فواتير الكهرباء بـ”الفريش”…!
كتب خضر حسان في “المدن”:
وضعت مؤسسة كهرباء لبنان فواتيرها على سكّة الدولرة بعد رفع التعرفة. على أن يقوَّم الدولار المعتمد بسعر منصة صيرفة. لكن كتاباً أرسلته المؤسسة إلى المصارف، تطلب فيه “العمل على إنشاء حساب فريش Fresh Account لكل مشترك يرغب بتسديد الفواتير عبر التوطين”، أثار تساؤلات حول نية تمهيد الطريق للاستيفاء لاحقاً بالدولار النقدي “الفريش”.
فتح الحسابات المصرفية
تسمح المؤسسة للمشتركين بدفع فواتيرهم عبر المصارف، من خلال توطين عملية الدفع. لكن مع تعدّد أسعار الصرف وتبدّل سياسات المصارف لناحية التعامل مع حسابات الزبائن، كان لا بد من ضمان انتظام عملية تحويل الفواتير. فطلبت المؤسسة من المصارف فتح حسابات الفريش. لكن عدم توضيحها المقصود بكلمة “فريش”، أثار المخاوف.
إلاّ أن مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان، أوضحت لـ”المدن” أن المقصود هو “فتح حسابات جديدة بالليرة اللبنانية وليس بالدولار، تكون مخصصة لدفع الفواتير”. وأضافت أن هذا القرار “يأتي تجاوباً مع طلب مصرف لبنان من المؤسسة تحويل المبالغ المجباة بالليرة ليتم استبدالها بالدولار وفق سعر منصة صيرفة. المركزي لن يحوّل الدولارات للمؤسسة ما لم تفتح حسابات بالليرة وتحوِّل المبالغ عبرها”. وتؤكد المصادر أن عبارة حساب فريش، “أسيء تفسيره لأن الفريش ارتبط بالنسبة للناس بالدولار النقدي”.
وتطبيق قرار فتح الحسابات وإيداع قيمة الفواتير فيها، سيبدأ “اعتباراً من 1 شباط 2023”. أما الزبائن غير الراغبين بفتح الحسابات، “سيتابعون دفع الفواتير للجباة بشكل طبيعي، ولا شيء يلزمهم بفتح الحساب”.
تمهيد للدفع بالدولار
تسهّل المؤسسة على نفسها تحويل الليرات إلى دولار من خلال القنوات المصرفية. لكن هذه العملية قد لا تكون ذات تأثير يُذكَر، إذ لا شيء يُلزِم المشتركين بفتح الحسابات، خصوصاً وأن المواطنين فقدوا الثقة بأي صلة مع المصارف. فالتوجّس من ابتداع قرارات مفاجئة، ما زال قائماً.
ومن هنا، لا تستبعد مصادر من بين موظفي مؤسسة كهرباء لبنان، أن تُستَعمَل تلك الحسابات لاحقاً، لإلزام جميع المشتركين بالدفع عبر المصارف، ثم التوجّه إلى الدولرة الكاملة. فالمؤسسة تطلب من المصارف أنه “في حال عدم الالتزام من قبل أي من المشتركين، يرجى إعلام مؤسسة كهرباء لبنان بذلك ليبنى على الشيء مقتضاه”. وترجّح المصادر أن يكون قرار المؤسسة محصوراً بالمشتركين القدامى الذين كانوا في السابق يدفعون فواتيرهم عبر التوطين، واليوم تريد المؤسسة فتح حسابات جديدة منفصلة عن السابقة. لكن ما هو المقتضى الذي ستقوم به في حال الرفض؟.
وفي السياق، إن كان المسعى ضمان عدم تهرّب المشتركين من دفع الفواتير، تدريجياً، فالأجدى بالمؤسسة وضع آلية لضمان تحويل شركات مقدمي الخدمات، أموال الجباية إلى حسابات المؤسسة بشكل فوري، بدل التأخير وحرمانها من إيرادات سريعة. وحول هذه النقطة، تؤكّد مصادر مؤسسة كهرباء لبنان أن “المؤسسة والشركات يجرون دراسة قبل الاتفاق على الطريقة التي سيتم عبرها تحويل الأموال بسرعة، لأن المؤسسة بحاجة لكل ليرة في هذا الظرف”. ومع ذلك، تصرّ على ترك حرية تحويل أموال الجباية لمقدّمي الخدمات، ما يترك الأموال معلّقة ويقيّد حرية المؤسسة في استعمال أموالها لتسديد مستحقاتها للمتعهّدين ودفع رواتب الموظفين وإجراء الصيانة للمعامل.. وما إلى ذلك.
مصرف لبنان لن يبدّل ليرات الجباية بالدولار ما لم تصله الأموال بالليرة. وفواتير الكهرباء لا تُجبى جميعها في المواعيد المطلوبة، فالتهرّب مستمر، وما يُجبى يبقى في عهدة مقدمي الخدمات. ما يعني أن المؤسسة لن تستطيع تأمين الدولارات المطلوبة لتغطية كامل نفقاتها، وهي الراكضة لتحصيل ما أمكنها، عبر سلفات خزينة واعتمادات مستندية على غرار المطالبة في تشرين الأول الماضي بـ”فتح اعتماد مستندي بمبلغ 2 مليون و888 ألف و400 يورو لصالح شركة Clean Energy Solution s.a.l، بهدف توريد قطع غيار ومواد استهلاكية من الشركة المصنّعة للمعدات لمعمل مطمر الناعمة. وذلك من ضمن مبلغ 60 مليون دولار الموافق عليه في قرار مجلس الوزراء رقم 12 تاريخ 14/4/2022 والمعدّل بقرار مجلس الوزراء رقم 171 تاريخ 20/5/2022″.