“خلط أوراق من تحت لفوق ” في المتن… صدمةٌ في التحالفات واللوائح!
على مسافة أيامٍ معدودة من إقفال باب الترشيح إلى الإنتخابات النيابية المقبلة، تبدو صورة الإنتخابات النيابية وتحالفاتها في دائرة جبل لبنان الثانية (المتن) “ضبابية” وغير واضحة المعالم، وذلك على خلاف الصخب والضجيج الذي تمّ تسويقه سابقاً لحسم توجهات الأحزاب والقوى في هذه الدائرة. إذ لغاية اليوم، لم تُحسم التحالفات بين معظم الجهات ولم تتبلور صورة اللوائح ولا المرشّحين عليها، وستكشف الأيام القادمة، تبدّلاً جوهرياً في الواقع الإنتخابية المتني، وذلك على مستوى التحالفات واللوائح والمرشحين، وهو ما سيُشكّل مفاجأةً وصدمةً لدى البعض، وبصورة معاكسة للصورة التي حاول الكثيرون تظهيرها في الفترة الماضية.
تحالف المرّ – الطاشناق
وكان حزب “الطاشناق” والمرشح ميشال الياس المرّ، أول المعلنين عن تحالفٍ إنتخابي في قضاء المتن، وشكّلا نواة لائحةٍ قادرةٍ على اجتذاب بعض الشخصيات والأحزاب الوازنة، كرجل الأعمال سركيس سركيس، والحزب السوري القومي الإجتماعي. ولكن سفينة هذا التحالف لم تجرِ كما اشتهى عرّابها، وهي تواجه أزمةً حقيقية، في ضمّ مرشحين إليها، وذلك في ظلّ تردد سركيس، الذي تراوده بقوة، فكرة العزوف عن الترشّح في ظلّ القانون الإنتخابي “المُجحف”. وفيما يتعلق بالحزب القومي، يبدو جلياً أن خياره هو التحالف مع “التيار الوطني الحر” على مستوى جميع الدوائر ومن ضمنها المتن الشمالي، وبصرف النظر عن التحديات التي يواجهها تحالف “التيار – القومي”، في تركيب بعض اللوائح وخصوصاً في دائرة الشمال الثالثة.
ويجري الحديث، عن أن تحالف “المر – الطاشناق”، الذي خاب ظنّه في التحالف مع الأحزاب والشخصيات الوازنة، قد انتقل إلى بعض الأسماء الطامحة، حيث طرح ضمّ كاتبة العدل رندة عبود المستقيلة من “التيّار الوطني الحر”، والتي لا تملك حضوراً إنتخابياً سابقاً، كونها لم تخض الإنتخابات في الدورات الماضية، بالإضافة إلى بعض الأسماء المغمورة إنتخابياً وشعبياً.
عملياً، يواجه تحالف “المر – الطاشناق” تحديات كبيرة قد تدفعه في النهاية إلى العدول عن فكرة تشكيل لائحة والإنتقال إلى البحث عن لائحة يُمكنه الإنضمام اليها. وإذا كان “الطاشناق” يملك إمكانية ترميم علاقته ب”التيّار” والعودة إلى لائحته، إلاّ أن المرّ، يملك خياريْن، فإمّا أنْ يُشكّل لائحة كالتي شكّلها جده المرّ الكبير، وعنده ستكون حظوظ فوزه شبه معدومة، وإمّا سيلتحق ب”الطاشناق” وينضمً إلى لائحة “التيار”.
الكتائب
كذلك، تواجه لائحة حزب الكتائب، تحدّيات مشابهة لتحدّيات “المرّ – الطاشناق”، وذلك لناحية جذب مرشحين لهم حيثية شعبية وحضور متنيّ، فالكتائب كان يطمح إلى تشكيل لائحة تضمّ كلاً من النائبين المستقيلين سامي الجميل والياس حنكش، إضافة إلى سمير صليبا أو هاني صليبا، والنائب السابق غسان مخيبر، ورئيسة حزب “تقدّم” لوري هايتانيان، لكنه لم يوفّق في تحقيق حلمه، و”انفخت” الدفّ وتفرّق المرشّحون، بعدما جنح هاني صليبا صوب “القوات اللبنانية”، بينما ذهب كلٌّ من سمير صليبا ومخيبر وهايتانيان، باتجاه تشكيل لائحة مع المجتمع المدني وبالتعاون مع الوزير السابق شربل نحاس، وذلك على خلفية طبيعة القانون الإنتخابي والعمليات الحسابية المتعلّقة بعدد الحواصل، والتي تركت فرصاً ضئيلة لنجاح مرشٍّح ثالث من هذه اللائحة، بعدما ضمن الكتائب فوز مرشحّيه.
