ماذا يريد أردوغان من وراء إرسال قواته إلى ليبيا؟
تسارع أنقرة الخطى في الأيام الأخيرة من أجل إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في مواجهة قوات المشير خليفة حفتر. وفيما تنشد الأسرة الدولية الحوار للتوصل لاتفاق سياسي يجنب البلاد الانزلاق أعمق في مستنقع الحرب، قدم رجب طيب أردوغان موعد التصويت في البرلمان لإقرار إرسال قوات بسرعة. فلماذا هذا الانخراط التركي المباشر في ليبيا وما تأثيره على دول المنطقة؟
يصوت البرلمان التركي الخميس 2 يناير/كانون الثاني على مشروع قانون لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في مواجهة قوات “الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير خليفة حفتر المدعوم من السعودية والإمارات ومصر.
ورغم أن بلدان المنطقة والأمم المتحدة تنشد الحوار بين الأخوة الأعداء في ليبيا، لتجنيب البلاد من الوقوع في مستنقع الحرب أكثر مما هو عليه الوضع الراهن، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع قوات حفتر، بعد سنوات من الحضور غير المباشر في ليبيا.
ويأتي الدعم العسكري التركي لحكومة السراج بعد توقيع اتفاق مثير للجدل بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية يقضي بزيادة التعاون الأمني بين الطرفين وبترسيم الحدود البحرية بينهما، وهو الاتفاق الذي اعتبر “غير قانوني”.
لماذا اتجهت البوصلة التركية غربا باتجاه ليبيا بعد أن كانت مسلطة شرقا نحو سوريا؟ وما مطامع ومطامح أنقرة في ليبيا؟ وما آثار ذلك على منطقة المغرب العربي؟ بشير عبد الفتاح الخبير في الشؤون التركية والإيرانية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يجيب عن أسئلة فرانس24.
لماذا تريد أنقرة الانضمام إلى الحرب في ليبيا؟
بشير عبد الفتاح: لتركيا أربعة أهداف تطمح إلى تحقيقها في ليبيا.
أولا: الطاقة
فتركيا تستهلك كميات هائلة من الطاقة سنويا، وليس لديها موارد كافية، وتستورد ما قيمته 50 مليار دولار في العام الواحد. ورغم عمليات التنقيب التي تقوم بها أنقرة، إلا أن المناطق البحرية التابعة لها لا يوجد بها آبار غاز أو نفط. وهو ما دفعها في وقت سابق من هذا العام خلال شهر يوليو/تموز الماضي إلى إرسال سفن للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، وهو ما اعتبرته نيقوسيا استفزازا وتحركا غير قانوني. فالتقرب التركي نحو ليبيا هو رغبة منها في توفير موارد طاقة جديدة لأنقرة، ولذلك أبرمت أنقرة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتفاقا بحريا مثيرا للجدل مع حكومة الوفاق الوطني الليبية تسيطر بموجبه تركيا على مناطق لا تخضع لها بموجب القانون الدولي. وهو ما أثار غضب اليونان وقبرص.
ثانيا: منطقة شرق المتوسط
تعد منطقة شرق المتوسط مطمعا كبيرا لدول المنطقة برمتها لما تحتويه من مخزون هائل من الغاز الطبيعي يقدر بأكثر من 100 تريليون متر مكعب. أنقرة تريد إذا أن يكون لها نصيب وفير من تلك الثروات.
وجاءت اتفاقية “شرق المتوسط” المعروفة باسم “إيستميد” بين اليونان وقبرص وإسرائيل والمزمع التوقيع عليها الخميس 2 كانون الثاني/يناير المقبل والتي تهدف إلى تأمين إمدادات الطاقة في أوروبا عبر خط يبلغ طوله 2000 كيلومتر، لتعرقل محاولات تركيا توسيع سيطرتها على شرق البحر المتوسط. التحالف التركي الليبي يأتي ردا على تلك الاتفاقية.
الهدف الثالث لأنقرة هو أن تكون قريبة من مصر.
ترغب أنقرة أيضا من خلال انخراطها سياسيا وعسكريا في ليبيا في أن تكون قريبة من مصر عن طريق التواجد على حدودها الغربية.
وتعتبر ليبيا ساحة مواجهة خلفية بين القاهرة التي تدعم المشير خليفة حفتر وأنقرة التي تساند عسكريا فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني. كما أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة تشهد توترا منذ إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في 2013 .
الهدف الرابع: العثمانية الجديدة
الدور التركي في ليبيا يأتي كذلك في إطار مساعي الرئيس رجب طيب أردوغان في إحياء العثمانية الجديدة وبسط نفوذ واسع لأبناء أتاتورك على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لماذا تريد أنقرة تسريع التصويت على الحرب؟
التصويت في البرلمان التركي حول إرسال قوات عسكرية إلى تركيا كان مقررا في 8 يناير/كانون الثاني قبل أن يتم تقديم الموعد ليكون في 2 يناير. الإسراع في التصويت على الحرب جاء بعد التقدم الكبير الذي تحرزه قوات المشير خليفة حفتر في طرابلس، وهو ما دفع أردوغان إلى تقديم التصويت في محاولة لتدارك الموقف على أرض المعركة.
ما أثر حرب مرتقبة في ليبيا على بلدان منطقة المغرب العربي؟
بحكم الجوار بين ليبيا ودول المغرب من المحتمل أن تتأثر تلك الدول في حال ما اتسعت المعارك وأدت إلى فوضى، وهو ما قد يؤدي إلى انتشار عناصر إرهابية، وكذلك الخوف من موجة مهاجرين من ليبيا باتجاه الدول المغاربية.
حتى الآن بقيت الدول المغاربية بعيدة عن صراع القوى والنفوذ بين تركيا من جهة ومصر والإمارات والسعودية من جهة أخرى. فهل تفتح ليبيا جبهة أخرى للصراع؟
ليس من المتوقع أن تتحول دول المغرب العربي لساحة جديدة لصراع النفوذ، وذلك لأن تلك الدول تلتزم الحياد في مواقفها ومن الصعب أن تنجر نحو معركة استقطاب.
المصدر: مرانس24 – شيماء عزت