خطّة ضخمة من دولة عربيّة للطاقة المُتجددة.. فما هو مستقبل النفط؟
أكد خبيران تحدثا لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أنه برغم الاستثمارات الضخمة للسعودية في مشروعات الطاقة المتجددة ورغبتها الجادة في تخفيض انبعاثات الكربون، إلا أن قطاع النفط سيظل منتعشا سواء لالتزام المملكة بتلبية الطلب العالمي المتزايد عليه أو لاعتماد قطاعات كبيرة في الاقتصاد السعودي عليه.
ويوم الجمعة، أعلنت المملكة العربية السعودية عن إطلاق 13 مشروعاً للطاقة المتجددة بقيمة 9 مليارات دولار، بهدف أن تصل إلى صافي صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2060.
وقال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، خلال منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2022، المنعقدة على هامش قمة المناخ كوب 27 في مدينة شرم الشيخ المصرية، إن المملكة تمكنت من تخفيض الانبعاثات الكربونية بنحو 21 مليون طن خلال العام الماضي.وأكد الوزير أن شركة إنتاج النفط الحكومية السعودية أرامكو لديها أقل مستوى من انبعاثات غاز الميثان بكل المعايير، وأن بلاده تعتزم إطلاق سوق شهادات غاز الاحتباس الحراري مطلع 2023.
وشدد وزير الطاقة السعودي كذلك على أن المملكة بإمكانها أن تصبح نموذجاً يحتذي في كيف يمكن للهيدروجين أن يساعد في التحول بمجال الطاقة.
للنفط نصيب الأسد
الباحث في شؤون الطاقة بجامعة القصيم السعودية، سعد الغباري، قال لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه من الصعب أن يكون هناك استغناء كلي عن النفط في المملكة العربية السعودية على الأمد المنظور والأمد المتوسط، لأن أكثر الدول المستهلكة للنفط في العالم حاليا لا تزال نسبة الطاقة المتجددة في استهلاكها اليومي لا تتخطى 11 في المئة.
وتابع الغباري أن دول مثل الصين والهند فمتوسط استهلاكها اليومي من البترول في حدود 20 مليون برميل، ومن ثم ستعتمد مثل هذه الدول وغيرها على استيراده من شتى أنحاء العالم، وبما أن السعودية هي أكبر مصدر للنفط فسيكون لها حصة الأسد من هذا الطلب العالمي.
وقال إنه من الملاحظ أن الارتفاع في الاعتماد على الطاقة المتجددة في أوروبا منذ عام 2000 وحتى عام 2019 نسبته ضئيلة جدا، بحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة، فمثلا ألمانيا وهي أكبر اقتصاد في أوروبا كانت تعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 3 في المئة عام 2000 والنسبة حاليا لم تتخطى 18 في المئة.
وأكد أنه طوال 22 سنة لم ترتفع نسبة الاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل كبير رغم زيادة التكنولوجيا المستخدمة في توليد الطاقة من مصادر بديلة للنفط، فمازال الاعتماد على النفط يمثل 80 في المئة عالميا، وكل ذلك يؤكد أن العالم كله وليس السعودية فقط لا يمكنه الاستغناء عن النفط في الأمد المنظور.
وشدد على أنه حتى في السوق المحلية فإن المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج العربي عموما يمثل الاعتماد على الطاقة المتجددة 3 في المئة من إجمالي الاستهلاك للطاقة، وذلك على الرغم من تضاعف الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، ومن ثم فعملية استبدال النفط بالطاقة المتجددة ليس ورادا بشكل كلي حاليا، وربما عملية الإحلال ستستغرق وقتا طويلا وليس في الأمد المنظور ولا المتوسط.
آخر 3 براميل نفط.. من أين تأتي؟
بدوره، قال خبير النفط العالمي، ممدوح سلامة، إن المملكة العربية السعودية تستثمر بشكل كبير في مشاريع ضخمة لتوليد الطاقة المتجددة، والهدف من ذلك خفض اعتمادها على النفط والغاز في الاقتصاد الداخلي من أجل خفض انبعاثات الكربون الضارة بالمناخ، ولكن الاقتصاد السعودي سيبقى طوال القرن الحادي والعشرين وربما أبعد من ذلك معتمدا على النفط باعتباره المحرك الرئيسي ليس فقط لاقتصاد المملكة بل لأية مشاريع مستقبلية في القطاعات الخارجة على الطاقة.
وأوضح أن التوجه للطاقة المتجددة هو جزء من تنويع الاقتصاد السعودي حاليا وفي المستقبل، ولكن النقطة المهمة أن اقتصاد العالم سيبقى معتمدا على النفط والغاز طوال القرن الحادي والعشرين وربما بعد ذلك، والسعودية كأكبر مصدر للنفط في العالم ستلعب دورا رئيسيا في تلبية الطلب العالمي الآن وفي المستقبل.
مع هذا، فقد أشار سلامة إلى أن الأمر المهم هو أن السعودية كجزء من منتجي النفط في منطقة الخليج العربي ستبقى رائدة في مجال النفط، وبالتالي فإن آخر ثلاثة براميل من النفط ستُنتج في العالم ستأتي من ثلاثة مناطق، الأول من منطقة الخليج العربي، والثاني من فنزويلا بمنطقة حزام أورينوكو، والثالث من منطقة المحيط المتجمد الشمالي الروسية.