تابعوا قناتنا على التلغرام
اخبار لبنان

لبنان.. النازحون يختارون الشوارع والحدائق في مواجهة الإيجارات الباهظة

يشهد لبنان أزمة سكنية غير مسبوقة منذ بدء التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله الأسبوع الماضي، وأسفر عن نزوح حوالي مليون شخص من المناطق المعرضة للقصف، وفق تقديرات رسمية.

وفي حين تمكن بعض النازحين من العثور على مأوى لدى أقاربهم أو في منازل تمكنوا من استئجارها، وجد عدد كبير منهم أنفسهم مضطرين للنوم في العراء، سواء في الشوارع أو الحدائق العامة، أو اللجوء إلى المساجد كمأوى مؤقت.

ويأتي ذلك نتيجة النقص الحاد في الأماكن المتاحة بمراكز الإيواء، إضافة إلى العجز عن تحمل الارتفاع الجنوني في تكاليف الإيجار، مما يفاقم حدة الأزمة الإنسانية التي تواجه البلاد.

هند واحدة من الذين اضطروا إلى النزوح بعد الهجوم العنيف الذي استهدف منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، الذي أسفر عن اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، حيث لجأت بداية إلى منزل صديقتها في عين الرمانة بشكل مؤقت، على أمل العثور على شقة للإيجار بعيداً عن معقل حزب الله وبسعر مقبول.

اصطدمت هند بواقع عقاري مرير، حيث ارتفعت أسعار الإيجارات إلى مستويات خيالية، وتقول لموقع “الحرة”، “شقة متواضعة من غرفتين وفي حالة سيئة كانت تؤجر بحوالي 1500 دولار شهرياً، مع اشتراط المالك دفع الإيجار مقدماً لستة أشهر أو سنة، إلى جانب عمولة المكتب العقاري، مما جعل الأمر مستحيلا بالنسبة لنا كعائلة مدخولها الشهري لا يتجاوز الألف دولار”.

بعد استنفاد جميع الخيارات، وجدت هند نفسها مضطرة لاستئجار غرفة في فندق مهجور منذ عقود، يفتقر إلى الماء والكهرباء، مقابل 700 دولار شهرياً، وتقول “ما هذا الجشع؟ يكفي ما نعيشه من فقر ونزوح، لماذا يُستغل الناس في ظل الأزمات والحروب؟”

أثار الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات استياء اللبنانيين، لاسيما أنها تأتي في ظل ظروف أمنية صعبة واقتصادية خانقة يمر بها بلدهم.

اطفال نازحون في لبنان
بينهم 300 ألف طفل.. مأساة النازحين في لبنان بالأرقام
قدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عدد الأطفال النازحين في لبنان منذ بدء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله قبل عام بأكثر من 300 ألف طفل، فرّ الجزء الأكبر منهم على وقع الغارات الكثيفة المستمرة منذ الأسبوع الماضي.
معاناة جماعية
ومع تصاعد الأزمات المتلاحقة التي يشهدها لبنان، تجد العديد من العائلات نفسها في مواجهة قاسية مع الظروف المعيشية والأمنية المتدهورة.

منال، وهي متضررة من الوضع الراهن، تروي تجربتها المؤلمة “هربت وعائلتي من الضاحية الجنوبية دون أن نأخذ معنا حتى أمتعتنا. ما يحدث هو جريمة بحقنا، سواء من الذين يورطون لبنان في الحرب أو من يستغلون هذا الوضع لتحقيق أرباح طائلة”.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تضطر فيها منال للنزوح. فقد غادرت بلدتها الحدودية عيترون بعد تعرضها للقصف مع اندلاع المعارك بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023.

انتقلت منال إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، إلا أنها وجدت نفسها مجدداً مضطرة وعائلتها لمغادرة المنطقة، هذه المرة إلى جبيل، حيث استضافهم زميل زوجها.

عجز زوج منال عن استئجار منزل في ظل الارتفاع الهائل بأسعار الإيجارات، وتقول لموقع “الحرة”: “وصل بدل إيجار شقة مفروشة من أربع غرف إلى 2000 دولار شهرياً، مع إجبار المستأجرين على دفع مبالغ كبيرة مقدماً لتغطية أشهر عدة”.

وتصف منال حالتها بالقول “نحن نعيش مأساة تلو الأخرى، ننتقل من بيت إلى بيت كأننا في رحلة هروب لا تنتهي. كل ما نتمناه الآن أن ينتهي التصعيد العسكري، فثمن الحروب لا يدفعه سوى الأبرياء”.

بدوره، يؤكد رئيس اتحاد روابط مخاتير عكار ومختار بلدة ببنين، زاهر الكسار، أن الأوضاع في لبنان باتت صعبة للغاية، خصوصاً بعد التصعيد العسكري الأخير الذي دفع بأعداد كبيرة من النازحين إلى ببنين.

ويوضح في حديث لموقع “الحرة” أنه “تم افتتاح مدرستين ومعهد في البلدة لاستيعاب النازحين، كما فتح العديد من الأهالي منازلهم لاستضافة معارفهم”، ومع ذلك، يقول الكسار إن نسبة من أجّروا منازلهم للنازحين تبقى ضئيلة، بينما ظهرت بعض الحالات “الشاذة: وفق تعبيره، التي استغلت الأزمة عبر عرض منازلها للإيجار بأسعار مبالغ فيها.

ويضيف أنه “استقبل شخصياً عدداً كبيراً من النازحين في منزله”، مستدركاً “لكنه بحاجة إلى خدمات أساسية مثل الأدوية التي لا تتوفر بشكل كافٍ عبر القنوات الرسمية”.

ويشرح الكسار أن “العديد من النازحين يعيشون في منازل فارغة من الأثاث، ويحتاجون بشكل ملح إلى الفرش، البطانيات، والطعام اليومي”، معرباً عن قلقه من أن الوضع الاقتصادي المأساوي في البلدة قد لا يسمح للأهالي بالاستمرار في تقديم الدعم لفترة طويلة”.

في ختام حديثه يتساءل “أهالي ببنين يقومون بواجبهم، لكن إلى متى سيتمكنون من تأمين كل هذه الاحتياجات؟”.

Reporter2
Author: Reporter2

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى