ساحة سمير قصير لكل الناس…
بعد انتشار فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر أطفالاً يسبحون في بركة ساحة شهيد الكلمة الحرّة سمير قصير، إنهالت موجة من الانتقادات على هذا الفيديو رافضة بصورة قاطعة المس بهذا الموقع كونه معلماً له الكثير من الدلالة والرمزية الوطنية الكبيرة، اذ يحمل إسم شهيد ناضل ودفع بدمائه ثمن آرائه وحريته، كما أن العنصرية والطائفية مرفوضتان جملةً وتفصيلاً ولا يحق لأي مواطن القيام بحملات ضد أطفال لبنانيين أو غير لبنانيين لا يدركون دلالة هذه البركة، وأعمارهم لا تتجاوز العشر سنوات.
وكان يجب التحدث الى هؤلاء الأطفال بمبادئ الشهيد سمير قصير ومدرسته، وتجنب العنصرية البغيضة التي انتشرت على لسان المغردين عبر مواقع التواصل، لكن من الواضح أن روح هذا البلد بدأت تتغير خصوصاً بعدما وضع صورة للرئيس بشير الجميل على مدخل نهر الكلب وتحتها عبارة “لكم جمهوريتكم ولنا جمهوريتنا”. وانتشرت سابقاً الدعوة الى تقسيم بلدية بيروت وإعادتها شرقية – غربية، ما يدل على أن هناك فئة متوغلة في البلد كشفت عن وجهها الحقيقي بأنها تريد الفديرالية والتقسيم علناً متناسية أن لبنان بلد العيش المشترك، فالى متى ستبقى هذه الفئة تنشر جهلها العنصري والطائفي تجاه من يخالفها الرأي وتجاه أطفال أبرياء لا يدركون ما يقومون به؟ وأين حرّاس البلديات من حماية تراثنا ومعالمنا؟
في السياق، أوضح رئيس بلدية بيروت السابق بلال حمد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك مبنى المالية التابع للبلدية خلف هذه البركة بالاضافة الى قرب القصر البلدي مسافة دقيقة واحدة، فأين حراس المباني خصوصاً وأنهم يلتقون على نقطة واحدة؟ وبدلاً من سحب المياه من البركة كان يتوجب علينا الإبقاء على جمالية هذا الموقع، ولو وجد حراس البلدية لما كان الموضوع سيأخذ هذا الحجم خصوصاً أن بإمكانهم بكل لطافة وسهولة إبعاد الأطفال عن هذه البركة والتوضيح أنها ليست للسباحة وإنما هي في موقع يحمل دلالة معينة، وتبقى النقطة الأساسية حماية الممتلكات العامة والحفاظ عليها وعلى نظافتها وتحديداً القريبة من مقر البلديات”.
ووصف المشهدية بـ “المؤذية فالموقع له رمزيته ويجب المحافظة عليه وعلى كل المواقع الأخرى في العاصمة ولا نساهم في تخريبها”، مشيراً الى “أننا لا نرى في دول الخارج هذه المناظر ولا يجوز التساهل أو السماح بهذه الأفعال حتى لو كان الأطفال من الجنسية اللبنانية أو السورية أو غيرها”. واعتبر أن “من المعيب التهجم على هؤلاء الأطفال لأنهم سوريو الجنسية، والعنصرية أصبحت مقيتة جداً”.
وعن الصورة التي علقت على مدخل نهر الكلب، رأى حمد أن “هناك نفساً تقسيمياً في البلد، وبعد كل المآسي التي عايشناها منذ العام 1975 حتى يومنا هذا لا يزال هذا النفس التقسيمي الطائفي البغيض مهميناً علينا وهو مرفوض جملةً وتفصيلاً فقدرنا أن نعيش مسلمين ومسيحيين”، متسائلاً : “لماذا لم نتعلم بعد من تجاربنا الماضية؟ ألم تُعلمنا المصائب التي أوصلتنا الى جهنم أن لا حل الا بوحدتنا وبعيشنا المشترك؟”. وأسف لما نعيشه ولهذه العنصرية، مؤكداً أنه “ينقصنا في البلد الرجالات في كل المواقع”.
وكانت الاعلامية جيزيل خوري زوجة الشهيد قصير كتبت عبر حسابها على موقع “تويتر”: “ساحة سمير قصير لكل الناس… لكل الاطفال”.
كما أكد رئيس “المركز اللبناني لحقوق الانسان” وديع الأسمر صديق الشهيد أن “سمير قصير سيكون فرحاً جداً بوجود أطفال تغمرهم السعادة بغض النظر عن الجنسية”.
أمام هذا الواقع العنصري والطائفي البغيض نستذكر قول الشهيد سمير قصير “ما أحلم به بسيط بساطة الايمان بالغد، ما أحلم به، بلادٌ تنهل من اختلافاتها لتحولها مصدر قوة وتماسك. بلاد متحررة من قيود الأنانيات الطائفية والعائلية، دولة تكون ملك المواطنين جميعاً، والمواطنين وحدهم، محصّنة بقضاء مستقل، وبتمثيل شعبي لا يرقى اليه الشك، دولة لا تحبسها الطائفية ولا المحسوبيات”.
المصدر: لبنان الكبير.