إنقلاب سعودي كبير في المنطقة…
لا يتوقّف الحراك الإقليمي المتسارع عن تسجيل مفاجآت يحاول اللبنانيون التقاطها وتجييرها لصالح حل الأزمة المتفاقمة في الداخل اللبناني، فما مدى انعكاس هذا الحراك الاقليمي على الإستحقاقات المؤجلة والتي يعني الإفراج عنها بداية حلحلة للوضع العام؟
تؤشر سياسة الإنفتاح الإقليمي بين الدول برأي الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم بيرم إلى رغبة من العواصم المعنية، وتحديدا الرياض لتصفية مرحلة كان عنوانها 15 سنة التوتر أو السعي إلى أهداف معينة بالمنطقة ولها دور معين أكبر من ما هو مألوف.
وبرأيه الذي تحدث عنه إلى “ليبانون ديبايت”, أن السعودية على ما يبدو طوت فعلا هذه الصفحة وبالتالي أصبح لديها الآن معطيات جديدة تسمح لها فتح صفحة جديدة من العلاقات سواء مع إيران أو مع روسيا أو مع سوريا أو مع المحيط العربي عموما، وهي تنسحب على الداخل السعودي نفسه، من خلال إجراءات الإنفتاح، ولم تعد السعودية رمزا للقوقعة ورمزا للتشدد والتطرف على المستوى الداخلي والعالمي، هناك من يقدم وهو ولي العهد محمد بن سلمان رؤية جديدة عنوانها العريض الإنفتاح وتطوير العلاقات مع إيران ومن ثم تصفية بؤر التوتر من إيران إلى العراق الى سوريا، ويأمل أن يأتي دور لبنان في المرحلة المقبلة بحيث يؤدي هذا الحراك إلى التسوية المطلوبة.
واذ يؤكد أن الحراك الإقليمي سينعكس حتماً على لبنان وأن دوره هو الثالث بعد اليمن وسوريا، لافتاً أن كل الأفرقاء في لبنان اليوم في حالة ترقب، مشدداً على أن هذا الشلل في الشغور الرئاسي لا بد أنه أصبح مقروناً بتسوية خارجية تنتظر النضوج مع التقدم في الإتفاق السعودي الإيراني، لا سيما أن كافة الأفرقاء الداخليين لعبوا أوراقهم جميعها وأصحبوا أعجز عن إنتاج حل وكما العادة فإن التوجه يكون للخارج، لكنه يجزم بأن لا تسوية في المنطقة بدون لبنان.
أما فيما يتعلّق تحديداً بالإنفتاح السوري السعودي، فيذكر بأن سوريا أصبح لها أكثر من 11 عاما بوضع محاصر بدأت تستشعر أنه هناك من ينفتح عليها ويحاول إعادتها إلى الجامعة العربية، وهناك عدد من المساعدات لإعادة الإعمار.
ويلفت أن سوريا التي كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تفقد نظامها، وتسيطر عليها المجموعات الخارجة عن النظام أو المتطرفة، تعيش اليوم حالة إنعاش وبدأت تستأنس من نفسها قوة.
واذ يستذكر قولا للنائب والوزير الراحل جان عبيد “أن سوريا أكبر لاعب بالمنطقة تحولت بعد الأحداث إلى أكبر ملعب “، يسأل هل في المستقبل القريب ستبقى سوريا التي نعرفها قبل عام 2011 من حيث الدور، الآن السؤال اليوم هل ستعيد سوريا لها الدور المحوري والمركزي الذي تمتعت فيه أيام حافظ الأسد، فهي اليوم أيضا أمام تحدي كبير ، مستنداً الى نظرية تقول بأن سوريا لكي “يفرج” عنها عربيا عليها أن تغير سلوكها، نحن ننتظر.
وعن مدى انعكاس الإنفتاح العربي السوري على لبنان، لا يعوّل كثيراً على الأمر لأنه بطبيعة الحال سوريا وقبل فترة أوكلت الملف اللبناني إلى اللبنانيين يعني حزب الله أو قوى سياسية أخرى متحالفة معها، ولا يعتقد أن سوريا ستعود للعب ذات الدور الذي كانت تلعبه من قبل أي قبل انسحابها من لبنان عام 2005 إبّان مقتل الحريري، هذه مرحلة طويت بالنسبة لها وخرجت منها خاسرة وليست رابحة، وحلفاءها اليوم قادرون على لعب الدور المطلوب منهم من جانبها.
أما فيما يتعلق بالحراك القطري؟ فيستبعد التقاطع في الحراك السعودي القطري، فقطر دولة تعتقد نفسها لاعباً بالمنطقة, وأدوارها معروفة من خلال العلاقة مع تركيا، ولكن ولا مرة كان هناك تنسيق بينها وبين السعودية خصوصا بالموضوع اللبناني، ويلفت إلى أن كل من التقى الموفد القطري إلى لبنان أكد بأن الوزير القطري جاء مستطلعاً أكثر منه حاملا لمبادرة، فقطر لها وجود مزمن في لبنان من بعد حرب تموز عام 2006، حيث كان لها دور إعادة الضاحية والجنوب، وهي اليوم لا ترغب بالخروج نهائيا من لبنان تريد إبقاء جسور علاقة مع اللبنانيين كافة وعلى مستوى النفط هو مواضيع آخرى.
لكنه يرى أن هذا لا يتيح لها اللعب فهناك لاعبين أكبر منها على الساحة اللبنانية ربما قد تلعب بالتنسيق مع الآخرين وبشكل مكمل لأدوار الآخرين، لكن لا وضعها ولا موقعها يخولانها لعب دور حاسم في لبنان.
وإذ يلفت إلى ما قامت به في إتفاق الدوحة الذي أنهى فترة عصيبة في لبنان، فإنها لن تقوم بأكثر من ذلك، ولا يظن أنها قادرة على ذلك اليوم، فهناك فرنسا وإيران والسعودية لاعبيين أساسيين في الداخل اللبناني، لذا دور قطر متواضع ولكنه مطلوب، لأنه على اللبنانيين أن يستفيدوا من هذه الادوار الواعدة.
المصدر: ليبانون ديبايت.