الفن التركي يحط في لوغانسك دعما لروسيا !
نبيل الجبيلي نقلاً عن “الجزيرة”
أحيت فرقة تركية لموسيقى الروك قبل أيام، حفلا في جمهورية لوغانسك الشعبية، وذلك فيما يبدو دخولا للفن والغناء على خط الحرب الدائرة في أوكرانيا، ودعما للشعوب الناطقة باللغة الروسية وعملية العسكرية هناك.
الفرقة التي تدعى “مجموعة يوروم” أو “Grup Yorum” هي فرقة شعبية لموسيقى الروك من إسطنبول التركية، وهي معروفة بأغانيها الثورية، وهي من بين أشهر الفرق الموسيقية في تركيا نظرا لتاريخها النضالي وسجلها الحافل بالمضايقات والاضطهاد.
ضد “الإمبريالية” الأميركية
أما السمة المميزة الرئيسية لتلك الفرقة، فهي انتهاجها الموجه للموسيقى السياسية المناهضة لك أشكال الهيمنة الأميركية. كما لأعضاء تلك الفرقة مواقف علنية عدة داعمة لروسيا وإقليم دونباس في وجه ما تعتبره “الإمبريالية الأميركية”.
وأحيت الفرقة حفلها الموسيقي في “قصر الثقافة” الخاص بعمال السكك الحديد في جمهورية لوغانسك ليلة 19 نيسان (أبريل). كما قام أعضاء الفرقة بتوزيع عدد من المنشورات على مدى أسبوع كامل، وذلك في أجزاء من منطقة دونباس جنوب شرق أوكرانيا التي لا تخضع للسيادة الأوكرانية.
وانطلقت الفرقة مع الوفد المرافق لها من الجبهة الشعبية وعدد من المناصرين الأوروبيين، من موسكو في 13 نيسان (أبريل)، ووصلت إلى جمهورية لوغانسك في اليوم التالي، حيث سيستمر برنامجهم هناك لمدة 10 أيام.
ومنذ أن وصلت إلى الأراضي الروسية، زارت الرموز والآثار الاشتراكية في العديد من المحطات، وسجلت ملاحظات حولها، واعتبرت أن تلك الأماكن في لوغانسك تتم حمايتها اليوم “بالدم”، ضد “النازيين” الجدد والفاشيين، المدعومين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي الإمبريالي.
كما زارت الفرقة حديقة “Young Guards” التي انتهى تجديدها قبل بضعة أشهر وسط المدينة، والتقت هناك بأحد الصحافيين الإيطاليين (أندريا لوسيدي) الذي يعمل مراسلا في المنطقة، وشارك في جولة الفرقة ضمن شوارع المدينة.
وقال الصحافي لوسيدي في معرض تعليقه على الزيارة إنه سعيد جدا بلقاء أعضاء الفرقة، مقدما لها بعض معلومات حول الوضع في المدينة، التي استهدفت مؤخرا بصواريخ بريطانية، لأول مرة منذ 10 أشهر، كاشفا أن العديد من الأشخاص أصيبوا في تلك الهجمات الصاروخية.
كما زارت الفرقة المعالم الأثرية لـ “الحارس الشاب” و”المتطوعين الروس”، وكذلك نصب تذكاري لبطل الحرب الثوري البلشفي فوروشيلوف.
معكم ضد النازية والصلبان المعقوفة
وتتهم تلك المنشورات الدولة الأوكرانية، بأنها “دولة فاشية” متعاونة مع الإمبريالية الأميركية والاتحاد الأوروبي، وأن السلطات في منطقتي لوغانسك ودونيتسك، اللتين أعلنتا انفصالهما عن أوكرانيا، “يقاتلون مع رموز الاشتراكية بأيديهم”. كما اعتبرت الفرقة في منشوراتها أن شعب إقليم دونباس يقاتل برموز الاشتراكية ضد الجيش الأوكراني الفاشي الذي يرفع رموز النازية والصلبان المعقوفة.
ولم يكن هذا الحفل يتيما، بل هو الحفل الثالث لها في الإقليم الروسي، بعد حفلتين أحيتهما هناك في الأعوام 2015، أي بعد عودة شبه جزيرة القرم إلى الحكم الروسي، وكذلك في العام 2023 أي بعد بداية الحرب الروسية ضد أوكرانيا بأشهر.
الإضراب عن الطعام الشهير
مغنية من أعضاء الفرقة، تدعى سينا إركوتش، أكدت في حديث صحافي عشية إحياء الحفل، أن “في كل حرب ثمة طرفان، ونحن كفرقة نقف إلى جانب الذين يقاتلون ضد حلف شمالي الأطلسي (الناتو) وضد الولايات المتحدة”، معتبرة أن الفرقة لا ترى تلك المعركة حربا بين أوكرانيا وروسيا فحسب، وإنما “نعتبرها كفرقة حربا تخوضها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ضد روسيا الاتحادية”.
وبحسب إركوتش، فإن إقامة هذا الحفل الموسيقي على أراضي جمهورية لوغانسك الروسية، في هذا التوقيت الدقيق ما هو إلا “دليل تضامن مع نضال شعب دونباس ضد الفاشية الجديدة”، معتبرة أن وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية “تفرض التعتيم على كل ما يجري في شرق أوكرانيا”، كما تخفي الكثير من المعلومات حول الأسباب الحقيقية للعملية العسكرية الروسية الخاصة.
إركوتش أشارت أيضا إلى أن مجموعة كبيرة من الناشطين الأتراك، يقومون في لوغانسك بجمع الأدلة على “جرائم الحرب” الغربية في إقليم دونباس، والتي ستشكل أساسا لفيلم وثائقي تعمل الفرقة على إنتاجه مستقبلا.
“يوروم” المضطهدة منذ عقود
واسم الفرقة، “يوروم” باللغة التركية، يعني “تفسير” أو “تعليق”، كما أنها مشهورة جدا في تركيا وذات توجهات يسارية اشتراكية. أصدرت الفرقة حتى الآن 20 ألبوما منذ تأسيسها في العام 1987 إلى اليوم، وقد حظرت السلطات التركية العديد من حفلاتها وألبوماتها على مدى سنوات عدة، كما تعرض بعض أعضائها للاعتقال.
وعلى الرغم من الحظر المفروض على الفرقة وعلى بعض حفلاتها وأغانيها، بقيت ألبوماتها تباع بشكل واسع في تركيا وحول العالم. خصوصا نتيجة انتشارها الواسع في أوروبا، حيث أحيت أكثر من مرة حفلات في ألمانيا، والنمسا، وأستراليا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، والدنمارك، والمملكة المتحدة واليونان وسوريا وكذلك في لبنان.
وتقوم الفرقة بنشر جميع القضايا التي تمس المجتمعات كما تختص في “محاربة الرأسمالية” من خلال الفن والثقافة والأدب، كما أنها تصدر مجلة موسيقية اسمها “تافير” أو “Tavir” باللغة التركية.
وكانت الفرقة قد أسست على يد أربعة طلاب جامعيين هواة في العام 1985، فيما سبق توفيت مغنية في الفرقة في العام 2020، وذلك في أعقاب إضراب عن الطعام استمر لنحو 300 يوما، احتجاجا على القمع الذي استهدف أعضاء الفرقة.
وفي حينه، نشرت “يوروم” بيانا على شبكات التواصل الاجتماعي، أعلنت فيه وفاة هيلين بولاك التي كانت تبلغ 28 عاما من عمرها.