تابعوا قناتنا على التلغرام
خاص-EchoLebanon

 ” الأنا، النرجسيّة ” سمة الطبقة السياسية في لبنان والضحية : الوطن و المواطن 

كتب في EchoLebanon … د.مازن مجوز :

إنّ الوضع الطبيعي لدى وصولك الى  قمة الهرم الوظيفي لأي مؤسسة او دائرة حكومية، أن تكون أمضيت فترة طويلة من الزمن اكتسبت بها من الخبرات والقدرات المعرفية المتنوعة ما يؤهلك لتتبوأ ذلك الموقع الوظيفي بمهارة، بالإضافة إلى مجموعة من الصفات الحميدة التي من المفترض أن تكون الدافع الأول نحو عملك لمصلحة الوطن والمواطن بعيدا من المصالح الشخصية ومغريات السلطة والمال. 

أما واقع المنظومة السياسية في لبنان فيشي بالكثير من المعطيات بأن السلطة السياسية  أصبحت  منفصلة عن بنية المجتمع وشؤونه وشجونه، فهي لم تعد سلطة المجتمع الكلي ولكنها سلطة” الأنا النرجسي” فوق المجتمع، حيث برزت منذ عشرات السنين جدلية المجتمع والسلطة وهي جدلية قوامها الصراع ، فكل من الطرفين يحاول أن يضع الآخر تحت تصرفه .

واليوم وعلى بعد شهرين من موعد الانتخابات النيابية ، ينشط الزعماء السياسيون في تركيب اللوائح والترويج لها أمام المحازبين والمؤيدين لهم في المناطق اللبنانية  كافة، بهدف إعادة إنتاج أنفسهم، وبالتالي إستمرار النهج السياسي نفسه السائد منذ عشرات السنين. 

وفي هذا السياق تفيد الدراسات النفسية وتحليل علم النفس السياسي بأن أغلبية الزعماء ذوي الشخصيات النرجسيّة لديهم تاريخ شخصي مرضي، بينما إذا كان الشخص سليماً مُعافى ومُنِحَت له “السلطة” فلا بد أن يستغلها لخدمة الناس والوطن ويبذل قصارى جهده لتغيير واقع وطنه نحو الأفضل . 

وتؤكد هذه الدراسات أن لكل زعيم سياسي ميول نرجسيّة واضحة ذلك لأن “السلطة”هي المسرح الوحيد الذي يمكنه أن يُظهر من خلاله كل ما في تاريخه الشخصي من جروحات نرجسية ونقص وتنشئة غير سليمة.  

وتلاحظ الاستاذة والباحثة في علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتورة هيفاء سلام بأن الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان تنطبق عليها هذه الصفات إلى حد بعيد، فهي غالبا ما ترمي المسؤولية على غيرها من الأفرقاء السياسيين الآخرين، حتى ولو تربعت على الحكم لفترة طويلة وكانت في موقع المسؤولية، لافتة إلى أن هذه الطبقة غالبا ما تتنصل من الأخطاء وتحملها للداخل والخارج، وتضيف ” هدفها من الوصول الى السلطة وموقع القرار ليس خدمة الشأن العام والناخبين ولكن السلطة بالنسبة لها هي الفرصة التي تستغلها لخدمة مصالحها الخاصة ولو على حساب الآخرين، وما يساهم في ترسيخ هذا المفهوم لديها هو الشعب الذي يجدد ثقته بها في كل استحقاق انتخابي”. 

و لا عجب في ما نشاهده اليوم من سلوك الزعماء والقادة السياسيين في فترة الحشد الانتخابي، فنزعة السيطرة لدى كل زعيم او قيادي سياسي على جماعته ومناصريه وأتباعه تعكس نرجسيته، ووفق سلام يظهر هذا الاتجاه من خلال مجموعة من السلوكيات : 

التركيز على قوته وعظمته في خطابه الموجه الى الأتباع والمناصرين، مع إيحائه لهؤلاء بأنه المخلص، الشخصية الاستثنائية والجهة الوحيدة التي تحميهم وتحافظ على وجودهم ومصالحهم، إضافة الى لجوئه الى شيطنة الجماعات والطوائف الاخرى وتصويرها لجمهوره على أنها تضمر الشر له. 

والأمر لا يتوقف هنا بل يتعداه إلى التفاخر بإنجازات وإنتصارات غير واقعية و وهمية، فضلا عن دحضه كل الاتهامات الموجهة ضده من تقصير في واجباته الوطنية و اعتبارها حملة تشهير به شخصيا لتشويه سمعته، وأنها مجرد حملة لإلغائه من الحياة السياسية والنيل من دوره الوطني، و إختلاق الأكاذيب و افتراء لا أساس له من الصحة.

ويعتبر القيادي في لبنان من موقعه أن عليه التعامل مع من يتساوى معه من حيث الموقع والمكانة القيادية والتعالي على أتباعه والتعامل معهم بفوقية، مع عدم مبالاته لمعاناة الآخرين ومآسيهم وأوجاعهم. 

أما اعتماده إسلوب تخوين المعترضين على خطه السياسي واتهامهم بالعمالة والتواطؤ مع الخارج و بحياكة مؤامرة ضده فالأمثلة كثيرة عليه عند الكثير من زعمائنا السياسيين.

