دمشقيون يسخرون من وزير تحدث عن «فرحتهم عشية العيد»
فاجأ وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السوري، عمرو سالم، كثيراً من المواطنين بقوله عبر صفحته في «فيسبوك»، إنه يرى «الفرحة في عيون الناس وهم يشترون لوازم العيد»، وذلك خلال جولة له على الأسواق الشعبية في دمشق وثقها بكاميرا هاتفه الجوال، مع التعليق بأن «المواطنين في أسواقنا الشعبيّة من القنوات إلى الشارع المستقيم إلى البذوريّة إلى سوق الحميديّة، رغم أن اليوم الجمعة، يشترون، والباعة زيّنوا سكاكرهم وموادّهم بلوحاتٍ يعجز عنها أعظم الرسّامين»، مضيفاً: «الكلّ طيّب، والكلّ يأخذ ما يستطيع والفرحة في أعينهم. وسلامهم دافئ محبٌّ كلّه أملٌ في غدٍ أجمل يستحقّونه».
«شاعرية» الوزير أثارت الاستهجان والكثير من الاستياء، حسب أحد الباعة في سوق البزورية، الذي علق على كلام سالم وقال: «إذا كانت هذه هي حقيقة نظرته للواقع، فلا غرابة إذن في طريقة إدارته لوازاته التي أنهكتنا»، متسائلاً: «أين الفرحة عندما لا يستطيع مواطن متوسط الحال شراء كيلوغرام حلويات وسكاكر للعيد، مع تجاوز سعر الكيلوغرام الجيد منه مائة ألف ليرة سورية، أي أكثر من نصف راتب موظف؟!»، ويضيف ساخراً: «الناس تضع لايك (أعجبني) على البضائع ولا تشتريها».
واعتاد الباعة في الأسواق الشعبية خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان على عرض بضائعهم أمام المحلات حيث تكتظ الأرصفة بالضائع، ويزينونها بإنارة ملوَّنة لجذب الانتباه، حيث يتكبدون تكاليف الإنارة بواسطة المولدات أو البطاريات، بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، بمعدل خمس ساعات قطع وساعة إنارة، لتتواصل الحركة إلى ساعة متأخرة من الليل، لتبدو الأسواق والشوارع التجارية جزراً ضوئية تعج بالحركة في محيط من الظلام الدامس، حيث تصبح تلك الأماكن فسحة للتنزه أكثر منها للتسوق، في ظل ارتفاع أسعار ارتياد المقاهي والمطاعم. «فنجان قهوة وكأس ماء يكلفان عشرة آلاف ليرة» حسب لمى التي باتت تفضل مشوار السوق مع صديقاتها بدل الجلوس في المقهى: «في رمضان يضيفون إلى الفاتورة صحن تسالي إلزامياً ندفع قيمته حتى لو لم نطلبه».
سمر موظفة في محل ألبسة في الصالحة، تقول: «البيع في الأسبوع الأخير من رمضان يأتي بعد عام كامل من الركود، الناس مجبرة على الشراء ولو بالحد الأدنى، لذا نُخرِج البضائع الكاسدة لنعرضها أمام المحل بأسعار مخفضة؛ فلا شيء يجذب الزبائن أكثر من كلمة تخفيضات»، وتستدرك منبهة إلى أن «كثافة الناس لا تعني بالضرورة ارتفاع بالمبيعات؛ فمن كل عشرة زبائن ربما شخص واحد يشتري»، كما تلفت إلى استغراق الزبائن وقتاً أطول من المعتاد في مناقشة السعر، ما يجعل الازدحام قاتلاً، ومع ذلك تؤكد سمر على أن ما يميز موسم عيد الفطر هو تدفق المساعدات من الأبناء في الخارج، التي «لولاها لن يمر العيد على سوريا».
ويُقدّر متوسط حجم الحوالات الخارجية إلى سوريا خلال شهر رمضان بعشرين مليون دولار يومياً، الأمر الذي ينعش الأسواق إلى حد ما، في وقت تعاني فيها البلاد من شح شديد في الوقود ومواد الطاقة، انعكس على الأسعار التي تسجل ارتفاعاً يومياً منهكاً، مع أزمة مواصلات خانقة وارتفاع كبير في أجور النقل وشحن البضائع داخل وخارج البلاد.
صاحب محل يوضح أن مبيعاته خلال موسم عيد الفطر تبلغ عشرة أضعاف مواسم الأعياد الأخرى من حيث الكميات، ورغم ذلك تبقى أقل بعشرة أضعاف عما كانت عليه في السنوات السابقة، بسبب ارتفاع الأسعار، إذ يبلغ سعر كيلوغرام الشوكولاته الوسط خمسين ألف ليرة، والأقل جودة ثلاثين ألفاً، أما الجيدة والممتازة فتبدأ من سبعين ألفاً لتصل إلى ثلاثمائة ألف، والأخيرة لم يعد يوفرها في محله لندرة الطلب عليها، لافتاً إلى أن كميات الشراء تتراجع موسماً بعد آخر جداً؛ فمن كان يشتري خمسة كيلوغرامات سكاكر بات يكتفي بكيلوغرام واحد! وعن الازدحام في محله يوضح أن الزبائن باتوا يستغرقون وقتاً أطول في البحث عن الأوفر وسط الخيارات المتاحة، ما يجعل المكان مكتظاً دائماً.
«أيام زمان كان زبائننا يحددون طلبهم قبل دخولهم المحل، لأنهم يعرفون السعر والجودة، اليوم الأسعار متقلبة والجودة غير موثوق بها بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية».
المصدر :
الشرق الأوسط.