أي عطلة لعمّال من دون عمل!
فيما تحتفل دول العالم بعيد العمّال في الأول من أيار، وذلك إحتراماً وتكريماً لجهودهم وسواعدهم في بناء مداميك المجتمع، وتشغيل ديناميكية الإقتصاد والإنتاج الوطنيّ، بلغ عدد اللبنانيين الرازحين تحت خط الفقر 1.5 مليون مواطن، وعدد الذين فوق خط الفقر 2.5 مليون نسمة، وفقاً لما أوردته دراسة للأمم المتحدة حول الفقر في لبنان تحت عنوان “الحاجات ذات الأولوية”، إضافة الى رغبة نحو 48% من المواطنين بالهجرة بحثاً عن فرصٍ أفضل، حسب “الباروميتر العربي” في تقريره الأخير الذي حمل عنوان “نصف لبنان يريد الهجرة”، فضلاً عن أكثر من 500 ألف عاطلٍ عن العمل، يردّدون مع “المتنبّي” في منازلهم، بيته الشهير: “عيدٌ، بأيّ حالٍ عُدتَ يا عيدُ…” لتكتمل “التراجيديا” اللبنانية، مع غرق زورق الحالمين بالعيش الكريم في شواطئ طرابلس، بعد أن كان أجدادهم من الفينيقيين يركبون المحيطات لتسويق حضارتهم وثقافتهم وتجارتهم المزدهرة، بات أحفادهم اليوم، سلعة يُتاجر بها الموت غرقاً في البحر أو بؤساً في الوطن.
“إنهم (العمّال) في أسوأ أيام حياتهم”، حسب تعبير نقيب الإتحاد العمّالي العام في لبنان بشارة الأسمر، الذي قال في حديث إلى موقع “نداء الوطن” الإلكتروني، إن “معظم الشعب اللبناني ينتمي إلى فئة العمّال، حيث يبلغ عددهم حوالي المليون، فيما الواردة أسماؤهم بشكل رسمي في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي نحو 420 ألف عامل فقط”، معتبراً أنه رغم كلّ الجهود المبذولة في القطاع الخاص من قبل الإتحاد العمّالي وثلاثية التمثيل ولجنة المؤشّر، في تحقيق بعض الإنجازات، كمراسيم النقل، والمنح المدرسية، وزيادة الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص، لا توازي الحالة المأساوية للعمال”.
وعن المسار الحقيقي لمعالجة الواقع العمالي في لبنان، يرى الأسمر، أن الحلّ يبدأ في السياسة أي بوضع رؤية موحّدة حول أي لبنان نريد، ووقف التجاذبات السياسية في ظلّ الإنقسامات العامودية والأفقية التي نشهدها في كلّ المجالات. يقول: “نحن منقسمون على كلّ شي، على خطة الكهرباء، على السدود، والحدود البحرية واستخراج النفط والغاز، حتى على إهراءات بيروت، بين من يعتبرها موقع شهادة لا يمسّ، وبين المطالبين بهدمها لأنّها تشكلّ خطراً على السلامة داخل المرفأ.
تغيير الذهنية
ردّاً على سؤال حول ذهنية العامل اللبناني الذي يرفض العمل في مجالات معيّنة، يشير الأسمر إلى أن “المشكلة تكمن في التنشئة التربوية المُرافقة للمواطن اللبناني منذ طفولته حتى تخرّجه الجامعي، وحثّه من قبل ذويه لكي يصبح محامياً أو مهندساً أو طبيباً من أجل المكانة الإجتماعية، مع غياب الدراسات الحقيقية للسوق، الذي يشهد تحوّلات كبيرة مع انقراض بعض المهن بسبب الأزمة الإقتصادية، وبروز مهن جديدة، مع استنهاض الصناعة اللبنانية والمبادرات الفردية، خصوصاً في المنتجات الزراعية والصناعية، ما يفترض وجود يد عاملة فنيّة متطوّرة، وتوصيف الطلاب الجامعيين وتوجيههم بين دراسات أكاديمية وفنيّة وتقنية، إضافة الى تنسيق الوزارات وترابطها من أجل تغطية حاجات السوق”.
ولفت إلى “أن 80% من اليد العاملة في الدول المتطورة هي فنيّة، وأن العديد من اللبنانيين المهاجرين، يعملون في مهن يرفضونها في وطنهم، مشيرا في الوقت نفسه الى أزمة اللاجئين والعمال الأجانب وعدم تطبيق قانون العمل اللبناني الذي يحدّد المهن المخصّصة لهم”.
وأضاف أن “ما يفاقم هذا الواقع، هو تدخلّ بعض الجهّات الأجنبية، لتسويق فكرة عمالة الأجانب وخصوصاً أخواننا السوريين، ودمجهم ضمن برامج تحت عنوان “الإندماج الإجتماعي”.
وختم في هذا الإطار، قائلاً: “إننا كحركة عمالية لسنا عنصريين، وأن عيد العمال هو نموذج لنبذ التفرقة، بل هو دعوة للإتحاد بين كافة العمّال، غير أن الأولوية تبقى لليد العاملة اللبنانية، ويجب أن نوجّهها بشكل صحيح، لتطال كافة المجالات، مع تطوّر القطاع الزراعي والمنتجات الغذائية المصنّعة، والتي تترافق مع مسؤولية رب العمل في أن يستخدم أولاً وأخيراً اليد العاملة اللبنانية والعمل على إبقائها في الوطن”.