تابعوا قناتنا على التلغرام
محليات

المدارس الرسمية: إهمال وخطر والحل..!

لطالما كان لبنان يتغنّى بأنّه بلد الحرف، ولسنوات، وسنوات من الزمن كان لبنان ملتقى التّعليم الجامعيّ الأول والرائد في المنطقة العربية، إذ أنَّ ما تبع الأحداث الأميركية(11 سبتمبر)، وما رافقها من كرهٍ أجنبي للطلاب العرب، كانت الجامعات اللّبنانية المقصد الأول لجميعِ الطّلاب العرب سواء من دول الشّام, والخليج العربي، أو المغرب العربي، ومن هنا أثبت لبنان قدرتَهُ على تحمل هذا العبء، وعلى مقدرته بتأمين أفضل الطّرق والمناهج التّعليمية لجميع الطلاب، إلا أنّنا نأسف على هذا الأمر اليّوم، فلبنان بات يعيشُ على أنقاض الماضي، وبسبب فشلٍ ذريعٍ ترکه مسؤولوه، ها هو القطاع التّربويّ اليّوم يُنازع تحتَ بطش وتقصير، وإهمال الحكومات المُتعاقبة، أوصلنا إلى النّتائج التي لا تُحمد عقباها، فلا المدارسُ بقت مدارس، ولا القطاع التّربويُّ صمد.. فهل يُعقلُ أن نخسر أولادنا تحت سقف مدارسنا التّي تُعتبر بيتنا الثاني؟؟ سؤال لا يُطرح حتّى في الدول النامية، الفقيرة، المتخلفة، فإن أبرز حق لأولادنا هو أن يكون لديهم مدارس آمنة، تُعنى بهم، وتسترهم، وتقيهم برد الشّتاء، وشمسَ الصّيف، وأن تكون مراكز تبني مستقبلًا، لا تُهدّمُ عائلةً.

وإذا أردنا أن نقومَ بجردةٍ على حال المدارس الرسمية في لبنان، فإن كلمة “خطر” هي التي تتراءى إلى خيالنا، فبعض المدارس، خصوصاً تلك في المناطق النّائية هي محل تهديدٍ، وخطر كبير على حياة الطّلاب، فالمدارس في العديد من المناطق اللّبنانية باتت تعاني كوكبةً من المشاكل سواء أكان على الصّعيد الصّحي، أو الهندسي، حيث أنّها لا تتلاءم والشّروط القانونية الموضوعة، وتُخالف الإعلام العالمي لحقوق الإنسان، والعهود والمواثيق الدولية التي نصَّ الدستور على الإلتزام بها.

ومن هنا، ومع تردي الأوضاع الإقتصادية، والإجحاف بالموازنة، فإن عدداً كبيراً من المدارس الرسمية تحديداً هي محل خطر، سواء على الصّعيد الهندسيّ، أو الصّحي، وما يؤكد ذلك هو تحرك مجموعة كبيرة من النّواب بعد حادثة انهيار سقف إحدى الغرف داخل مدرسة الأميركان الرسمية المختلطة في منطقة جبل محسن في طرابلس، والتّي ذهبت ضحية هذا الإنهيار الطّالبة ماغي حمود(١٦سنة)، ومن هنا يؤكد حراك النّواب على أنّ التّلامذة والمعلمين هم محل خطر الوفاة، والإيذاء، أو التّعرض لمشاكل صحيّة أو غيرها من المشاكل.. وعليه أينَ هي وزارة التّربية من ما يحصل، وما هي الإجراءات التي اتخذتها؟

من بادِئ الإجراءات كلّف وزير التّربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي لجنة هندسية وفنية للتعمق بالكشف على المبنى، ورفع تقريرا مفصّلا حول أسباب الحادث والمسؤوليات المترتبة عليه، ليبنى على النتائج المقتضى القانوني سريعًا وعلى نحو حاسمٍ، مؤكداً أنه “سيتخذ أقصى العقوبات في حال ثبوت أي إهمال”، مشدداً على أن “سلامة المباني المدرسية أولوية مطلقة، لأنها تحتضن أغلى من في الوطن”، إلا أنَّ هذا الأمر هو غير كاف تماماً، فالخطر يتربصُ بالعديد من المدارس المهترئة، الآيلة للسقوط، ولنأخذ انهيارات المباني السكنية المُتتالية أبرز مثال على ذلك، حيث أن إهمال الدولة المتتالي أدى إلى خسارة أرواح ثمينة.

لا ننكرُ إمكانيات المدارس، والصّعوبة التي كانت أصلاً مُرافقة لانطلاق العام الدراسيّ الحاليّ، إلا أنَّ هذا لا يمنع من تحمل المسؤوليات، والعمل ولو بالحدّ الأدنى على مُعالجة المشاكل الهندسيّة، والصّحيّة، لدرءِ خطرِ الخسائرِ.
ومن هنا يبرزُ دور الجمعيات المحليّة، وتعاونها مع المنظمات العالميّة حيث أنّه ولأجل مُجانبة، وتلافي أي خطر، بدأت منظمة اليونيسف بالعمل على تأهيل المدارس، وإنشاء مبانٍ جديدة كما حصل في مزرعة يشوع، فمشروع بناء المدرسة قد انطلق لأنّ ضمان حصول الأطفال على التّعليم أولوية رئيسية لليونيسف، كون ذلك يوفّر لهم فرصاً للمستقبل، ويمنحهم وأهاليهم إحساس الحياة الطبيعية، كما أنه يوفّر شعورا بالأمل ومساحة آمنة للأطفال الذين يعانون من الصدمات.

كل هذا الكلام لم يأتِ لأجل ترتيب الحروف، إنّما مشكلة المدارس هي مشكلة تأتي على مستوى الوطن، إذ لم نرَ أي مسؤول يفتح دفاتر هذه المسؤوليات وذلك في ظلّ دراسات عديدة تؤكد بأنّه منذ سنة ٢٠١٧ هناك ما يزيد عن ١٠٠ مدرسة في لبنان تحتاج ترميماً كاملاً وذلك بسبب قابليتها للسقوط، فمنذ عام ٢٠١٧ لم يحركْ أحدٌ ساكناً، ومن هنا أطلق رئيس شبكة سلامة المباني المهندس يوسف فوزي عزام، نداء الى وزارة التربية بعيد حادثة الانهيار التي حصلت في مدرسة الأميركان الرسمية، وذكّر بأن “شبكة سلامة المباني قد أشارت عام 2017 إلى وجود أكثر من 100 مدرسة تحتاج إلى ترميم فوري وهي تنتشر على جميع الأراضي اللبنانية ومعظمها رسمية، وهذا ما يحتاج مسح ميداني سريع لمعرفة واقع الحال ومدى تطبيق معايير السلامة العامة ليتم الشروع في عملية الترميم، وذلك حفاظا على سلامة التلاميذ و الجهاز التربوي”.

وعليه، فإن عملية الإنطلاق ببناء مبان جديدة، والعمل على إصلاح ما أمكن من مبانٍ أُخرى هو أمر أساسي طالما أن المنظمات الدولية لها الموقف الإيجابي لهذه النّاحية من خلال تأمين الهبات، والتّمويل اللازم، والتّراخي بهذه المسؤوليات من شأنها أن تأخذنا إلى نتائج لا تحمد عُقباها.

بقلم جانين ملاح
خاص اللبنانية

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى