حقوق لبنان تضيع بين مزايدات الخطوط.. تقاعس فاضح وسحر ساحر
لا يزال ملف ترسيم الحدود البحرية يتصدّر المشهد اللبناني. وفي ظل فشل رسمي فاضح ما هو إلّا نتيجة حتمية لكل المراوغة التي شهدها موضوع النقاش حول أحقية لبنان بالخط 23 أو 29، في حين أنّ المطلوب هو الاتفاق على أي صيغة تسمح للبنان بالاستفادة من هذه الثروة الوطنية، والتي تشكّل حاجة ماسة لا سيّما في ظل الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها البلد.
رمي المسؤوليات، وحفلة المزايدات انطلقت، حتى من الذين حملوا راية الخط 29 وتقاعسوا عن القيام بأبسط الخطوات لتحصيله من خلال رفض رئيس الجمهورية ميشال عون توقيع المرسوم المطلوب لحفظ حق لبنان.
وفي هذا السياق، وصّف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، الواقع على طريقته قائلاً: “بدأت العروض الوهمية واشتعلت المزايدات في العروض الوهمية، مشروع غامض للاستثمار في قطاع الكهرباء، قبل إنجاز الإصلاحات الأساسية والضرورية. أمّا المزايدات فهي في ترسيم الخطوط البحرية حيث أصبحت، وبسحر ساحر، غالب قوى التغيير والسيادة على يسار أطراف الممانعة”.
الخبيرة في شؤون النفط والغاز والحدود المتنازع عليها، الدكتورة لوري هايتايان، أوضحت أنّ إسرائيل لم تعلن ولا مرة أنّ “كاريش” منطقة متنازع عليها وليست ضمن الخط 29، وأنّ الخط 23 يمثّل الحدود اللبنانية بحسب الأمم المتحدة والمراسلات الرسمية اللبنانية.
هايتايان أشارت في حديثٍ مع الأنباء الإلكترونية إلى أنّ الحكومة اللبنانية كانت على علم بما تقوم به إسرائيل، وأنّها اتّفقت مع شركة إنرجين للتنقيب عن الغاز ولم تحرك ساكناً، ولم تتخذ أي خطوة إلى أن وصلت السفينة الإسرائيلية. وللأسف الحكومة لم تتخذ القرارات المطلوبة، والواضح أنّ الرئيسين، عون ونجيب ميقاتي، أرسلا بطلب الوسيط الأميركي هوكشتاين، وتقديري لن يفعل شيئاً لأنّه سبق له وأبلغ المسؤولين اللبنانيّين أنّ الخط 23 هو الحد الفاصل بين لبنان وإسرائيل ولم يتغير شيئاً، وأنّ لبنان مضطر أن يتقاسم مع إسرائيل مساحة 860 كلم مربع، وأن لا أحد يساعد لبنان على حل هذا الخلاف غير الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي أصبح لبنان أمام أمر واقع جديد يفرض عليه النهوض من نومه العميق، فإمّا أن يقبل بالوساطة الأميركية وفي حال الإصرار على الخط 29 عليه اتّخاذ إجراء تعديل المرسوم 6433 فوراً. أمّا أن يبقى يوم عيد ويوم هيك فلن يحصل على أية نتيجة.
وفيما رأى النائب عماد الحوت عبر الأنباء الإلكترونية أنّ تلكؤ رئيس الجمهورية عن توقيع المرسوم رقم 6433 بما يتلاءم مع الخط 29، وإبلاغ الأمم المتحدة به رسمياً، يحمّله المسؤولية الكاملة عن تجرؤ العدو الصهيوني على مياهنا ونفطنا، وتنازل غير مبرر عن حقوق لبنان. ودعا النائب أديب عبد المسيح إلى إصدار المرسوم 6433 فوراً، وإرسال نسخة منه إلى الأمم المتحدة، وتسجيل شكوى لديها بالنسبة لموضوع التعدّي، ودعوة مجلس الأمن الاجتماعي لما تمثّل هذه الخطوة من اعتداء على سيادة لبنان، وتسجيل دعوى قضائية لدى وزارة الطاقة، وقاضي الأمور المستعجلة، والنيابة العامة التمييزية، ضد السفينة والشركة المشغّلة، وتعيين مكتب محاماة لمتابعة هذه القضية، والتوقف الفوري عن العمل ومغادرة السفينة المياه الإقليمية اللبنانية.
تزامناً، الغموض والضبابية هما السمة المثلى لجلسة انتخاب اللجان النيابية ومقرّريها اليوم، في غياب التسويات والاتفاقات التي كانت تحصل في السابق. أمّا اليوم فالمشهد مختلف كلياً، فلا أكثرية لأي فريق بعينه.
مصادر متابعة كشفت في اتّصال مع الأنباء الإلكترونية عن مسعى يقوده رئيس المجلس، نبيه بري، لتقسيم اللجان الست بالتساوي بين الفريقين السيادي والممانع، على أن يكون نصيب التغييرين والمستقلين من حصة الفريق السيادي، على أن تبقى لجنة الإدارة والعدل من نصيب تكتل الجمهورية القوية، وأن تُعطى لجنة الصحة للّقاء الديمقراطي، ولجنة البيئة للنواب التغييرين والمستقلّين، وفي المقابل تبقى لجنة المال والموازنة مع تكتل لبنان القوي والزراعة لكتلة التنمية والتحرير، والأشغال لحزب الله.
المصادر رأت أنّه في حال عدم التفاهم على هذا الحل سيلجأ بري إلى الانتخاب، كما فعل في انتخاب نائب الرئيس وهيئة أمانة السر.
وعن موقف النواب التغييرين والمستقلّين، أشار عبد المسيح في اتّصال مع الأنباء الإلكترونية إلى أنّه، بصفته مهندساً ميكانيكياً وكهربائياً سيذهب باتّجاه المشاركة بلجنتي الأشغال العامة والزراعة، متحدثاً عن اتّفاقيات في عضوية اللجان، ولن تكون هناك مشاكل، بخلاف الرؤساء والمقرّرين.
من جهته، الحوت أكّد مشاركته في انتخابات اللجان، وفق ما ترتئيه المصلحة الوطنية، لأنّ المطلوب العمل وليس أي شيء آخر.
ومهما كان مشهد ساحة النجمة اليوم، فإنّ الأنظار ستتجه الآن إلى قصر بعبدا وقرار الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، وأي مشهد سترسمه الأحداث للبنان في الأسابيع المقبلة.