بعد انخفاض الدولار وتوقيع اتفاق الترسيم.. هل “تنتعش” الليرة؟
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
حملت الأيام الأخيرة العديد من الأخبار التي قد تنعكس إيجابًا على الإقتصاد في لبنان؛ من إقرار قانون رفع السرية المصرفية، إلى تعميم مصرف لبنان الذي حصر بيع الدولار عبر منصة “صيرفة” الرسمية والذي أدّى إلى انخفاض كبير بسعر صرف دولار سوق السوداء، وصولًا إلى توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
هذا، وقد شغل التقلّب السريع لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية أوساط التحليل لقراءة التطورات المالية ليس فقط من منطلق اقتصادي، إنما من منطلق سياسي خاصة عشية انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
ولمعرفة ما إن كان الدولار قد سلك فعلًا المسار الإنخفاضي أمام الليرة اللبنانية، لا بد من قراءة إقتصادية علمية.
يوضح الخبير الإقتصادي محمد الشامي أنه تقنيًا لا يمكننا القول إنّ الدولار سلك المسار الإنخفاضي، بل فعليًا الدولار لا يزال يحافظ على مساره التصاعدي، ولكن السوق في لبنان يشهد تصاعدات مستمرة، وبين تصاعد وآخر يحدث انخفاض يكون بمثابة “تنفيسة” للسوق، وهذا ما يجري حاليًا.
ويقول لـ “هنا لبنان” إنّ “الدولار سيعاود الإرتفاع من جديد في وقتٍ لاحق، أمّا اليوم عندما نتحدّث عن مسار انخفاضي للدولار، لا يمكننا فقط الإعتماد على تقلبات سعر الدولار على التطبيقات، أو بأي سعر يتم صرف وشراء الدولار في السوق، فهذه ليست معايير كافية، إنّما المعيار الحقيقي هو أولًا، مؤشر أسعار السلع الإستهلاكية – على الأقل السلع الأساسية – والتي لم تتأثر بانخفاض الدولار في الأيام السابقة”.
ويضيف الشامي: “كما أننا لم نلمس بعد أي إصلاحات ولا منح خارجية أو قروض ميسرة، ولا إعادة لهيكلة الإقتصاد، فطالما أن هذه الإجراءات لم تحدث بعد، لا يمكننا التحدّث عن تعافي الليرة اللبنانية”.
أمّا حول تثبيت سعر الصرف، فيشير الشامي إلى أنّ “سعر الصرف سيتم تثبيته، ولكن كيف ومتى وعلى أي سعر لا أحد يعرف”، وبالنسبة لرقم 15 ألف الذي خرجت به وزارة المالية، يقول: “لا ندري إن كان هذا الرقم واقعيًا، لأنّ الأسس العلمية التي ارتكزت عليها الوزارة غير معروفة، أمّا علميًا فيجب القيام بإعادة تقييم مالي شامل عام للدولة اللبنانية حتّى نستطيع الخروج برقم جديد، ولكن حاليًا البلد بعيد جدًا عن تثبيت سعر الصرف، إنما أي شيء ممكن أن يحصل في لبنان في “ربع الساعة الأخيرة”.
وبشأن توقيع اتفاق الترسيم وانتهاء عهد الرئيس عون وتأثيرهما على سعر الدولار والإقتصاد، يقول الشامي إنّ “لا شيء ملموس بعد، وخروج الأشخاص من السلطة وتوقيع الإتفاقيات، لن يُغيّر الأمور بين ليلة وضحاها، فهناك إجراءات يجب أن تُتّخذ للحديث عن إيجابية”، موضحًا أنّ تحركات السوق السوداء محكومة بالألعاب السياسية، حيث تمّ استخدامها سابقًا مع إعلان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عندما انخفض سعر صرف الدولار من الـ 17 ألف ليرة إلى حدود الـ 13 ألف خلال ساعات، وعاود الارتفاع لاحقًا، كذلك الأمر قد ينخفض سعر الصرف مع خروج عون من بعبدا، لكن ما أُفسد في أعوام لن يُصلح في ساعات، فالبنية مهدّمة ويجب بناؤها من جديد”.
في المقابل، يلفت الشامي إلى أنّ غياب بعض الأشخاص المتورطين ببعص الملفات يؤثر إيجابًا على الإقتصاد بالتأكيد، لأن هناك مطالب شعبية ودولية بالعمل ضد الفساد ومكافحته.. ولكن علينا الإنتظار والترقّب.
بدوره، يرى مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق، الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، أنه في الأيام الأخيرة شهدنا أخباراً إيجابية، من توقيع اتفاق ترسيم الحدود الذي يضمن نوعاً من الإستقرار الأمني في منطقة الجنوب، وموضوع رفع السرية المصرفية الذي أقرّه مجلس النوب والذي يزيد من احتمال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ويقول لـ”هنا لبنان”: “هذه الأخبار الإيجابية من المفترض أن تعكس إنخفاضًا في سعر صرف الدولار مقابل الليرة وارتفاعًا في سعر الليرة، ولكن بالطبع يجب مواكبتها بسياسة نقدية تستوعب هذه الإيجابية”.