يوم المرأة العالمي..هل يكفي للمرأة يوماً واحداً فقط!
نقف في مهب اللاشيء، مكشوفات الظهر على سيناريوهات بنهايات مبهمة. نتخبط في العراء باحثات عن ملاذ يشعرنا بالأمان الذي لطالما أردناه ولم نعرف له اسماً. فنحن نساء نفتقر إلى التعبير عمّا يختلجنا.
في مهب الحياة، نتهاوى من عَلٍ، والارتطام آت لا محالة. بطلات يصعب ابتداع الفرص السعيدة في مسارهن، أي التفاف متفائل في الأحداث سيبدو مفتعلاً، فضلًا عن أن هشاشته لن تدوم.
شخصيات لا تليق بها السهول المزهرة ولا الطرق الممسّدة، نليق فقط بكتّاب يسخون على بطلاتهم بمخيلة واسعة، نبتكر مراحل معقدة من المطبات الحياتية، ونخطط لرهانات خسارتها لا تعوّض.
نساء نحن. نتعلم، نعمل، ننجح، نتزوج، نحمل، نلد، نربي، نهتم بجمالنا، نهتم بالشؤون المنزلية، وبالشؤون الحياتية، وبالشؤون العملية.. على مدى 356 يوماً في السنة و366 يوماً في السنوات الكبيسة… ولنا يوم واحد في السنة.
الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، يوم تتداعى الدول للاحتفاء بنا كنساء وتحيينا.
يبدو يوماً عظيماً لكائن عظيم. كائن يربك المجتمعات في كيفية أداء التحية له، وتتهافت الأفكار المبدعة على النشاط الأكثر جاذبية، مؤسسات إعلامية تسلّم نشرات أخبارها لمحرِّرات نساء، ووزارات تحوله يوماً احتفالياً. وتحل النساء ضيفات على الشاشات، مُحلِّلات شارِحات عن دورهن المفصلي الذي تمّ التنبه إليه في هذا اليوم، قبل انتهاء الساعات الأربع والعشرين، مؤذنة بالعودة إلى الواقع.
محظوظات نحن في يومنا العالمي، فهو ليس مناسبة مارقة، مثل 19 نوفمبر، يوم الرجل العالمي. للمرأة احتفالية من نوع آخر، احتفالية تكرّسها كائناً دخيلاً، فهي ليست من النسيج العام للمجتمعات، وشتان بين المجتمعات.
شخصيات درامية، نحن، تحكمها سيناريوهات المجتمع ورجال الدين والتقاليد. أسيرات نمطية الزواج والإنجاب والتضحية. مَن تختار عدم الزواج أو عدم الإنجاب، عصية على التصديق، وتشكل مادة دسمة لشفقة غير مطلوبة، وتعاطف غير مرغوب فيه. فهي بحاجة لمن يحملها في آخرتها، ومسيرتها تبدأ بأنها ابنة رجل ما، وأخت رجل ما، وزوجة رجل ما، ولن تكتمل إذا لم تصبح أماً لطفل ما.. من الأفضل أن يكون ذَكَراً.
في الثامن من آذار، أنحني أمام كل امرأة اختارت دفن نفسها ورغباتها الجنسية في مجتمع ذكوري خوفاً من خسارة أطفالها. وأمام كل فتاة تعرضت للتحرش أو الاغتصاب، وأمام كل ناجية من أتون الحروب المستعرة، وأمام كل امرأة تناضل في المنزل وخارجه لتثبت نفسها في مطحنة الامتحانات المجتمعية المتتالية.
للثامن من آذار دلالات سياسية واجتماعية واقتصادية في دول العالم، إلاّ أن هذا اليوم يبدو أكثر إشراقاً من واقعنا كلبنانيات، طموحاتنا ومطالبنا ما زالت في خانة أساسيات الحياة، لم نستطع بعد تخطي عتبة أساسيات المطالبة برفع سن الحضانة، وبقانون مدني موحد للأحوال الشخصية، وبقانون يجرّم الإغتصاب الزوجي، والعنف ضد المرأة.
اليوم العالمي للمرأة، يبدو لنا كلبنانيات أشبه بالحياة الفارهة التي نعيشها في ظل الأزمات المتتالية، كالانفصام عن الواقع بين رغد العيش والسعي إلى تأمين أدنى مقومات الحياة.
لو عاد الأمر لي، لقايضتُ يوم الثامن من آذار بحق النساء بالحضانة وحررتهن من قيود المحاكم الروحية، لقايضته بقانون يساوي في الأجور والحقوق، لقايضته بالحرية المطلقة. لو عاد الأمر لي، لقايضت يوم الثامن من آذار بوصاية المرأة على جسدها. لو عاد الأمر لي لقايضت الثامن من آذار بسعادة المرأة… لأن السعادة ليست تفصيلاً!
(لوحة بعنوان “Thick As Thienves للبنانية ياسمين ناصر دياز)
المصدر:
المدن