“السعودية لن تتدخل في الملف الرئاسي”!
تتهاوى تباعاً كل السيناريوهات الرئاسية التي كانت مبنيّة على المبادرات والتحركات الديبلوماسية العربية كما الغربية، ويعود المشهد الداخلي على صعيد الإصطفافات والتكتلات السياسية إلى ما كان عليه منذ أسابيع. فالرهانات الداخلية على تدخلات أو ضغوطات قد تمارسها أطراف إقليمية على حلفائها، قد سقطت واستعاد الإنقسام صورته المعهودة مع تسجيل فارقٍ لجهة تسارع وتيرة الإنهيار وتزايد خطورة الفراغ في رئاسة الجمهورية.
ومن هنا فإن توقيت ودلالات الدخول الأميركي، والذي أتى بعد غياب على خطّ الإستحقاق الرئاسي، قد يُنبىء بحصول تحولات على قاعدة “عند حلول الأصيل يتراجع دور الوكيل”، إذ يرى الكاتب والمحلل السياسي تمام نور الدين، أنه من غير الممكن تجاهل الإنعكاسات للمواقف الأميركية والسعودية والقطرية كما الإيرانية، وبصرف النظر عن طبيعتها وحجمها، على الملف الرئاسي والمقاربات الداخلية لها.
وفي هذا المجال، يشير المحلل نور الدين لـ”ليبانون ديبايت”، إلى أن الإدارة الأميركية، قد جلست لفترة طويلة في كرسي المتفرج ومن دون أي إشارات أو رسائل مباشرة، بمعنى أن الأميركي كان خلف الموقف السعودي من الملف الرئاسي، إلى حين صدور بيان الخارجية الأخير.
وبالتالي، فإن هذه العودة لا تعني أن ما يتمّ إطلاقه من إشاعات وحملات تستهدف الحراك الفرنسي والمبادرة الرئاسية الفرنسية، حقيقي وواقعي، وفق نور الدين، الذي يجزم بأن الفريق الإستشاري الفرنسي الذي يواكب ملف الإستحقاق الرئاسي، ما زال يتابع مهامه، كما أنه من المعيب الحديث من قبل بعض الأطراف السياسية عن استبدال المستشار الرئاسي باتريك دوريل، خصوصاً وأنه لا يستند إلى اية معطيات جدية.
وعن الترابط أو التناقض ما بين الموقف الفرنسي الثابت على دعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، والموقف السعودي في ضوء حراك سفير المملكة وليد البخاري في الساعات الـ48 الأخيرة، يقول نور الدين المقيم في فرنسا، إن السفير السعودي يتعامل بطريقة “ماكرة”، وطبعاً بالمعنى الإيجابي للكلمة، إذ أنه لا يعبّر عن رأيه ويعتمد الأسلوب الإيراني عندما يتحدث عن موقف بلاده من الرئاسة والمرشحين، ويكرر موقف الإيرانيين الذين يعتبرون أن الرئاسة شأن لبناني داخلي.
وفي سياق متصل، فإن المواقف الأميركية تقترب اليوم من المواقف السعودية في بيروت، ولكن هل حددت الرياض موقفها من ترشيح فرنجية؟ عن هذا السؤال يجيب نور الدين، بأن السعودية لن تسمّي ولن تدعم أي ترشيح ولن تتدخل في الملف الرئاسي.
وعن الدور الفرنسي في الملف الرئاسي، يؤكد نور الدين أن باريس تقوم بدور الوساطة بين اللبنانيين من أجل إنجاز الإنتخابات الرئاسية، وهذا الدور قائم ويحظى بتفويض من المجتمع الدولي كما من واشنطن، مع العلم أنه إذا أرادت الإرادة الأميركية التدخل مباشرةً، فإن وساطة فرنسا ستتراجع، ولكن إلى حينه، فإن ما من معطيات متصلة بالملف الرئاسي إلاّ الوساطة الفرنسية التي ما زالت مستمرة، في ضوء عدم مبادرة كل الأطراف الخارجية الأخرى، إلى القيام بمبادرات رئاسية جدية.
وفي خلاصة الحديث عن المشهد الرئاسي، يرى نور الدين أن “السعودي يحكي بالمواصفات، بينما الفرنسي يتحرك باتجاه كل الأطراف انطلاقاً من دوره كوكيل عن المجتمع الدولي، وهو يطلب من القوى اللبنانية أن تنتخب رئيساً لكي يساعدها”.
المصدر: ليبانون ديبايت.