تابعوا قناتنا على التلغرام
مقالات مختارة

«القدس العربي» تدخل مصنعاً لـ«الكبتاغون» كانت تديره الفرقة الرابعة

عماد الشدياق نقلاً عن “القدس العربي”

على بُعد بضعة أمتار قليلة من طريق دمشق ـ بيروت، أخفت «الفرقة الرابعة» التي يرأسها ماهر الأسد، مصنعاً ضخماً لمخدّر «الكبتاغون» الشهير. اختار العقيد في الفرقة الرابعة بسيم فوزي، مبنى لـ«فيلا» ضخمة من أجل تمويه مشروعه وإبعاده عن أعين أهل المنطقة، وأشاع بينهم، حسب ما أكد شهود عيان لـ«القدس العربي» بأنّ «الفيلا» هي قاعدةٌ للحرس الثوري الإيراني، وفيها مركز يخصّهم وظيفته تطوير الأسلحة الصاروخية «فلا تقتربوا منها حرصاً من أيّ استهداف إسرائيلي محتمل».

الفيلا التي تبلغ مساحتها أكثر من 700 متر مربّع، موجودة في منطقة يعفور التي تبعد أقل من 5 كيلومترات من منطقة المصنع الحدودية بين لبنان وسوريا. تلك المنطقة تُعتبر مربعاً أمنياً لفرقة ماهر الأسد. والتي يملك فيها شقيق «الرئيس المخلوع» إلى جانب شخصيات عدّة من النظام، قصوراً ومزارع.
تلك المنطقة تعرّضت منذ سقوط النظام لضربات جوية إسرائيلية، استهدفت مستودعات أسلحة ومراكز حساسة للفرقة، وهذا يحسم بأنّ هوية الجهة التي تملك المصنع، أو أقله هوية الجهة التي تعلم به وتشرف عليه.

قرب هذا المصنع من الحدود اللبنانية ـ السورية، قد يكون سببه لوجستيّاً، ويخصّ عملية تهريب تلك الحبوب، من سوريا إلى لبنان عبر الحدود.
منذ لحظة الدخول إلى الفيلا، تفوح رائحة كريهة مصدرها مستوعبات بلاستيكية زرقاء، تحوي مادة الـFormic Acid (مصدرها ألمانيا) ومادة الـDephenhydramine Hcl المخدرة (مصدرهما الهند). وقد أخرج عناصر «هيئة تحرير الشام» تلك المستوعبات من داخل الفيلا، ووضعوها في المرآب من أجل تلفها. لكن بعد تلف جزء يسير منها، أخطرتهم وزارة الزراعة السورية بأنّ هذه المادة «مهمة» لصناعة الأدوية الطبية، ويمكن مصادرتها للاستفادة منها لاحقاً.

أمّا الشركة المستوردة لتلك المواد فهي شركة سورية اسمها MAK overseas وَينشط عملها في سوريا وتذكر على موقعها الإلكتروني أنّها تنشط في استيراد المواد الخام والبضائع من الهند والصين والإمارات العربية المتحدة. لكنّ اللافت أنّ وجهة الاستيراد المذكورة على المستوعبات هي العاصمة بيروت، وهذا يطرح العديد من الأسئلة، ربما تكون السلطات اللبنانية مطالبة بالإجابة عنها وتوضيح ملابسات وصول تلك المواد إلى سوريا.

في المرآب نفسه، وُضع كذلك خزانان معدنيان كبيران من أجل خلط تلك المادة السائلة على ما يبدو. أمّا في الجهة المقابلة من المرآب، فكان هناك خلاط كبير (يشبه جبالة الإسمنت) وذلك من أجل خلط مواد البودرة الخام.

داخل الفيلا، ثمّة باحة كبيرة وضع فيها المروجون جهاز كبس حبيبات «الكبتاغون» وأكياس كبيرة ورقية تشبه أكياب الإسمنت، فيها مادة الـLactose سكّر الحليب مصدرها بولندا. بجانبها، زُرع على الأرض عدد كبير من الحبيبات التي تشبه حبات مادة «النفتالين» التي تُستخدم كمبيد للحشرات.

تلك الحبيبات مصنوعة من مادة البلاستيك، ويمكن فتحها بالنصف ليسع بداخلها 4 حبات من «الكبتاغون» ثم تُقفل الفلقتين المتطابقتين بإحكام لتبدو كالكرة البيضاء الصغيرة، ويمكن تهريبها على أنّها حبوب من مادة «النافتالين».

أمّا في الصالة المجاورة، وهي أكبر غرفة في الفيلا، فاصطفّت برامين كارتونية من مادة «الكافيين» مصدرها مدينة مومباي الهندي (شركة (AARTI pharmalabs وتاريخ إنتاجها في شباط (فبراير) من العام 2023، مما يعني أنّها حديثة.

في الزاوية الأخرى من الصالة، ترتفع أكياس من مادة أخرى هي مادة الـ anti-histamine المضادة للتحسس، إذ يبدو أنّ المصنّعين يستخدمون تلك المادة من أجل خلطها بالحبات المخدرة منعاً لتحسّس المتعاطين من مفعول المخدّر.

يقول أحد العناصر المولجين بحراسة المبنى: «إنّ هذا المصنع يعود للفرقة الرابعة. مكتب العقيد فوزي تحت الجسر عند مفترق الطريق المؤدي إلى هنا (على بُعد 100 متر تقريباً)».

ويضيف الحارس الذي افترش الباحة الخارجية هرباً من الروائح الصادرة من تلك المواد: «هذه الحبوب كانت تُهرّب إلى الأردن ومنها إلى دول الخليج كالسعودية وقطر وغيرها من الدول الأوروبية. حوّلنا آل الأسد لأكبر دولة مصدّرة للمخدرات في العالم».

تسأل «القدس العربي» الحارس عن كيفية الوصول إلى هذا المصنع ومصادرته، فيؤكد أنّ العمال الذين كانوا يعملون من المصنع «حضروا في الصباح الباكر بعد ليلة سقوط النظام من أجل سرقة المواد الخام والحبوب المخدرة، بعد أن فرّ العقيد بسيم فوزي وعناصره المولجين بحراسة الفيلا في الليلة نفسها إلى جهة مجهولة. يقول أهل المنطقة إنّ العقيد ركب سيارته وخرج من المنطقة في الساعات الأولى من يوم الأحد، ويرجّحون أن يكون قد قصد الأراضي اللبنانية حيث الجهات التي يتعاملون معها».

يروي الحارس أنّ أهل المنطقة «تمكنوا من كشف تحركات العمال في الصباح، وقد منعوهم من الدخول إلى الفيلا». بعد ذلك تواصل شبان من منطقة يعفور ـ الديماس مع قيادة «هيئة تحرير الشام» التي «أرسلت دوريات لمعاينة المكان، فوجدوا بداخل الفيلا هذا المصنع، فعاينوه ثم نقلوا كميات كبيرة من الحبوب المخدرة إلى مكان آمنٍ، حرصاً على عدم سرقتها أو تفشيها بين المدنيين».

يؤكد الحارس أنّ «هذا السبب حافظ على المصنع سليماً وحال دون سرقة المعدات والمواد الخام» التي تبدو حديثة ومتطوّرة ويُقدّر ثمنها بمئات آلاف الدولارات، وقد استطاعت أن تدرّ على النظام السوري وحلفائه، قرابة 5 مليار دولار سنوياً حسبما تؤكد تقارير استقصائية سبقت سقوط النظام بأشهر عدّة.

Reporter2
Author: Reporter2

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى