غادر لبنان بحراً… شاب يروي تفاصيل رحلته “المؤلمة”!
نشر موقع “العربية.نت” مقالاً للصحافية جوني فخري، تحت عنوان: “لبناني هاجر “مُرغماً” عبر البحر يروي تفاصيل رحلته”.
وجاء في المقال:
في وقت لا تزال مدينة طرابلس شمال لبنان تحت وطأة مأساة غرق “زورق الموت” الذي أودى بحياة أكثر من 30 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال، منذ أكثر من أسبوع، تتواصل عمليات الهجرة عبر البحر هرباً من جحيم الوطن وبحثاً عن مستقبل أفضل وحياة لائقة تضمن الحد الأدنى لحقوق المواطنين.
ونشر شاب طرابلسي عبر صفحته على فيسبوك، الأسبوع الماضي، فيديو يصوّر مجموعة من الشبان والعائلات نجحوا ليل الخميس في الوصول إلى الشواطئ الإيطالية، وفيديو آخر لمجموعة أخرى نجحت في الوصول إلى قبرص، مع عبارات “خبروا السياسيين أن أبناء المدينة كلهم رح يهاجروا بقوارب الموت قريباً”.
ومن بين ركّاب زورق إيطاليا الطرابلسي، مهدي نجّارين، الأب لطفلة وحيدة “أُرغم” على رحلة الهجرة غير الشرعية عبر البحر بعدما حجز الأمن العام اللبناني جواز سفره، ما حال دون عودته بشكل شرعي إلى عمله في إفريقيا.
روى مهدي (42 عاماً) لـ”العربية.نت”، من مركز استقبال اللاجئين والمهاجرين في إيطاليا، رحلة الهجرة عبر البحر من طرابلس وصولاً إلى الشواطئ الإيطالية.
وقال إن “رحلتنا كانت هادئة ولم يعترضها شيء. وأنا اليوم في إيطاليا بحثاً عن مستقبل آمن يسمح لي بالعودة إلى لبنان بعد سنتين لأستثمر فيه”.
كما أضاف مهدي أنه كان يستأجر كاراج ميكانيك للسيارات والزوارق في طرابلس ويعمل في الوقت نفسه في إفريقيا، وقد عاد إلى لبنان منذ فترة من أجل تجديد جواز سفره.
كذلك أكد: “لا أريد أن أبقى طويلاً في إيطاليا. قررت الهجرة والعمل هناك لسنتين كحد أقصى وتأمين مبلغ من المال يُمكّنني من شراء كاراج الميكانيك في طرابلس بدل أن أبقى “أسير” كلفة إيجاره المرتفعة”.
وعلى عكس شهادات مهاجرين نجحوا بالوصول إلى أوروبا، قال إنه سيعود إلى لبنان، مشدداً: “أنا غير مستعد للتخلي عنه رغم كل ما حصل. لبنان ما في منّو بس السياسيين حرامية وظالمين”.
وانطلق مركب المهاجرين الطرابلسيين من لبنان قبل 3 أيام من فاجعة “زورق الموت”، وأبحر لمدة 9 أيام من دون عوائق. ولدى وصوله إلى المياه الإقليمية اليونانية واجهته البحرية فتمكن من تجاوزها ليصل سالماً إلى شواطئ إيطاليا فجر الخميس الفائت.
كما كان على متنه 187 شخصاً لبنانيون وغير لبنانيين، من ضمنهم 37 عائلة، بينهم 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين الأشهر والعشر سنوات.
واختبر مهدي رحلة الهجرة عبر البحر قبل 3 أشهر، حيث كان من ضمن ركاب زورق انطلق من شمال لبنان وعلى متنه مهاجرون غير شرعيين. وقد انضم إليهم كميكانيكي من أجل إصلاح الزورق في حال تعرض لأي حادث، على أن يعود إلى لبنان ما إن ينجح الزورق بدخول المياه الإقليمية اليونانية، غير أن الأخيرة نجحت بإيقافه وإعادة ركابه جميعاً إلى لبنان.
كما أوضح مهدي أنه اختار “مُرغماً الهجرة عبر البحر بعدما حجز الأمن العام اللبناني جواز سفري لأسباب لا أعرفها بعد جلسة تحقيق خضعت لها في وقت كان مدير عملي في إفريقيا يطلب مني العودة إلى العمل”.
ودفع 5500 دولار ثمن رحلته من لبنان إلى إيطاليا، وأكد أنه سيعود إلى لبنان بعد سنتين على أمل أن تتحسن أوضاعه.
كذلك تابع: “معظم أهالي طرابلس يفكرون بالهجرة من لبنان بشتى الطرق. فمدينتنا المُصنفة الأفقر على سواحل المتوسط، تحتضن أغنى الأغنياء، منهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. هم يراكمون الثروات والطرابلسيون يزدادون فقراً وعوزاً. لا كهرباء ولا أدوية في الصيدليات والقدرة الشرائية تراجعت كثيراً بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار”.
يشار إلى أن طرابلس لا تزال في حداد على أبنائها ضحايا “زورق الموت” الذي غرق مساء السبت 24 نيسان الفائت في طريقه إلى إيطاليا وكان على متنه ما لا يقل عن 84 مهاجراً غير نظامي، لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، ونجا منه 48، فيما جرى انتشال 7 جثث فقط ليبقى ما لا يقل عن 30 مفقوداً.