الدولار يعود إلى الأرقام القياسية..و الحل سياسي !
متجاوزًا “الذروة” التي سبق أن وصل إليها، عاد سعر الدولار إلى “التحليق” في السوق الموازية، ليسجّل أرقامًا قياسيّة غير مسبوقة أمام العملة الوطنية، على وقع “انتفاضة المودعين” التي جُمّدت بفعل قرار إقفال المصارف لثلاثة أيام، معطوفةً على “الشلل” الذي تشهده البلاد على أكثر من صعيد، بانتظار إعادة تحريك الملف الحكومي، بعد عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من الخارج.
فإلى أدنى مستوياتها على الإطلاق منذ بدء الانهيار الاقتصادي الذي يصنّفه البنك الدولي على أنه من بين الأسوأ في العالم، وصلت الليرة اللبنانية في الساعات القليلة الماضية، بالتزامن مع زيارة وفد من صندوق النقد الدولي إلى لبنان، للاطلاع من المسؤولين اللبنانيين على مسار تنفيذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة، والتي يُخشى أنّها لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب، بسبب المناكفات السياسية التي لا تنتهي.
يقول العارفون إنّ كلّ مقوّمات “انتفاضة الشارع” متوافرة في ظلّ الوضع الحالي، ولا سيما مع “جنون الدولار” الذي عاد ليطغى على ما عداه من أحداث، والذي يستبعد كثيرون إمكانية وضع حدّ سريع له، في ظلّ ازدياد الطلب على الدولار، ولا سيما بعد رفع المصرف المركزي الدعم عن المحروقات الأسبوع الماضي، في آخر “جولات” رفع الدعم التي شملت بصورة تدريجية الكثير من السلع الرئيسية والمواد الحيوية.بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ “انتفاضة المودعين” هي جزء عن هذا المشهد، بمعزل عن بعض “التحليلات” التي ذهبت لاعتبار حراكهم “منظّمًا وغير بريء”، إلا أنّ احتمال “العفوية” يبقى واردًا على خطّه، خصوصًا في ضوء أزمة السيولة الحادة، ولا سيما بعدما نجحت بعض “الاقتحامات الفردية” للمصارف التي حصلت في الفترة الأخيرة في إحداث “خرق”، تمثّل في استعادة البعض لأجزاء من ودائعهم، ما جعل الآخرين يحذون حذوهم، لعلّهم ينجحون بدورهم في “تحرير” أموالهم.وبغضّ النظر عمّا إذا كانت هذه “الانتفاضة”، إن صحّت التسمية، ستستمرّ بعد الخميس، أم أنّها ستتوقف، بفعل “الحملات” التي أصابتها، وذكّرت كثيرين بـ”تخوين” ناشطي “17 تشرين” في مكان ما، فإنّ “انتفاضة الشارع” قد تكون احتمالاً أكبر بحسب المتابعين، الذين يقولون إنّ الناس ما عادت قادرة على الصمود أكثر، خصوصًا أنّ كل التوقعات تشير إلى أنّ مواصلة الدولار “جنونه” ستترجم تضخّمًا مضاعفًا في الأسعار، قد يجعل الاحتجاجات أمرًا واقعًا.
رغم ذلك، فإنّ “العين” تبقى مشدودة بالدرجة الأولى على الواقع السياسي، الذي قد يكون وحده قادرًا إما على “تسريع الخطى” نحو مثل هذه الانتفاضة، إذا ما استمرّ الشلل، ومعه الغموض غير البنّاء في مقاربة مختلف الاستحقاقات، وهو ما يخشى كثيرون أن يتحوّل إلى “فوضى عامة”، أو على “فرملته” بعض الشيء، إذا ما نجحت القوى السياسية في إرساء حدّ أدنى من الاستقرار، وهو ما يفترض أن يترجم سريعًا في تشكيل الحكومة وانتخاب الرئيس.