، لا سيما في زمن الانتخابات، حيث يكون دور المجتمع المدني حيوياً وأساسياً في رصد الخروقات والانتهاكات التي تشوب العملية الانتخابية وتؤثر على شفافيتها وعدالتها ونزاهتها”.
الرصد
في ديسمبر (كانون الأول) بدأ النشر الدوري لنتائج عملية الرصد الإعلامي، وتشير مخايل إلى أن المؤسسة أصدرت نشرات عن الخطاب الإعلامي وتفاعله مع الانتخابات، ورصد لخطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك الإشاعات والتحقق منها. كما وفرت المؤسسة المواد على موقعها لكل مهتم بدراسة الانتخابات ومدى التزام وسائل الإعلام عدالة ظهور المرشحين”.
تدافع مخايل عن عمل مؤسستها البحثي، فهي “تعمل وفق منهجيات رصد علمية واضحة ومنشورة ويطبقها فريق مكتبي ويحللها خبراء وأكاديميون”، كاشفةً عن “نشر النتائج في تقرير نهائي سيصدر في الفترة اللاحقة للانتخابات النيابية”، معتبرة ما حدث من تضامن مع المؤسسة تحصيناً لها ولعمل المجتمع المدني، معلنةً أن “أول مطلب لها بعد الانتخابات هو إعادة النظر بمواد القانون حتى لا تُستغل لتقويض العمل الرقابي للجمعيات، لأن مهارات مستمرة في عملها ضمن سقف القانون”.
تطرقت رولا مخايل إلى عمليات الرصد السابقة للمؤسسة، فأشارت إلى حالة انعدام التوازن بين الأطراف المتنافسة بناءً على الاختلافات السياسية والجندرية والقدرة المادية، منوهة بأن “التقارير رصدت العنف السياسي الممارس على الناشطات والمرشحات على وسائل التواصل الاجتماعي من تنمر وسخرية، لا سيما للسيدات أصحاب الرأي الشجاع، كما رصدنا المساحات المخصصة على التلفزيونات للمرشحين والمرشحات، حيث لا تزال استضافة المرأة لا تشكل 8 في المئة على الرغم من ارتفاع عدد المرشحات عن الانتخابات الماضية”.
وتابعت: “كشفت الدراسات حول توزع التغطيات بين القوى الناشئة والقوى السياسية التقليدية، أن الأخيرة لا تزال تسيطر على المشهد الإعلامي. ورصدنا خطاب المرشحين ومدى تضمنه لبرامج واضحة ورؤية للحلول”. وتخلص مخايل إلى أن “كل هذه الدراسات يُبنَى عليها لاقتراح توصيات لتحسين الوصول إلى الإعلام أثناء الانتخابات النيابية”.
التضييق يتزايد
تحالف الإصلاح الانتخابي الذي يضم مجموعات عدة من المجتمع المدني (الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، والجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد، والاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً، ومؤسسة مهارات)، أبدى قلقه من جو التضييق المتزايد على المساحات العامة في لبنان وعلى حرية إبداء الرأي والتعبير بشكل عام، وآخره ما تمارسه هيئة الإشراف على الانتخابات في إطار تفسيرها للقانون، لا سيما المادة 20 المتعلقة بمراقبة مجريات العملية الانتخابية من قبل المجتمع المدني.
من جهته، حذر رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك، في تصريحات صحافية، من “فوضى في الإعلام والإعلان والرشاوى”، وكذلك من “هبّة استطلاعات الرأي التي تُنجِح مرشحاً وتُسقط آخر، على الرغم من أن الهيئة وجهت تنبيهات في هذا الإطار إلى المعنيين، عملاً بالقانون الذي يوجب الحصول على إذن كلامي، وتزويدها مسبقاً بكل استطلاع رأي معد للإعلان عنه”.
كما أصدرت الهيئة بياناً ذكرت فيه بموجبات الصمت الانتخابي، وذكّرت الهيئة وسائل الإعلام بوجوب التقيد بإعلان التأييد والترويج لأي مرشح أو لائحة انتخابية، وبث أو نشر أي إعلان أو دعاية أو نداء انتخابي مباشر باستثناء ما يصعب تفاديه من صوت أو صورة لدى التغطية المباشرة لمجريات العمليات الانتخابية.
المصدر :
اندبندنت عربية.