تابعوا قناتنا على التلغرام
محليات

مهزلة الأوسمة | وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط مخابرات؟

كتب محرر سياسي : “يمكن وصف ما جرى بقضية فتح ملف ترسيم الحدود البحرية مع سوريا بالفضيحة الحقيقية، فلو جرى مع اي بلد طبيعي من بلدان العالم، يجب ان يكون له ارتدادات ديبلوماسية كبيرة، بعكس ما جرى فعلياً مع لبنان، فبدل أن يستدعى السفير السوري في لبنان للاعتراض أو تبليغه رسالة عالية اللهجة لرفض بلاده استقبال وفد رسمي لبناني لبحث قضية سيادية حيوية اقتصادية تخصّ بلدين، تم استدعاؤه لتكريمه وإعطائه وساماً رفيعاً نظرًا “لجهوده” في تعزيز العلاقات، ليضيف مهزلة جديدة على حفلة توزيع الأوسمة المضحكة التي تجري في قصر بعبدا في هذه الأيام.

وبغض النظر عن جهود السفير السوري المعروفة في التخريب والانتقام من خصوم النظام، وملاحقة المعارضين وتحويل السفارة الى مكتب حل نزاعات بين الادوات السورية  التي تسمي نفسها لبنانية، وترتيب اللوائح الانتخابية وجمع المرشحين الأزلام، وتركيب الكتل الهجينة،  فإنه كان من الأجدى إضافة كلمة مخابرات الى اسم الوسام ليصبح وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط  مخابرات، فهي تسمية  تصح على السفير ونظامه، وعلى الأرجح انه يفضلها على رتبة ضابط “حاف”، فهو لو اندحر جيشه منذ سنوات عن لبنان فيبقى لكلمة مخابرات الأثر  والوقع الكبير لدى السفير نفسه ولدى عدد من الشخصيات والتوابع اللبنانية.

ولا تقتصر الفضيحة ببعدها الديبلوماسي الشكلي فقط بل تتعداها الى جوهر الموضوع، وهي العقلية التي لا يزال يتعامل فيها النظام السوري مع لبنان والتي لم تتغيّر، وعدم الاعتراف به كدولة مستقلة لها حدودها وسيادتها، والامعان باحتقار الدولة واللبنانيين، والتعاطي معهم كتابع وليس كدولة، وهذا ما اظهرته التسريبات السورية ان  نظامها يرفض البدء بهذا الملف حتى لا يؤدي الى مطالبات بترسيم بري، وكأنه ممنوع على اللبنانيين ترسيم حدودهم وممارسة سيادتهم وحقوقهم عليها، والعيش بسلام وهدوء مع جيرانه.

وأبعد من ذلك، يبدو ان رئيس الجمهورية استعجل الانجاز بالمونة فوقع في محظور الممانعة، التي لم ترحمه بالطبع، فليس هناك من مصلحة للكلام عن ترسيم لا في البحر ولا في البر، فترك قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، امر اساسي لذريعة بقاء سلاح “حزب الله” فكيف لنا ان نحسم الأمر؟ فهل يمكن لسوريا التي لا تعترف بلبنان كله أن تهديه جزءًا من أراضيها؟ واذا حسمتها بنهائية سيادتها على الارض تنهي فرضية الاحتلال، ومعه فرضية المقاومة، وما يسري على البر يسري على البحر.

ووفق هذا الأمر، يبدو ان الترسيم مع سوريا سيحتاج اكثر من وسيط ودولة وتدخل وسيمتد الى سنوات طويلة ومخطئ من يعتقد عكس ذلك، لكن لاشيء مستحيل، فكما كان خروج جيشها من لبنان مستحيلاً وتحقق بإرادة الشعب اللبناني، بإمكان الشعب نفسه ان يحقق الترسيم.”

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى