معاناة اللبناني مع التخزين في “الهوت ميل”
كتب الصحافي بشير مصطفى في independentarabia
معاناة متزايدة بسبب خيارات اللبنانيين القليلة في سعة التخزين (موقع الهوت ميل)
وقع مستخدمو خدمة البريد الإلكتروني في “hotmail” في مأزق بسبب السقف الذي حددته شركة “مايكروسوفت” عند مستوى خمس غيغابايت. وبات كثيرون في حيرة من أمرهم، حيث وقعوا بين خيارات موجعة، إما حذف عدد كبير من الملفات والمرفقات داخل البريد الشخصي أو شراء سعة تخزين إضافية أو الإصرار على عدم التجاوب مع طلبات الشركة، بالتالي يبقى الحساب معلقاً من دون إمكانية إرسال أو تلقي الرسائل.
تأثير كبير
بين هذا وذاك، يبقى لتغيير سياسة التخزين أثر كبير على سلوك المستخدمين وحياتهم العملية، حيث يعاني بعض المستخدمين من تجاوز السقف المسموح بالضعف أو أكثر من الضعف. ومن ثم، فإن عملية مسح البيانات تسير في بطء، في المقابل توقفت حساباتهم عن إرسال أو استقبال الرسائل البريدية، وما كان منهم إلا اللجوء إلى خدمات بريدية أخرى، حيث يأتي Gmail في مقدمة الخيارات، كما يشكو البعض من النقطة المتصلة بشراء قدرة تخزين إضافية، وطريقة الدفع لأنه “عند القبول بالشروط المفروضة من الشركة، والتوجه إلى خيار الحصول على سعة التخزين الشهرية المدفوعة، يجد لزاماً عليه الدفع من خلال بطاقة ائتمانية، حيث يواجه اللبناني مشكلة في الدفع بسبب أزمة المصارف، واحتجاز الودائع، ولكن في المقابل، استجاب بعض المستخدمين لهذا التحدي من خلال اعتماد بدائل تخزين مختلفة بسعات جيدة على غرار Meta، وDropbox، وTerabox.
أبعد من التجارة
في هذا السياق، يتطرق جمال مسلماني، الخبير في التحول الرقمي و الأمن السيبراني ، إلى استراتيجيات معتمدة لدى مختلف شركات المعلوماتية العالمية التي تقدم حزم خدمات مجانية للمستخدمين، وتكون ذات سقف محدد، ومن ثم عند بلوغ الحد الأقصى، يتم إلزامه بشراء سعة إضافية، منوهاً إلى أن “الشركات لا تستفيد فقط من البدلات المالية لقاء التخزين، وإنما من خلال استخدامها تلك البيانات حيناً أو بيعها في حين آخر أو حتى من خلال الترويج الإعلاني”، ولكن هذا لا يمكنه أن يلغي الجانب التقني المحض، ويوضح ربيع بعلبكي، رئيس الجمعية اللبنانية للمعلوماتيين المحترفين، “يستهلك تخزين الداتا غير المستخدمة كمية كبيرة من الطاقة، لأن جمع بيانات الملايين من الناس ضمن خوادم تعمل على مدار الساعة”، وعليه، برز الاتجاه لترشيد كمية الطاقة المستخدمة في تخزين البيانات. وينوه بعلبكي إلى أن الشركات لن تبادر إلى شطب الداتا أو منع الولوج إليها، ولكنها في المقابل تدفعك إلى اعتماد أساليب أخرى للتخزين.
ويلفت بعلبكي “قد يجد المواطن اللبناني البدل المالي الشهري مرتفعاً، نظراً إلى انهيار سعر الصرف مقابل الدولار، ولكنه مبلغ مقبول بالنسبة إلى المستخدم الأجنبي أو صاحب الدخل الجيد لأنها ذات مزايا ومنافع كبرى”. ويجزم بعدم وجود فكرة الداتا اللانهائية إلا في مخيلة بعض المستخدمين، لذلك يقدم لهم النصح بتعلم إدارة أصول الإجازات، واسترجاع البيانات، وصولاً إلى استئجار خزنات لدى البنوك من أجل الحفاظ على الداتا الحساسة جداً أو حتى تحويلها إلى تقنية المايكرو فيلم للديمومة الزمنية الطويلة لما فيها من فائدة لبعض المؤسسات المالية، أو براءات الاختراع أو حتى السندات التي تثبت الملكية العقارية والسجلات.
التخزين الآمن
قاد التطور التقني الكبير في مجال البيانات المتعددة الوسائط إلى زيادة في حجم الملفات، وما كان يصلح لتخزين ومشاركة الآلاف من الملفات، لم يعد يصلح إلا للقليل منها. وباتت الحاجة إلى أجهزة وحسابات ذات سعات تخزين مرتفعة. وعليه، لم تعد الخمس غيغابايت ذات قيمة، لأنها لا تساوي إلا بعض الصور أو فيديو ذي جودة عالية.
يتحدث الخبير مسلماني عن الحاجات لطاقات تخزين مرتفعة بفعل ازدياد أحجام المنتجات الإعلامية، والغرافيك، والصور عالية الجودة، ومن ثم لا بد من اللجوء إلى بدائل مختلفة، التي تنضوي إما تحت لواء السحابة الإلكترونية cloud storage التي تمتلك مزية الولوج إليها عبر الإنترنت online من أماكن مختلفة شرط وجود الخوادم المناسبة، ولكننا في المقابل، نصبح أمام مشاركة البيانات مع الشركة التي تحصل على نسخة عنها.
ومن جهة أخرى، هناك الموارد الصلبة التي لا تحتاج إلى شبكة الإنترنت. وينصح مسلماني إلى الاعتماد على الأدوات التخزينية الـoffline لأنها ذات أمان مرتفع، ويمكن لمالكها الولوج إليها ساعة يشاء من دون مشاركتها مع طرف ثالث، منبهاً إلى أن “البيانات التي تتم مشاركتها عبر السحابة الإلكترونية، تصبح عرضة للفيروسات، والهجمات الرقمية، وتشفير الملفات، ومن ثم يحتاج المستخدم إلى موارد عالية لحمايتها، واسترجاعها”. وينصح باستخدام الأقراص الصلبة لأنها تحافظ على البيانات لفترة طويلة، ويمكن لمالكها الحفاظ على سريتها وخصوصيتها بعيداً من الشبكة، وأقل عرضة للمخاطر، لافتاً إلى أن “يمتنع كثير من الأطباء المهنيين عن رفع البيانات الخاصة بالملفات الطبية للمرضى على السحابة الإلكترونية لعدم التعرض لخرق الخصوصية”.
مركز تخزين وطني
كما يطرح مسلماني إقامة مركز وطني للبيانات بغية حفظ بيانات مختلف الوزارات والمؤسسات العامة، والجامعات، وحتى الأفراد. ومن ثم إنشاء تطبيق، يقدم حسابات للمستخدمين من أجل الحصول على سعة تخزين آمنة للبيانات الوطنية، ولكن هذه الخطوة تواجه عقبات أساسية، يأتي في مقدمتها سوء شبكة الإنترنت، وانقطاع الكهرباء،
إضافة إلى غياب الأمن السيبراني، والثقافة الرقمية.