تابعوا قناتنا على التلغرام
محليات

معوّض يُدشّن مشواره الرئاسي… مرشَّحاً أول !

حلّ النائب ميشال معوض مرشحاً أوّل في «أولِ تمرينٍ» لإنتخاب رئيس للجمهورية في لبنان خلال جلسة عقدها البرلمان يوم الخميس الماضي، إكتمل نصابُها الدستوري في الدورة الأولى، وأدى عدم إكتمال نصابها السياسي إلى تطيير الدورة الثانية، وتالياً إلى ترحيل هذا الإستحقاق في إنتظار توافقٍ مؤجَّل حتى إشعار آخَر.

وشكل إختيار أحزاب المعارضة لمعوض مرشح «السقف العالي» مفاجأةً غير مفاجئة. ولم يكن عابراً تلاقي «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الإشتراكي» وحزب «الكتائب» حول تسمية معوض الذي سكنتْ الرئاسةُ بيتَه، ولو لبعض الوقت. حين جلس والده رينه معوّض على الكرسي الأول.

حصد ميشال في أول المشوار 36 ورقة وُضعت في الصندوقة الزجاجية، ورصيده مفتوحٌ على المزيدِ في حال نجحت المشاوراتُ بين خصوم «حزب الله» حول منْح مرشح المعارضة مزيداً من الأصوات في ملاقاة الجلسات المقبلة قبل إنتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون في 31 الجاري أو بعد حلول الفراغ في سدة الرئاسة.

حين اغتيل والده الرئيس رينيه معوّض يوم عيد الاستقلال في 1989 لم يكن ميشال تجاوز السابعة عشرة من عمره. فشهد مع شقيقته ريما إغتيال والدهما الرئيس الذي ما كادت الفرحة تغمرهما بانتخابه قبل 17 يوماً حتى لفّهما الحزنُ عليه.

أوّل رئيس للطائف، إغتيل في 22 تشرين الثاني 1989 وهو يحتفل بالاستقلال، فكان شهيد السلم الآتي على وقع إستشهاده. ابن زغرتا المدينة التي قدّمت رئيسين للجمهورية، وسليل عائلة سياسية، أصبح ميشال معوض مرشّحاً رئاسياً في شكل رسمي لانتخابات رئاسة الجمهورية بدورتها الأولى التي عقدها البرلمان يوم الخميس.

يأتي معوّض من بيت سياسي عريق في السياسة المحلية الزغرتاوية وفي السياسة اللبنانية. كان والده نائباً ووزيراً وأحد زعماء زغرتا إلى جانب زعماء عائلات فرنجية ودويهي وكرم.

ومع اتفاق الطائف الذي شارك فيه معوض، جرى توافق عربي ودولي على اسمه، لكنه اغتيل قبل أن يتمكن من دخول قصر بعبدا. وبعد سنوات طويلة أشارت أرملته نايلة معوض إلى احتمالات مسؤولية سورية عن اغتياله الذي اعتُبر تمهيداً لتطبيق «النسخة السورية» من «الطائف».

نايلة عيسى الخوري معوض، النائبة السابقة، ابنة بلدة بشري تولّت بعد إغتيال زوجها زعامة العائلة فيما كان نجلها ميشال يتابع دراسته خارج لبنان. عُينت نائبة خلَفاً لزوجها في انتخابات 1992، ومن ثم انتُخبت لدورات متتالية خلال حقبة الوجود السوري حتى عام 2009.

إبان نهضة المعارضة في وجه النظام السوري كانت معوض من أولى المشاركات، فانضمّت إلى لقاء «قرنة شهوان»، الذي انطلق عام 2001 برعاية البطريرك مار نصرالله بطرس صفير. وإنضمّ نجلها ميشال لاحقاً إليه. وبدأ إسمه يبرز في ظل وجود والدته السيدة القوية والنائبة المُشاكِسة الحاضرة في الحياة السياسية والاجتماعية، التي وقفت بقوة في «قرنة شهوان» وفي مرحلة عام 2005 وما تلاها، فحافظت على حضور عائلتها السياسية في زغرتا ولا سيما حين فازتْ في وجه لائحة سليمان فرنجية مع النائبين سمير فرنجية وجواد بولس. وأصبحت نايلة معوّض وزيرةً في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2005.

في 2009، تنحّت نايلة معوض عن خوض الإنتخابات لمصلحة نجلها ميشال الذي خاض المعركة مع قوى «14 مارس» لكنه خسر فيها وفازت لائحة سليمان فرنجية.

