كتب في EchoLebano .. د.مازن مجوز :
الكلام كثير عن قرب إحياء الاتفاق النووي بين إيران والدول ال 5+1 ، لكن شرط إيران رفع الحرس الثوري الإيراني عن قائمة الإرهاب، ورفض إدارة بايدن هذا الطلب، في وقت لم يبرز عائق أمام رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، المدرجة في سياق الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ، لنكون أمام مشهد تبادل الاتهامات بين واشنطن وطهران بشأن تأخير التوقيع على الإتفاق .
ويعد لبنان إحدى الدول التي ستطالها ارتدادات هذا الإتفاق (إن حصل ) شأنه شأن الكيان الإسرائيلي وسوريا واليمن والعراق ولو بشكل نسبي ومتفاوت ….
حتى اليوم لم تنجح الولايات المتحدة وحلفائها، أخذ ضمانات من إيران في ملف نفوذها الإقليمي ودعمها لأذرعها الحليفة في العديد من دول المنطقة، وهو أمر لطالما طالبت به الإدارة السعودية والكيان الإسرائيلي أي الدفع نحو المضي به .
بالنسبة للأخيرة كان التمسك بالربط من زاوية دعم إيران لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين، فيما الإصرار السعودي نابع من ربط هذا الإتفاق بالملف اليمني، لكن الموقف الإيراني خلال المفاوضات كان حازماً وحاسماً في رفضه هذا الربط، ولا يبدو أن الإتفاق سوف يتضمن بنداً صريحاً حيال موضوع الأذرع الإيرانية في المنطقة .
يُرخي الاتفاق النووي بكل تفاصيله بظلاله على لبنان، ويؤكد المستشار الاقتصادي في المنتدى العالمي في دافوس الدكتور محيي الدين الشحيمي في حديث ل EchoLebanon أن الاتفاق النووي عامل أساسي لترتيب الأولويات الاستراتيجية ولخلط الأوراق الجيوبوليتيكية للمنطقة، ولبنان إحدى هذه الأولويات المؤثرة في المنطقة والمتأثرة حكماً بمسار الإتفاق وكواليسه .
وإنطلاقاً من كون لبنان عربي الهوية والانتماء وهو عضو مؤسس وفاعل في جامعة الدول العربية، فإن التحولات على الساحة اللبنانية خصوصاً السياسية منها ستكون خاضعة ل 3 عوامل رئيسية، يكشف عنها الشحيمي :
الأولى تتمثل في كيفية تعامل الدول العربية والخليجية مع هذا الاتفاق، وفي الهواجس العربية لجهة توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة على حساب المساحة السياسية والجيوستراتيجية العربية، وهذا ما عكسه مؤخراً التموضع العربي الجديد، والتمرد المحق على الادارة الاميركية، والبحث عن فضاءٍ عربيٍ آمن ومتحد.
أما الثانية فهي تهديدات الكيان الاسرائيلي الرافض لهذا الاتفاق من أساسه وبكل اشكاله، وما يبعث على القلق في هذا الموضوع هو التهديدات الاسرائيلية، وفي لجوئها العملي لتنفيذ هذه التهديدات وفي أي مكان سوف تنفذها، ولبنان سيكون إحدى هذه الساحات.
فيما تتمثل النقطة الثالثة والمتمثلة في إحكام حزب الله و محوره السيطرة على لبنان بشكل أكبر و إطباقه على كل مقاليد الدولة والسلطة، في حال نجاح المفاوضات والتوصل لهذا الاتفاق، وهي نتيجة طبيعية بسبب راحة النفوذ الإيراني حينها ، لذلك كيفما ما كانت النتيجة هنالك واقع متغير في المنطقة وعلى لبنان أن يحصن نفسه وأن يحد من التأثيرات السلبية عليه.
وهكذا يبدو مستقبل لبنان مرتبطاً الى حد بعيد بما ستؤول إليه مفاوضات الاتفاق النووي، التي ستحدد مستقبل العلاقة بين إيران والولايات المتحدة والتي يتوقف عليها كثير من التطورات في المنطقة.
وفي الواقع يجمع الكثير من الخبراء الاستراتيجيين والمراقبين على أنه في حال النجاح بالعودة إلى إحياء الاتفاق، سترفع الولايات المتحدة وحلفائها القسم الأكبر من العقوبات الغربية عن إيران ، ما يعني الإفراج عن حساباتها المجمدة في عدد من هذه الدول، وهذا ما سيسمح بتوسع النفوذ الإيراني و بتعزيز الدعم لحزب الله ، وهذا الدعم سينسحب أيضاً على حلفائها في الإقليم وتحديداً في اليمن والعراق ، ومن هنا يتخوف الفريق المناهض لحزب الله في لبنان من تعزيز سلطة الحزب في الهيمنة على قرارات الحكومة اللبنانية وعلى المواقف الرسمية اللبنانية عموماً في الداخل والخارج، وعلى التمسك بمقاليد الحكم ولو بشكلٍ غير مباشر.
هذا في حالة السلم والدبلوماسية، أما في حال إحتمالات الحرب فنجد أنه إذا ترجم الكيان الإسرائيلي تهديداته حيال إيران في حال لم تتوقف عن تخصيب اليورانيوم واستمرارها بمنع خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مراقبة مختبراتها بشكل شامل، وقامت بقصف مفاعلات إيران النووية بدعم أميركي، آنذاك ستحرّك إيران ذراعها في لبنان لتوجّه صواريخ وقذائف حزب الله على إسرائيل مع ما يمكن تَوقّعه من ردات فعل إسرائيلية على لبنان، وبمعنى آخر عواقب مدمرة على لبنان، وكأنه لا تكفيه المصائب التي يتخبط بها والتي وحتى اليوم إحتل أكثر من المركز الأول عربيا وكان آخرها أغلى دولة عربية في تكاليف المعيشة .