إيجابية وحيدة لورقة المليون ليرة… ماهية..؟!
رزمة من الأوراق النقدية ترافق اللبنانيين أينما حلّوا. لا مهرب لهم من ثقلها، فالعملة الوطنية تواصل انهيارها والسلع والخدمات تحلّق بأسعارها. وفيما برزت انتقادات ساخرة عن اللجوء الى ورقة نقدية جديدة تزيد أصفارها عن المعتاد، كثرت الاستنكارات لهذا التصميم المالي المبتكر ونفت الجهات الرسمية المعنية أي توجّه لاعتماده في حينها؛ ولكن، يبدو أن المزاعم ستتحوّل الى حقيقة، و”المركزي” سيقدم على الخطوة الكبيرة، مطلقاً ورقة المليون ليرة في الأسواق في القريب العاجل، تزامناً مع بدء تطبيق العمل بسعر الصرف الرسمي 15000 ليرة لبنانية مقابل الدولار في السحوبات المصرفية اعتباراً من الأول من شباط 2023.
الحلّ بإضافة أصفار أو حذفها؟
وتشير مصادر مطلعة على الوضع الاقتصادي لـ”لبنان 24″ الى أنه غالباً ما تلجأ الدول التي تعاني انهياراً مالياً شبيهاً بالذي يمّر به لبنان، الى حلٍّ من اثنين: إمّا طباعة فئات كبيرة من العملة لتسهيل التداول أو حذف الأصفار، فتصبح الألف على سبيل المثال مئة”، لافتة الى ان “الإجراء الأفضل بالنسبة للدول يبقى “حذف الأصفار” لما يعكسه على نفسية المواطن، بحيث يشعر الأخير بأن الليرة تحسّنت، في حين أن زيادة الأصفار تضفي طابعاً نفسياً بمزيد من الإنهيار.
المصادر نفسها تعتبر أن لا بدّ للبنان من اختيار طرح ممّا سبق، مؤكّدة أن “إضافة أصفار أو حذفها لن يغيّر في الواقع اللبناني شيئاً، فالليرة مستمّرة بتدهورها والقدرة الشرائية لدى المواطن تتراجع يوماً بعد يوم”.
ورقة المليون… حالة طبيعية
لا شكّ أن لرفع سعر الصرف الى الـ15 ألف ليرة لبنانية تأثيرات وانعكاسات في السوق، فحجم الكتلة المالية بالليرة اللبنانية المتداولة سيشهد ارتفاعاً كبيراً ما قد يزيد نسب التضخم، يتسبب في زيادة بالأسعار وارتفاعاً في “سعر السوق الموازية”؛ وهي مؤشرات خطرة وتقنياً غير صحية على المدى المتوسط… ونظراً لغياب الحلول الاقتصادية البنيوية الجذرية، يستعيض لبنان بمعالجات آنية.
ما علاقة خطة التعافي؟
الاقتصاد في لبنان سياسي، حتى أن طبع ورقة المليون ليرة مرتبط بالواقع النقدي الاقتصادي السياسي، هذا ما يؤكّده الباحث الاقتصادي المتشائم، كاشفاً أن “طبع ورقة المليون ليرة قد يرتبط بجزء من خطة التعافي كما أنه قد يستخدم في واقع المودعين”.
يشير ناصرالدين أيضاً، إلى أن “لورقة المليون ليرة لبنانية 3 أبعاد، الأوّل ماليّ مرتبط بالضرائب، الثاني اقتصادي مرتبط بالتضخّم وبعدٌ ثالث نقدي يُعنى بكيفية التعاطي مع السوق الحرة والتعاميم المتعلقة بأموال المودعين”.
ويلفت الى ان بعد تحوّل لبنان لسوق نقدي إثر وجود كمية كبيرة من العملة الاجنبية (الدولار)، وهي أكثر من الاحتياطات الموجودة في مصرف لبنان، اضافة الى وجود كمية ضخمة من الليرة، كانت 16 ألف مليار ليرة وأمست 72 ألف مليار ليرة، فتح المجال أمام عالم المضاربات… من هنا الحاجة للسيطرة عليه وإعادة الانتظام العام واقرار موازنة 2023 بكيفية التعاطي معه؛ وفي حال لجأت الحكومة الى التعامل مع السوق النقدي من منطلق التوازن بين العرض والطلب، تكون قد بدأت بوضع رؤية نقدية وليس اقتصادية.
في قراءة أوضح، “تدبير المليون ليرة”، إن وضع قيد التنفيذ، لن يحدث أي تغيير في واقع اللبنايين المرير، جلّ ما يصبو اليه تخفيف وزن الورق في محاولة لتكييف المواطنين مع الانهيار المتواصل لعملتهم الوطنية؛ فعقارب الساعة لن تعود الى الوراء وشراء الوقت سيّد الموقف.. عسى أن تقودنا الأيام لمرحلة حذف الأصفار بدل إضافتها.