ثمانية أشهر تفصلنا عن واقع جديد للبنان!
كتب أنطوان الفتى في “أخبار اليوم”:
هل يكفينا أن ننتظر انتخاب رئيس للجمهورية، يكون قادراً على أن يلعب على التقلّبات، والخلافات، والاتّفاقات الأميركية – الإيرانية، وعلى أن يتمايل على الحبال الإيرانية – السعودية، والأميركية – الخليجية، والأميركية – الروسية – الإيرانية – الخليجية؟
“مقبول”
وماذا عن الحاجة الى رئيس، يمتلك القدرة على إقناع كبار رجال المال والأعمال في البلد، بإعادة ولو 2 أو 3 أو 5 أو 10… في المئة من نسبة أموالهم المحوَّلَة الى الخارج قبل سنوات (رغم أن تحويلها الى الخارج كان مشروعاً في مكان ما، نظراً الى إمكانية اهتزاز الاستقرار السياسي والأمني بأي وقت في البلد)، الى الداخل اللبناني، وبالاستثمار، وتأسيس ولو بعض الأعمال في لبنان من جديد، بما يحرّك “الكربجة” العامة التي أصابت البلد، منذ أواخر صيف عام 2019؟
فهذه، إن فعلها بعض “كبار” أبناء البلد، لن تطالها العقوبات الأميركية بالضّرورة، وهي قادرة الى جانب الإصلاحات، واتّباع برنامج مع “صندوق النّقد الدولي”، أن تؤسّس لإقلاع “رئاسي” مقبول، لأي “عهد” رئاسي جديد.
انهيار كامل
أكد مصدر واسع الاطلاع أن “طيفاً من التشاؤم يُحيط بمستقبل لبنان، من الآن ولغاية ما بعد عام تقريباً، أو ثمانية أشهر بحدّ أدنى، وهي المدّة الزمنية التي تفصلنا عن الانهيار الكامل للبنان”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أنه “رغم الحاجة الى انتخاب رئيس جديد، والى تشكيل حكومة، إلا أن هذه الاستحقاقات ما عادت مهمّة بحدّ ذاتها لإعادة إحياء المؤسّسات. فالدولة اللبنانية ومؤسّساتها انحلّت، وسط غياب المجتمع الدولي المُنشغل بمستقبل أزمة الطاقة والشتاء في أوروبا، وبالنتائج العامة للحرب الروسية على أوكرانيا، وبسلميّة أو عَدَم سلميّة الأنشطة النووية الإيرانية، وبمستقبل الصراعات الأميركية – الصينيّة في آسيا”.
تسوية
وشدّد المصدر على أنه “عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان، في عام 2020، طالب حكامه بالتنحّي قليلاً، وبإعطاء البلد فرصة مدّتها ستّة أشهر، عبر “حكومة مهمّة”، إفساحاً في المجال أمام المجتمع الدولي ليعمل فيه. ولكن لا أحد من السياسيّين اللبنانيّين وافق على المُقتَرَح، فيما يتّضح لنا اليوم أن طلب ماكرون لم يَكُن كلاماً آنذاك، بل أقرب الى تنبيه وتحذير من انهيار غير مضبوط، بدأنا نعيشه أكثر، في كل القطاعات، منذ العام الفائت”.
وأضاف: “انتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة، وإعادة استنهاض المؤسّسات، ما عادت خطوات فعّالة تماماً للبنان، إلا إذا نجحنا بمرافقتها بامتداد دولي. فكل القطاعات والمؤسّسات ومقوّمات الدولة انحلّت، بالتربية، والصحة، والكهرباء، والمياه… ما عدا الجيش اللبناني، الذي لا يزال يحظى بدعم دولي. لماذا؟”.
وأوضح: “سبب حَجْب المساعدات الدولية عن كل القطاعات المُنهارة في لبنان، بموازاة الاستمرار في مساعدة الجيش، حتى الساعة، يعود الى معرفة الجميع بأن لبنان ما عاد قابلاً للحياة، وبأنه يقترب من مرتبة الدولة الفاشلة بالكامل، فيما ينتظر كل من في الخارج لحظة الانهيار التامّ الآتي، لإخضاع البلد للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبما أن زمن “الانتدابات” الماضية انتهت، بموازاة عَدَم رغبة أكبر الدول بإرسال جيوشها للانخراط في مهام “انتدابية” خارج حدودها، يعمل المجتمع الدولي على دعم الجيش اللبناني، وسيدعمه أكثر في المستقبل، بمستشارين أجانب في كل القطاعات، حتى المدنيّة منها مثل المالية، والاقتصادية، ليستلم البلد، نظراً لفشل الطبقة السياسية في كل شيء. وهذه هي التسوية الباقية للبنان”.
توازنات
وأشار المصدر الى أن “حزب الله” لن يرفض تلك التسوية، التي سترتكز على قاعدة دخوله الى الدولة أكثر، وعَدَم ذوبانه فيها، مع الاحتفاظ بسلاحه في إطار اتّفاق معيّن يحفظ وجوده، وما يريده، ضمن مرحلة أولى قد تمتدّ لخمس أو ستّ سنوات، تنتهي بنهوض المؤسّسات اللبنانية من جديد، وبإعطاء “الحزب” الضمانات التي يريدها داخل الدولة، وهي من مستوى تكريس وزارات، وبعض المناصب داخل الدولة، للشيعة، بالدّستور، وليس بحُكم الأمر الواقع أو التسويات، كما هو الحال اليوم”.
وختم: “الولايات المتحدة الأميركية لا تريد تحجيم الميليشيات الإيرانية في المنطقة حتى النهاية، وبالكامل، لكونها تخاف من الامتداد الإرهابي للتنظيمات السنّيّة و”الدّاعشيّة”، وهي تريد ترك قوةّ مقابل أخرى، للحفاظ على توازنات إقليمية معيّنة”.