وإذا ما أردنا التوقف عند كيفية نشأة هذه الشخصية النرجسية فتؤكد سلام أنها تنمو و تترسخ في مرحلة الطفولة من خلال التربية والتنشئة الاجتماعية، “فإما لأنهم كانوا مدللين في أسرهم، وإما لأنهم كان لديهم شعور بالاضطهاد وعدم تلقي الاهتمام اللازم من قبل الأهل، فهذا يخلق لديهم عقدة نقص، وبالتالي تنمو لديهم حب العظمة والغرور وحب النفس المبالغ فيه والنظر إلى الجميع بعين التعالي والتكبر”. 

وفي الختام  لا بد من التذكير عند  ما تناوله “هانس يورغن فيرت” في كتابه “النرجسيّة و السلطة” بالتحليل، العلاقة الموجودة بين الاضطراب النفسي المترتب على الإعجاب المفرط بالذات والنزوع إلى الهوس بالسلطة، فأقر الكاتب منذ البداية بأن السلطة والنرجسية “توأمان سياميان”. وهو رأي يتفق معه العديد من المتخصصين في السياسة والإعلام الذين ما فتئوا يرصدون إضطرابات نفسية و إنحرافات لدى هؤلاء. 

 

لبنان على موعد مع الانتخابات النيابية في شهر أيار، ينشط الزعماء السياسيون في تركيب اللوائح والترويج لها أمام المحازبين والمؤيدين لهم في كل المناطق اللبنانية بهدف إعادة إنتاج نفسهم وبالتالي استمرار النهج السياسي نفسه السائد منذ عشرات السنين.

فما هي سمات الشخصيات السياسية البارزة في لبنان؟ وما هي الأساليب التي يعتمدونها للوصول إلى أهدافهم؟

يغلب على بعض القياديين والحكام السياسيين صفة النرجسية، يلاحظ هذا من خلال سلوكهم وتعاطيهم مع العامة من الشعب، فما هي النرجسية؟

النرجسية هي من الحالات النفسية التي تتمثل في اضطراب النفس لدى الشخص، ويظهر ذلك من خلال حب النفس بشدة وتفضيل النفس والمصالح الشخصية و تغليبها على مصلحة الآخرين، فيشعر النرجسي بأنه فريد في العالم وأن الجميع مسخر لخدمته فقط، فهو لديه ثقة بالنفس والإحساس العالي بالذات ومستوى تقدير الذات مرتفع لديه.

تنشأ هذه الشخصية و تترسخ في مرحلة الطفولة من خلال التربية و التنشأة الاجتماعية، فإما لأنهم كانوا مدللين في أسرهم، وإما لأنهم كان لديهم شعور بالاضطهاد وعدم تلقي الاهتمام اللازم من قبل الأهل، فهذا يخلق لديهم عقدة نقص، وبالتالي تنمو لديهم حب العظمة والغرور وحب النفس المبالغ فيه والنظر إلى الجميع بعين التعالي والتكبر.

إذا كان هذا النرجسي زعيما سياسيا، فهذا يعني أن لديه نزعة السيطرة على جماعته وأتباعه، ويظهر  هذا الاتجاه من خلال ما يلي:

 

* الخطاب الموجه إلى الأتباع والمناصرين والذي يركز على قوته وعظمته.

* يوحي لأتباعه على أنه المخلص، الشخصية الاستثنائية والجهة الوحيدة التي تحميهم وتحافظ على وجودهم ومصالحهم.

* يشيطن الجماعات والطوائف الاخرى ويقدمها لجمهوره على أنها تضمر له الشر.

* التفاخر بـ إنجازات وانتصارات غير واقعية، وهمية.

* دحض كل الاتهامات الموجهة ضده من تقصير في واجباته الوطنية واعتبارها حملة تشهير به شخصيا لتشويه سمعته وأنها مجرد حملة لإلغائه من الحياة السياسية والنيل من دوره الوطني، وإختلاق الاكاذيب وافتراء لا أساس له من الصحة.

* التعالي على أتباعه والتعامل معهم بفوقية إلى حد يصعب معه التشاور معهم و الوقوف عند آرائهم ومناقشة مواقفه. فهو من موقعه يعتبر أن عليه أن يتعامل مع من يتساوى معه من حيث الموقع والمكانة القيادية.

* عدم المبالاة لمعاناة الآخرين ومآسيهم وأوجاعهم.

* تخوين المعترضين على خطه السياسي واتهامهم بالعمالة والتواطؤ مع الخارج و بحياكة مؤامرة ضده.

* يتناول هانس يورغن فيرت في كتابه “النرجسية والسلطة”، بالتحليل العلاقة الموجودة بين الاضطراب النفسي المترتب على الإعجاب المفرط بالذات والنزوع إلى الهوس بالسلطة، فأقر الكاتب منذ البداية أن السلطة والنرجسية “توأمان سياميان”. وهو رأي يتفق معه العديد من المتخصصين في السياسة والإعلام الذين ما فتئوا يرصدون إضطرابات نفسية وانحرافات.

من الملاحظ أن الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان تنطبق عليها هذه الصفات إلى حد بعيد، فهي غالبا ما ترمي المسؤولية على غيرها من الأطراف السياسية الاخرى، حتى ولو تربعت على الحكم لفترة طويلة وكانت في موقع المسؤولية، فهي غالبا ما تتنصل من الأخطاء وتحملها للداخل والخارج، مفهومها في الوصول الى السلطة والحكم ليس بهدف خدمة الشأن العام والناخبين، ولكن السلطة بالنسبة لها هي الفرصة التي يستغلونها لخدمة مصالحهم الخاصة ولو على حساب الآخرين، وما يساهم في ترسيخ هذا المفهوم لديهم هو الشعب نفسه الذي يجدد ثقته بهم في كل استحقاق انتخابي

Journalist
Author: Journalist

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى