“خدمةٌ مجانيّة” من الحريري إلى حزب الله!
لن يكون اليوم التالي للإنتخابات النيابية خاتمةً لمرحلة بل بدايةً لمسار سياسي جديد بكل تفاصيله ومحطاته واستحقاقاته الدستورية والتي ستبدأ بالإستحقاق الرئاسي والمطروح منذ مدة على طاولة النقاش السياسي في الكواليس الديبلوماسية كما في الصالونات والمقرّات الرسمية والحزبية. فالمحطات والمواعيد الدستورية تنطلق بعد 15-5، إذ في 21 أيار تنتهي ولاية المجلس الحالي بانتخاب رئيس للبرلمان المنتخب وهيئة مكتبه، وتُعتبر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مستقيلة حكماً، ثم يبدأ البحث بتأليف حكومة جديدة لثلاثة أشهر و10 أيام فقط، قبل الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، تبدأ في 31 آب وتنتهي في 31 تشرين الأول.
ووفق المحلل والكاتب السياسي نقولا ناصيف، فإن أهمية الإستحقاق النيابي المقبل، ترتبط بطبيعة وتكوين وحجم الغالبية المطلقة الجديدة في ضوء توقعات أن يبلغ 72 نائباً وربما يتجاوز 75 نائباً، بينما يتركز الإهتمام حالياً حول إمكان أن يفوز “حزب الله” وحلفاؤه بأكثر من هذا العدد ليصل إلى 86 نائباً، وعندها يكون قد أحكم القبضة على الإستحقاق الرئاسي، بينما يطمح معارضوه لامتلاك الثلث + 1 من أعضاء مجلس النواب (44 نائباً)، للحؤول دون تمكين الحزب وحلفائه من السيطرة على انتخابات رئاسة الجمهورية الخريف المقبل.
ويقول الكاتب السياسي ناصيف لـ “ليبانون ديبايت”، إن الفريق السياسي الرابح في الإنتخابات النيابية،هو الذي سيفوز بـ 65 مقعداً نيابياً أي الأكثرية المطلقة والتي لا تشمل بالضرورة نواباً ممثلين عن كل الطوائف، بينما في الإنتخابات الرئاسية، فإن الأكثرية المؤثرة فيها ستكون للفريق السياسي الذي يملك القدرة على تأمين أكثرية تصل إلى 86 نائباً وحكماً من كل الطوائف اللبنانية ومن دون استثناء، وهذه الأكثرية هي التي ستنتخب الرئيس العتيد.
ورداً على سؤال حول التأثير الخارجي والتقاطعات الإقليمية والدولية في الإستحقاق الرئاسي، يوضح ناصيف، أن حصول الحزب على ثلثي المقاعد النيابية، سيلغي أي دور خارجي في الإنتخابات الرئاسية، ذلك أن القوى الخارجية تتدخل في هذه الإنتخابات، عندما يعجز أي فريق سياسي داخلي عن تأمين وحشد الأكثرية المطلوبة مع حلفائه لانتخاب الرئيس، فتنقسم الكتل النيابية ويعجز أي فريق داخلي عن تأمين الأكثرية مع حلفائه، وعندها يأتي التدخل الخارجي من خلال اللعب على التناقضات الداخلية والعمل على تسويات واتفاقات مسبقة بين كل القوى السياسية، ولكن عندما يمتلك فريقٌ واحد هذه الأكثرية، سيكون قادراً على جمع 86 نائباً في قاعة البرلمان وانتخاب رئيس للجمهورية من دون أية اعتبارات خارجية.
وحول تأثير مقاطعة تيار “المستقبل” ورئيسه سعد الحريري للإنتخابات النيابية، لجهة توفير الظروف للحزب لتأمين الأكثرية النيابية، يكشف ناصيف، أن “المستقبل” يقاطع بقرار مفروض عليه من الخارج ولا علاقة للقرار بالإنتخابات الرئاسية، ولكن في الوقت نفسه سيستفيد “حزب الله” منها من أجل زيادة حجم الكتلة النيابية المؤيدة له من خلال بعض المقاعد المخصصة للطائفة السنية وهي 27 مقعداً ستؤول لشخصيات من خارج “المستقبل”، لأن المقاطعة لن تمنع انتخاب نوابٍ سنة، كما حصل في العام 1992، عندما قاطع المسيحيون الأساسيون الإنتخابات، فتمّ انتخاب نواب مسيحيين من خارج خطّ القوى الأساسية.
ومن ضمن هذا السياق، يشير ناصيف، إلى أن مقاطعة “المستقبل” ستخدم الحزب في تكوين أكثرية مطلقة، في حين أن خوضه الإنتخابات النيابية، سيشكّل عائقاً أمام “حزب الله” للوصول إلى هذا الهدف، لأن الرئيس الحريري سيكون قد نأى بنفسه عن الإستحقاقين النيابي والرئاسي.
المصدر :
ليبانون ديبايت.