وبالتالي فإن هذه المعطيات تفرض على “الكتائب” اليوم، بذل الكثير من الجهود، لتُستكمل تلك اللائحة قبل إقفال باب الترشيح.
القوات
وكانت “القوات اللبنانية”، قد استبقت بقية الأحزاب وأعلنت باكراً عن أسماء مرشحيها الوزير السابق ملحم رياشي والخبير الإقتصادي رازي الحاج. ولكن استكمال “القوات” للائحتها، يُواجه صعوبات كثيرة وخصوصاً لناحية ضمّ شخصيات وازنة تعزّز الحاصل الثاني ل”القوات”، وهناك توجّهٌ لم يصل إلى خواتيمه بعد، ويقضي بضمّ المرشّح الناشط متنياً هاني صليبا، عن المقعد الأرثوذكسي، وليس هناك حتى الآن من أسماء غير صليبا، مرشّحة للإنضمام الى هذه اللائحة.
لائحة “التيار”
في المقابل، فإن ل”التيّار الوطني الحرّ” ثلاثة نواب في المتن، إلاّ أنه لغاية اليوم، يملك مرشحاً ثابتاً وحيداً هو النائب ابراهيم كنعان، بينما يتريث الوزير السابق النائب الياس بو صعب، في حسم قرار ترشّحه إلى منتصف الأسبوع الحالي، علماً أنه كان قد رفض المشاركة في الآلية المعتمدة في “التيار” لاختيار المرشّحين. وتدور نقاشات داخل “الوطني الحرّ” حول جدوى ترشيح النائب آدي معلوف، عن المقعد الكاثوليكي بعد ترشيح “القوات” للوزير السابق ملحم الرياشي، الذي حُسم المقعد لصالحه، ما لم يقرر “التيار” خوض معركة انتحارية، واضعاً كلّ ثقله خلف معلوف. وكما بقية اللوائح، لا يمتلك “التيار” حلفاءً من العيار الثقيل، باستثناء الحزب القومي، لكن خيار انضمام “الطاشناق” والمرّ، قد يكون متاحاً في حال عزوف بو صعب.
ثوابت ومرشّحون لاستكمال اللوائح
ووسط هذا الضجيج الإنتخابي المتنيّ، يتّضح أن هناك سبعة مرشحين ثوابت هم: إبراهيم كنعان، وملحم رياشي، ورازي الحاج، وسامي الجميل، والياس حنكش، وآغوب بقرادونيان وميشال المر، كما تبرز بعض الأسماء المرشّحة لدخول واستكمال اللوائح، ومن بين تلك الأسماء المطروحة والذين يتمّ التواصل معهم حالياً، نصري لحود، وليد بوسليمان وفؤاد ابو ناضر.
تغييرٌ كامل
وإزاء ما تقدّم، وعطفاً على التحديات التي تواجه معظم اللوائح، بات واضحاً أن قانون الإنتخاب “الهجين”، هو المسؤول عن دفع بعض المرشحين إلى الإحباط كما إلى ثنيهم عن التقدّم لخوض الإنتخابات، وذلك ما لم يدخلوا “جنّة الرعاية الحزبية” لرفدهم بالأصوات التفضيلية، وهو ما لن تُقدم عليه هذه الأحزاب التي تجيّر إمكاناتها حصراً للحزبيين.
وبصرف النظر عن التحديات والصعوبات التي يضعها القانون الإنتخابي أمام المرشحين، فنحن متّجهون إلى التغييرٍ الكامل في المشهد الإنتخابي، حيث أن كل السيناريوهات التي تمّ تداولها حول انتخابات المتن 2022، مرشّحة اليوم للسقوط، في ضوء التطورات الدراماتيكية المرتقبة والتي لن توفر أيّ فريق سياسي أو حزب أو تيار، بحيث سيكون العنوان في المتن: “شقلبة وانقلابات وخلط أوراق من تحت لفوق”
المصدر :
ليبانون ديبايت.