تعطيل مرسوم ترقية الضباط..
يستَمِر الخِلافْ بينَ القوى السياسية على توقيع مرسوم ترقيات الضباط، ولا سيما من رتبة عقيد إلى عميد، بسبب “فقدان التوازن الطائفي”. هذه المرّة القاعدة معكوسة، فمن يعطل توقيع المرسوم هو رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، بذريعة عدم تحقيق التوازن الطائفي في هذه الترقية، لا سيما أن رتبة عميد تصنّف في خانة موظفي الفئة الأولى، التي يشملها نص اتفاق الطائف بوجوب مراعاة التوازن الطائفي والمناصفة فيها.
عدد العقداء الذين من المفترض أن يصدر مرسوم ترقيتهم هو 126 ضابطاً، 98 مسيحياً، و28 مسلماً، من ضمنهم ضباط دورة العام 1994. وهي آخر دورة ضباط دخلت إلى “المدرسة الحربية” أيام كان ميشال عون رئيساً للحكومة العسكرية (1990).
قطيعة الحريري
في اجتماع المجلس العسكري الأخير، وقع انقسام طائفي ومذهبي بين أعضائه، فرفض الأعضاء المسلمون التوقيع على هذا المرسوم، السني والشيعي والدرزي، في مقابل تصويت الأعضاء المسيحيين عليه. في هذه الحالة يصبح صوت قائد الجيش هو المرجح، فصوّت مؤيداً المرسوم ووقعه، وأحاله إلى وزير الدفاع الياس بو صعب.
في البداية تريث بو صعب في توقيعه، محاولاً إجراء اتصالات مع الحريري للوصول إلى تسوية. لكن الحريري، وبسبب الخلاف السياسي مع التيار الوطني الحرّ، كان قد قطع خطوط التواصل مع كل المحسوبين على التيار، ليعود بو صعب ويوقع المرسوم، مستمراً بمحاولات التواصل بالحريري، الذي لم يجب على اتصالات وزير الدفاع. وهنا تعتبر مصادر قريبة من الحريري، أن التيار الوطني الحر لا يراعي التوازن الطائفي حيث يجب أن يراعى في المواقع الأولى في الدولة، بينما يلجأ إلى تعطيل وعرقلة كل المراسيم الأخرى لصغار الموظفين، كما هو حال تعطيل جبران باسيل لمراسيم مأموري الأحراج، والناجحين في مجلس الخدمة المدنية.
وليس الحريري وحده من يعارض توقيع هذا المرسوم، إنما رئيس مجلس النواب نبيه بري أيضاً، خصوصاً أن العضو الشيعي في المجلس العسكري قد رفض التصويت على إقراره، وأيضاً سيكون هناك توقيع وزير المال الضروري على هذا المرسوم. وهنا ثمة احتمالان، إما ان يتم الوصول إلى اتفاق مع الحريري وبري على توقيعه، كترقية فقط 28 عقيداً مسيحياً إلى رتبة عميد، فيُظلم ضباط آخرون، أو أن يُنتظر تشكيل الحكومة الجديدة ويأتي الرئيس الجديد ليوقع المرسوم. وهنا ستتوجه الأنظار إلى موقف برّي، وإذا ما كان سيتراجع عن رفضه.
نبيه برّي “العلماني”
بعد لقائه رئيس الجمهورية، قال بو صعب: “لدينا 181 عقيداً مرشحاً لمنصب عميد، ولم يتم اختيار سوى 160 وأنا أعلم أن هذا القرار لن يحبذه الكثيرون، لذلك سأقوم بعدد من الاتصالات لأتحاشى هكذا إشكالات”. وأشار بو صعب، إلى أنه “حتى الساعة لم أتمكن من الحصول على لقاء من الرئيس سعد الحريري، وأبلغته أن هناك مبادرة يمكن أن نمضي بها على أمل الوصول إلى حل. وقلنا له أنه يمكن تخفيض العدد لهذا العام، على شرط أن نحفظ حقهم بالترقية في الأعوام المقبلة. وللأسف، المشكلة كانت بعدم التوازن الطائفي في هذه الترقيات”.
وقال بو صعب: “رئيس مجلس النواب نبيه بري قال لي أنا أفكر مثلك بطريقة علمانية ويا ليت لبنان يمشي بهذا النهج”. مضيفاً: “علمت أن الترقيات العالقة تشمل قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة. ونأمل أن لا تدفع الأجهزة الأمنية والعسكرية الثمن”. وقال:”يجب إيجاد حل لهذه الدورات. ويجب تأمين الترقية. وموضوع الإصلاحات في المؤسسات العسكرية ضروري جداً. وتواصلت مع قائد الجيش، وأوصلت له أفكاري. وقمنا بمراسيم تطبيقية منذ اليوم الأول، ولا يجب بسبب الاصلاح وتخفيض عدد الترقيات أن نظلم أشخاصاً استحقوها”.
خلاف الوزير والقائد
من جهة أخرى تفيد بعض المعطيات أن هناك خلافاً بين قيادة الجيش ووزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس بو صعب، يتعلق بتمديد خدمة 1300 عسكري من بينهم 767 عسكرياً لم يبلغوا سنوات الخدمة التي تخولهم الحصول على معاش تقاعدي، وهي 18 سنة وما فوق، وتحتاج قيادة الجيش لخدماتهم في قطعات متعددة نظراً لتوقف التطويع. لكن بو صعب يرفض التوقيع على هذا التمديد، بحجة مراجعة وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، لأنه يرتب أعباء مالية على خزينة الدولة كما يقول، في حين ترى مصادر عسكرية أن لا أعباء إضافية حالياً، في حال تم تمديد خدمتهم، باعتبار أنهم مازالوا يتقاضون رواتبهم، وأن عملية التمديد هذه لا تحتاج سوى لتوقيع وزير الدفاع بموجب قانون الدفاع.
المصدر:”المدن”