تابعوا قناتنا على التلغرام
بيئة

تلوث الهواء في لبنان : المصادر والمخاطر “متعددة”.. والحلول لا تعني “المعنيين” بشيء !

المال مهما بلغت قيمته ليس بأهمية صحة الإنسان، وعندما نتكلم عن 6,4 ملايين حالة وفاة سنويا على مستوى العالم بسبب تلوث الهواء الذي يعد السبب الرئيسي لحدوث الأمراض وحالات الوفاة المبكرة،  نتلمس مدى خطورة هذا النوع من التلوث على صحتنا وحياتنا، حيث يتعرض مليارات الأشخاص لتركزات الجسيمات الدقيقة بقطر 2,5 ميكرون سواء داخل المنازل أو خارجها. ويعد لبنان بين الأعلى بمعدل الوفيات والكلفة الإقتصادية جراء تلوث الهواء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مسجلاً نسبة 3.8 لكل 10 آلاف شخص، وفق أحدث دراسة لمنظمة غرينبيس العالمية غير الحكومية .

وبحسب البنك الدولي يُعد الفقراء وكبار السن والأطفال الصغار الذين ينتمون إلى أسر فقيرة هم الأكثر تضرراً من الآثار الصحية المرتبطة بتلوث الهواء، وهم أيضاً الأقل قدرة على التعامل معها. وتؤدي الأزمات الصحية العالمية، مثل جائحة فيروس كورونا، إلى إضعاف قدرة المجتمعات على الصمود والتحمل. ومما يزيد الأمر سوءاً  العلاقة بين التعرض لتلوث الهواء وزيادة حالات دخول المستشفيات بسبب الإصابة بالفيروس والوفيات المرتبطة به.

وخلصت دراسة أجراها البنك الدولي مؤخراً إلى أن انخفاضاً في تركيز الجسيمات الدقيقة بالقُطر المذكور  بنسبة 20% يرتبط بزيادة بنسبة 16% في النمو في معدلات التشغيل وزيادة بنسبة 33% في معدل نمو إنتاجية العمالة.

وفي هذا السياق يؤكد خبير السموم البيئية والأغذية مع جمعية المستهلكين في لبنان جوزيف الصايغ في حديث ل” هنا لبنان ” أن إجمالي الموت من الملوثات الجوية يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمستويات حرق النفايات من خلال المحارق المحلية أو حرق النفايات البلدية والصناعية في الهواء الطلق،  فيما الحكومة  بوزاراتها كافة والبلديات المحلية غير مهتمة بإنفاذ قوانين البيئة وقوانين حماية المستهلك” ، مستبعداً أن تصبح صحة المواطن أولوية لدى الدولة بسبب هيمنة المصالح الخاصة للشركات الملوثة

ويكشف عن تلقيه العديد من الأوراق البحثية الصادرة هذا العام،  التي تُظهر أن أولئك الذين لديهم استعداد للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي أو القلب،  والذين تم تطعيمهم بلقاحات covid-19 هم الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات طبية خطيرة والتهابات وأمراض سرطانية ووفيات بأرقام قياسية على الإطلاق.

أما الجانب الأخطر من التلوث راهناً، فهو ليس التلوث الحاصل حتى في اسوأ المواقع كالاوتسترادات ومداخل العاصمة التي تشهد ازمة سير،  وحتى من يعيشون في الطوابق الاولى على الأوتسترادات وفي الشوارع الرئيسية، بل التلوث الذي يصيبنا جراء تناول الطعام المكون بمعظمه من الخضراوات الورقية( الحشائش) والأعشاب، والتي يتم رشها منذ عدة سنوات بمبيدات سامة ضد الحشرات.

ووفق الصايغ فإن هذا النوع من التلوث يشكل أكبر خطر على بيئة وصحة الانسان،  وخاصة في فصل الصيف” حيث لاحظنا بلديات وحتى أقضية تقوم برش النباتات والخضراوات الورقية بسم ضد البعوض، هذا النوع من السم خطير جداً على سكان القرى والمدن، وكل من يتنشق رائحته ، مما يسبب عدة مخاطر على المواطن وصحته”،  ومنها أمراض والتهابات لدى الأطفال ومخاطر على المرأة الحامل ( يصاب الجنين بتشوهات خلقية)، كذلك مخاطر على صحة الكبار بالسن.

ومن هنا بات يمكننا القول بأن البيئة في لبنان كما الإقتصاد تنحدر من سيء إلى أسوأ، فتلوث الهواء يتفاقم نتيجة إنبعاث الغازات السامة وغياب الإجراءات الرسمية المطلوبة ، وواضح تأثير الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية على خيارات اللبنانيين تجاه السيارات التي يقتنونها ونوعية الفيول التي تقوم الدولة باستيراده، حيث أن معظم السيارات تعمل على البنزين واليوم زاد عددها عما كان عليه في العام 2020( 1.700  الف سيارة مسجلة) والجزء الأكبر منها موجود في العاصمة. فكيف يصبح المشهد في ظل غياب المراقبة الحقيقية والحثيثة لنوعبة الوقود المستورد ؟

ويختم الصايغ متطرقاً إلى ما شهدناه في السنتين الأخيرتين عندما قامت الفاو بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية برش مادة خطيرة جداً من خلال الطائرات، وهي ضد الفطريات وضد حشرة معينة، في بعض الأحراش كأحراش الصنوبر لتفادي وباء معين يفتك بالأشجار وهذه ظاهرة غير علمية وخطيرة جداً . وهذا الاجراء توقفت عنه الكثير من البلدان في الغرب بعد أن تلمست مخاطره على البيئة والحيوان والإنسان.

وبصورة أدق تعتبر الكثير من المدن والمناطق مكتظة سكانياً ، وما حصل يشبه رش الأم أو الأب “بيف باف” أو “بايغون” فوق الأولاد اثناء نومهم،  وهذا بمثابة تلوث من الدرجة الاول .وهذا النهج الذي لا زلنا متمسكين به يضر ببيئتنا واقتصادنا وصحتنا وبالقطاع الطبي والصناعي والزراعي والتجاري، والحلول بالتأكيد متوافرة ، لكن التفكير الجدي بها لدى المعنيين لا يزال بعيد عن تفكير وأولويات المعنيين في القطاعين العام والخاص .

المصدر : مازن مجوَز.

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى