فرنسا تسعى لتسوية إقليمية تنتج رئيساً… الخرق بعيد!
كتبت لينا يونس في “المركزية”:
فيما تبدو كل الطرق الداخلية التي توصل رئيسا للجمهورية الى بعبدا، مقطوعة، تسعى فرنسا الى فتح طرق فرعية بديلة تساعد في تحرير القصر من الشغور الذي يأسره.
مساء السبت، كشفت الرئاسة الفرنسية (الإليزيه) أنّ “الرئيس إيمانويل ماكرون اتصل بولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وبحثا الأخطار التي تهدد استقرار المنطقة”. وفي هذا الاطار، تطرقا الى التهديدات التي تلقي بثقلها على استقرار المنطقة، مؤكدين رغبة باريس والرياض في تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين. وأكّد ماكرون وبن سلمان “ضرورة انتخاب رئيس للبنان وإجراء إصلاحات هيكلية لا غنى عنها لنهوض البلاد”، بحسب بيان الرئاسة الفرنسية. ووفق المعلومات، اتفق المسؤولان على مواصلة وتعزيز تعاونهما للاستجابة لحاجات الشعب اللبناني الانسانية. واذ تناول ماكرون وبن سلمان العلاقات الثنائية بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، مؤكدين رغبتهما في تعزير العلاقات الاقتصادية بين البلدين خصوصاً في مجال الطاقة، تطرق الرجلان الى النسخة الثانية من مؤتمر بغداد والذي من المتوقع ان ينعقد في عمان، وسيجمع كبار المسؤولين في المنطقة بهدف تحقيق الحوار والاستقرار.
وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، فإن فرنسا المهتمة بقوة بالملف اللبناني منذ انفجار ٤ آب، تسعى اليوم الى ان تبقى صاحبة التأثير الاقوى في بيروت. وبينما لا اهتمام دوليا بارزا بالواقع اللبناني، هي أخذت على عاتقها منذ اسابيع، وغداة انتهاء وساطة ترسيم الحدود التي قادها الاميركيون، بنجاح، اجراء سلسلة اتصالات على الساحتين الاقليمية والدولية، لمحاولة ايجاد تسوية ما للازمة السياسية في لبنان. في هذه الخانة، يصب اتصال ماكرون ببن سلمان. واذ تشير الى ان الاول سيطرح قضية لبنان مع زعماء العالم في الساعات المقبلة في “بالي” خلال قمة العشرين، تلفت الى ان قنوات التواصل مفتوحة ايضا بيت باريس وطهران. المطلب الفرنسي هو تحييد لبنان عن الكباش في المنطقة والعالم والمتوالية فصوله منذ اسابيع بين إيران من جهة والسعودية وحلفائها والولايات المتحدة من جهة ثانية، والذي عاد ليحتدم في ظل تعثر مفاوضات فيينا وغداة اشتعال الاحتجاجات في الشارع الايراني. كما ان فرنسا فرضت بند “لبنان” على جدول اعمال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اليوم وغدا في بروكسل. لكن هل هذا الحراك كله، يعني ان الحل وشيك؟
طبعا لا، تجيب المصادر. ذلك ان الانتخابات بحاجة الى تسوية يتفاهم عليها الخارج أوّلا، قبل ان يحاول تسويقها في الداخل. العامل الاول غير مؤمّن حتى الساعة، حيث لا يبدو ان ثمة قدرة لدى باريس على دفع الرياض وواشنطن من ناحية وطهران من ناحية ثانية على تقديم التنازلات. الفريق الاول يريد رئيسا يحمي الطائف والدولة والشرعية وعلاقات لبنان العربية، إصلاحيا ونظيفَ الكف، والثانية تريد رئيسا صديقا للمقاومة ولا يغدر بها والباقي تفاصيل.
هذه المعادلة تعني استمرارا للفراغ، الا اذا كانت باريس وجدت المرشحَ القادر على إرضاء العواصم الكبرى وافرقاء الداخل، على حد سواء، واسمه ربما جوزيف عون.. اذا كانت هذه هي الحال، فان طبخة الحل قد تكون مدار روتشة اليوم ويبقى رفع العقبات القليلة التي تعترض طريقها، كموقفِ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مثلا، من امامها، وهي المهمة التي ستتولاها باريس… لكن، على الارجح، نحن بعيدون من هذا السيناريو “الزهري”، تختم المصادر.