في تلك المرحلة كان معوض بدأ يفرض إيقاع «حركة الاستقلال» التي انشأها عام 2005 مواكَبةً لـ «ثورة الأرز»، وصار اسمه أكثر بروزاً مع ترؤسه مجموعة من المؤسسات الإجتماعية المتفرّعة من مؤسسة رينيه معوض، ولا سيما في فرعها الأميركي الذي ساهم في تعزيز علاقاته مع شخصيات أميركية فاعلة. وغالباً ما كانت الوفود الأميركية الرفيعة المستوى تزور عائلة معوض خلال وجودها في لبنان، وليس آخِرها العشاء الذي أقامه معوض لوزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو لدى زيارته لبنان عام 2019.

في 2018 كان تَحَوُّل بارز في حركة معوض إذ خاض الإنتخابات النيابية مُتحالِفاً مع «التيار الوطني الحر»، وفاز فيها. كان خوضه الانتخابات مع التيار مُفاجئاً، ولا سيما في ضوء موقفه وعائلته من العماد ميشال عون الذي رفض مغادرة قصر بعبدا بعد إنتخاب رينيه معوض، ولإنتماء معوّض نفسه الى حركة مُناهِضة للتيار. لكنه لاحقاً دافع عن فكرة الرئيس القوي الذي يمثّله عون، الذي ساهم في إنتخابه، وسبق أن شارك للمرة الأولى عام 2013 في ذكرى إغتيال معوض. علماً ان ميشال معوض حمّل قوى «سيادية» مسؤولية إبعاده عن التحالفات الانتخابية حينها.

لكن التفاهم بين الطرفين ما لبث ان انفرط عقده، فترك معوض تكتل «لبنان القوي»، وبدأت الخلافات تظهر بقوة بينهما. إلى أن كانت انتفاضة اللبنانيين عام 2019 ومن ثم إنفجار مرفأ بيروت، الذي وقف رئيس «حركة الإستقلال» مُدافعاً بشدة عن ضحاياه وعن ضرورة إجراء المحاكمات ورفض تعطيل عمل قاضي التحقيق.

قدم معوض استقالته من مجلس النواب على وهج تداعيات «بيروتشيما»، واتخذ مواقف حادة مُعارِضة للعهد و«حزب الله»، وقال في أحد مواقفه رداً على كلام رئيس الجمهورية في آذار الماضي خلال زيارته روما حول سلاح حزب الله «نصرّ على أن لبنان بات أسير الهيمنة الإيرانية بفعل سلاح حزبها في لبنان، ولكننا سنواجه».

خاض معوض انتخابات أيار 2022 من ضمن القوى المستقلة في لائحة «شمال المواجهة» متحالفاً مع مجد بطرس حرب وجواد بولس وفاز فيها نائباً عن زغرتا في دائرة الشمال الثالثة. وانضمّ بعد الإنتخابات إلى كتلة «تجدُّد» المؤلفة من النواب، أشرف ريفي، فؤاد مخزومي، وأديب عبد المسيح، وباشر التنسيق مع «الكتائب» و«القوات» والقوى التغييرية والمستقلين تمهيداً لمعركة رئاسة الجمهورية.

قبل أشهر قليلة تقدم اسم معوض كمرشّحٍ مستقل، وكان الاعتقاد بأن القوى التغييرية ستتبنّى اسمه، وخصوصاً أنه من النواب الذي قدّموا استقالتهم من مجلس النواب وعقد منذ ثورة 17 تشرين لقاءت مع القوى التغييرية وتَشارَكَ معهم في التحضير للانتخابات. لكن النواب التغييريين لم يتبنوا ترشيحه لأسباب يعزونها إلى مساره السياسي وانتمائه العائلي التقليدي، وأنه كان جزءاً من السلطة التي كانت قائمة. ولا شك أن وجود نائب من زغرتا بين القوى التغييرية هو ميشال دويهي يُعدّ عنصراً مُساعِداً في عدم تبني إسم معوض.

في المقابل كانت «القوات اللبنانية» تبحث منذ مدة بعد سلسلة لقاءات واتصالات بينها ومعوض في إمكان تبنّيه كخيارٍ رئاسي، ولا سيما أن الاسم الاكثر تَداوُلاً في جانب قوى 8 آذار هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ما يضع قيادييْن من زغرتا في مواجهةٍ رئاسية.

النائب الزغرتاوي الدمث، المبستم دائماً، المُعارِض والمستقلّ يتقدم إسمه مرشحاً لرئاسة الجمهورية. هو إستحقاقه الأول على هذا المستوى الرفيع، فهل يكون إسمه مرشحاً للمفاوضات أم يبقى مرشحاً نهائياً لمعركةٍ يستمرّ إيقاعها طويلاً؟

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى