هل 6 أيار.. يُعتبر عيد شهداء الصحافة اللبنانية!
لماذا لا تحتفل صيدا سنويًا بذكرى إستشهاد الضابط توفيق البساط؟
كتب الدكتور مصطفى متبولي*
أصبح الإحتفال بعيد الشهداء اللبنانيين الذين تم إعدامهم بقرار من جمال باشا في 21 آب 1915 و 6 أيار 1916 و 5 حزيران 1916 مناسبة لتكريم شهداء الصحافة اللبنانية. وتجدر الإشارة الى أنه تم إختيار يوم السادس من أيار في كل عام للإحتفال بعيد الشهداء اللبنانيين الذين اعدموا في هذا اليوم (6 أيار 1906 )لأن عدد الشهداء كانوا الأكثر عددا.
و في السنوات الأخيرة تم تسمية هذا اليوم عيد شهداء الصحافة اللبنانية ويتم الإحتفال به لتكريم الصحافيين اللبنانيين الذين شنقوا في 6 أيار 1906. ولكن من المستغرب أن يتناسى المحتفلون عن حسن نية ومن دون قصد بأن هذا العيد هو أيضًا عيد كل شهداء لبنان الذين تم إعدامهم بقرار من السلطات العثمانية والذين كانوا نخبة من الصحافيين والمثقفين والمفكرين المتنورين الذين ناضلوا من أجل استقلال لبنان وهم الشهداء عبد الكريم الخليل، محمد ومحمود المحمصاني و عبد القادر الخرسا الذين تم إعدامهم في 21 آب 1915 وتوفيق البساط الذي تم اعدامه في بيروت بتاريخ 6 أيار 1916. ومن المؤكد بأن العودة الى التسمية الأصلية ( عيد الشهداء) هي تقدير و عرفانًا بنضال هؤلاء الشهداء و عهدًا لأرواحهم بمتابعة مسيرتهم زودًا عن الوطن وسيادته واستقلاله و هنا أقتبس ما قاله الشهيد الجزائري محمد العربي بن مهيدي** (1923-1957) حول الشهيد والشهادة في سبيل الوطن :”إذا ما استشهدنا دافعوا عن أرواحنا، نحن خُلقنا من أجل أن نموت لكي تستخلفنا أجيال لاستكمال المسيرة.”
شهداء الصحافة اللبنانية
ويجب التذكير باسماء شهداء الصحافة اللبنانية الذين تم إعدامهم في 6 ايار 1916 بقرار من المجلس العرفي في مدينة عالية بتهمة التخطيط لثورة عربية والتآمر ضد الدولة العثمانية في ساحة البرج وسط بيروت (سميت لاحقا ساحة الشهداء) وهم :
الشيخ أحمد حسن طبارة (صاحب جريدتي “الاصلاح” و”الاتحاد العثماني”)، سعيد فاضل عقل (صاحب جريدة “البيرق” في بعبدا، ورئيس تحرير عدد من الصحف أهمها “النصير” و”الاصلاح” ولسان الحال”)، عمر حمد (شاعر شعبي وصحافي في جريدتي “المفيد” و”الاصلاح”)، عبد الغني العريسي (صاحب “المفيد” و”فتى العرب” و”لسان العرب”)، الأمير عارف بن سعيد الشهابي (المحرر السياسي في جريدة “المفيد”البيروتية)، باترو باولي (مدير جريدة “الوطن” ورئيس تحرير جريدة “المراقب” البيروتية”)، جورجي حداد (صحافي في جريدة “المقتبس” في دمشق وجريدتي “لبنان” و”الرقيب” في بيروت ).
وفي 5 حزيران 1916 تم شنق فيليب وفريد الخازن صاحبي جريدة “الأرز”.
الشهيد توفيق البساط
وبمناسبة عيد الشهداء لا بد من الكتابة بايجاز حول المواقف الوطنية واستذكار سيرة حياة الشهيدين توفيق البساط (صيدا1890 – بيروت 6 أيار 1916) وعبد الكريم الخليل (برج البراجنة 1884- بيروت 21 آب 1915)
ولد الشهيد توفيق البساط في مدينة صيدا عام 1890 وفيها نشأ وتعلم في المدرسة الخيرية الاسلامية. وشارك مع الشيخ أحمد عارف الزين صاحب مجلة ” العرفان ” بتأسيس جمعية “نشر العلم” في 28 تشرين الثاني سنة 1912 هدفها نشر العلم والثقافة و المعرفة و العمل على ” ترقية المدارس الإبتدائية الأهلية في صيدا، بإرسال التلاميذ على نفقتها إلى دار المعلمين ليقفوا على أحدث الأصول في التربية والتعليم العملي، ليتولوا، بعد نيلهم الشهادة، أمور التربية والتعليم في تلك المدارس.” وبالفعل قامت الجمعية بمساعدة تلاميذ متوسطي الحال على إكمال تحصيلهم العلمي.
وبعد قبول توفيق البساط في المدرسة السلطانية للضباط سافر الى دمشق الذي تخرج منها برتبة ضابط سنة 1914. وانتسب الى ” جمعية العربية الفتاة” السرية وكان معظم أعضائها من الضباط.
وفي عام 1916 اتهمته السلطات العثمانية بخيانة الدولة وانتمائه الى ” جمعية العربية الفتاة” السرية. وقد تمت محاكمته امام المجلس العسكري العرفي في عاليه الذي اصدر الحكم عليه بالاعدام شنقاً الذي تم تنفيذه في ساحة الاتحاد البرج – ساحة الشهداء في بيروت في 6 ايار 1916.
وحول إعدام توفيق البساط شنقًا كتبت مجلة ” العرفان ” الصيداوية في باب “أهم الأخبار والآراء الذي ينشر فيه الأخبار المهمة التي يحتاج الكلام فيها الى إسهاب”:
” لما أتى به وقد بدأ يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود رأى 11 شهيدا من رفقائه معلقين على المشانق رأى هذا المشهد الرهيب فمشى مشية النمر الوثاب وصاح قائلا وهو يسير نحو المشنقة:
” مرحبا بارجوحة الشرف، مرحبا بارجوحة الابطال، مرحبا بالأعمدة التي يستند اليها استقلال الأمم، مرحبا بالموت في سبيل الوطن” ووضع الحبل بنفسه على عنقه وركل برجله كرسي المشنقة. (مجلة العرفان ، المجلد 20، صفحة 5).
وفي هذا السياق أوجه الدعوة الى بلدية صيدا و الجمعيات الأهلية والأندية الثقافية الى الإحتفال سنويًا بذكرى استشهاد توفيق البساط في 6 أيار من كل عام كي لا تنسى الأجيال الصيداوية تاريخ نضال صيدا من أجل إستقلال لبنان وعروبته وعرفانًا بنضال من ضحى بنفسه وليس للتذكير بمآسي الماضي.