تابعوا قناتنا على التلغرام
عربي ودولي

موسكو تبتعد عن إسرائيل وتتقرّب من “حماس” !

لم تكن زيارة وفد حركة “حماس” بقيادة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية قبل أيام إلى موسكو، هي الزيارة الأولى، ولا يبدو أنّها ستكون الأخيرة، لكنّ هذه الزيارة بالتحديد، تأتي في توقيت إقليمي ودولي دقيق، في أعقاب تراجع الدفء في العلاقة بين موسكو وتل أبيب، على خلفية ملفات عدّة.

المعلومات تكشف أنّ زيارة وفد “حماس” تأجّلت أكثر من مرة بطلب من موسكو، التي كانت تترقّب الموقف الإسرائيلي من الحرب الأوكرانية فيما يبدو. لكن هذا الموقف بقي رمادياً في مراحله الأولى، ثمّ مع الوقت بدأ يتحوّل شيئاً فشيئاً، ويميل لصالح الولايات المتحدة.. وهذا ما دفع بوزارة الخارجية الروسية إلى استقبال وفد “حماس”، متخطية بذلك حكومة اليمين الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، وتبعات “اتفاقية أوسلو” المجمّدة بفعل الأمر الواقع وبفعل التصلّب الأمريكي.

لمن يذكر، فإنّ الحركة كانت من بين المرحّبين الأوائل بالحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا. وفي حينه، اعتبرت الحركة أنّ الحملة الروسية هي “بداية لنهاية الهيمنة الأمريكية” على العالم، و”تأسيس لعالم متعددة الأقطاب”، وذلك بحسب مسؤول العلاقات الدولية في الحركة موسى أبو مرزوق، الذي سبق له أن زار موسكو خلال شهر أيار/ مايو الماضي، وأكد من هناك أنّ هذه الحرب تدشن مرحلة جديدة أمام الشعوب المظلومة للتحرّر من استغلال النظام العالمي القديم، وأن ذلك سيكون انعكاسه “أفضل على الشعب الفلسطيني”.

هذا الموقف ساهم في التقارب أكثر فأكثر بين موسكو و”حماس”، التي تعلم أنّ زعيم الكرملين يملك حسابات، منها الداخلي والخارجي، وأن هذه الحسابات هي ما دفع باتجاه احتضان الحركة في أوّل حوار سياسي رسمي مباشر بينهما.

على المستوى الخارجي، تسعى موسكو إلى لعب دور دولي- إقليمي، يرمي إلى استعادة “عالم متعدد الأقطاب”، ولهذا تعمل على تعزيز الأواصر مع دول ومنظمات مناوئة للولايات المتحدة ولإسرائيل. ولهذا ترى الحركة أنّ ما يحصل اليوم مع موسكو هو فرصة قد لا تتكرّر من أجل كسب حاجة روسيا إلى مقارعة الإدارة الأمريكية في أكثر من مكان وأكثر من ملف، مستفيدة من التباعد الروسي- الإسرائيلي، الذي بدأ يُنبئ بأنّ العلاقة بين البلدين تسير على حبل يوشك أن ينقطع، أو ربّما يظلّ على حاله بين شد وجذب، لكن قد يصعب تمتينه مستقبلاً، وذلك لاعتبارات عدة، تلخصها المعلومات المستقاة من الأوساط الروسية بالمحطات التالية:

1- اقتراب تل أبيب إلى تبني وجهة نظر واشنطن الخالصة، في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، وذلك من خلال دعواتها إلى موسكو المتكررة إلى وقف الحرب والأعمال العدائية. شكّلت هذه الدعوات صدمة للقيادة الروسية، التي اعتبرت أنّ صدورها ممن “استخدم القوة ضد السكان المدنيين” في الداخل الفلسطيني وفي لبنان وسوريا، في منزلة “النفاق غير المحدود”، مؤكدة في الوقت نفسه أنّ العملية العسكرية في أوكرانيا تنطلق من مبدأ حماية أمن روسيا القومي، وهي “مستمرة”.

2- انخراط إسرائيل بشكل جدّي في الحرب ضد روسيا، من خلال المشاركة في مدّ كييف بالسلاح سرّاً عبر دولة وسيطة، إذ يُتردّد أنّ إسرائيل زوّدت أوكرانيا بالفعل، وبشكل سرّي، بنظام دفاعي ضد المسيرات (على الأرجح ضد المسيرات الإيرانية) عبر بولندا.

3- سعي تل أبيب الحثيث إلى أخذ مكان روسيا في مجال ضخّ الغاز الطبيعي للقارة الأوروبية، وخصوصاً من خلال حقل “كاريش”، حيث تسابق الوقت من أجل توقيع اتفاق بينها وبين لبنان لترسيم الحدود البحرية، تضمن إسرائيل بموجبه استخراج الغاز الطبيعي من البحر وتصديره إلى الدول الأوروبية في أسرع وقت ممكن.

4- تباين وجهات النظر بين إسرائيل وموسكو حول إدارة الساحة السورية، خصوصاً بعد الامتعاض الروسي من تكثيف الغارات على مواقع تعتبرها روسيا حيوية، ولا تتطابق مع قواعد الاشتباك المتفق عليها بين الطرفين في عملية احتواء الوجود الإيراني على الأراضي السورية.

5- قرار السلطات الروسية قبل أشهر بتصفية مكتب التمثيل اليهودي في روسيا “سخنوت”، الذي ارتكب بحسب أوساط موسكو “فشلاً منهجياً” في الامتثال لأحكام القوانين الفيدرالية الروسية، وخصوصاً في مجال حماية البيانات والمعلومات الشخصية للمواطنين الروس.. وكان الشرارة التي أطلقت الخلاف إلى العلن بين الدولتين.

من وجهة نظر روسيا، فإن أيّ شخص أو هيئة موجودة على الأراضي الروسية، إن كان من بين مواطنيها أو كان أجنبياً، هم “ملزمون بالامتثال للقوانين الروسية”، أمّا إذا انتهكها طرف من هؤلاء فإنه سيتعرض للعقوبة، التي قد تصل إلى حدّ الطرد مثلما حصل مع المنظمة اليهودية.

وقد سبق لموسكو أن دعت إسرائيل إلى عدم التهويل بهذا الملف، وعدم ربطه بكامل العلاقات الروسية- الإسرائيلية، لأنّ العلاقات بحسب موسكو “متعددة الأوجه”، على الرغم من إصرار تل أبيب على تصويره عبر الإعلام بأنه “فعل مسيّس”.

كل هذه الأسباب أدت إلى تسعير المناكفات بين موسكو والحكومة اليمينية في إسرائيل، وقد فتحت الطريق في المقابل، أمام دفء مستجدّ مع كل من يكنّ العداء للكيان الصهيوني، ومن بين هؤلاء طبعاً: حركة “حماس”.. وربّما غيرها مستقبلاً، من يدري؟

المصدر : عماد الشدياق نقلاً عن “عربي21”

Nour
Author: Nour

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى